عندما تنهش الجرذان جثة مدينة بنسليمان لتحتضر في صمت المنتفعين

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في مشهد يثير الأسى والحسرة، تتراجع مدينة بنسليمان، عاصمة الإقليم، يوماً بعد يوم لتصبح أشبه بقرية منسية على هامش الخريطة. فالمدينة التي كان من المفترض أن تكون منارة للتنمية المحلية، تغرق اليوم في مستنقع الإهمال والفساد الإداري.

ومن المفارقات المؤلمة أن الحراك السياسي والإعلامي الوحيد الذي شهدته المدينة مؤخراً لم يكن بسبب تدهور البنية التحتية، ولا تراجع الخدمات الأساسية، بل كان حول قضية توزيع المنح على الجمعيات. فجأة، استيقظت الأحزاب والنقابات من سباتها العميق، وتدفقت البيانات والتظلمات كالسيل الجارف، لكن ليس دفاعاً عن المصلحة العامة، بل سعياً وراء المكاسب الشخصية.

وتتجلى المفارقة الصارخة في أن هؤلاء “الغيورين” على المال العام لم يحركوا ساكناً حين تحولت شوارع المدينة إلى متاهات من الحفر والأوساخ. لم نسمع أصواتهم حين تراجعت الخدمات الصحية والتعليمية. لم نقرأ بياناتهم حين استشرى الفساد في مفاصل الإدارة المحلية.

إن المنطق السائد اليوم في بنسليمان هو “أنا ومن بعدي الطوفان”. فالذين يهددون اليوم بمقاضاة المجلس البلدي بسبب حرمانهم من المنح، لم يفكروا يوماً في مقاضاته على إهمال المدينة وتركها تغرق في الفوضى والعشوائية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: أين المجتمع المدني الحقيقي؟ أين الصحافة الوطنية والمحلية من هذا التدهور المريع؟ لماذا يصمت الجميع عن هذا الموت البطيء لمدينة كاملة، ولا يتحركون إلا حين تُمس مصالحهم الشخصية؟

إن مدينة بنسليمان اليوم تختزل في وضعها المأساوي قصة مدن مغربية كثيرة، حيث يتحول العمل السياسي والجمعوي من أداة للتنمية والتطوير إلى وسيلة للارتزاق والمنفعة الشخصية. وما لم يستيقظ الضمير الجمعوي، وما لم تتحرك النخب المحلية بدافع المصلحة العامة، فإن المدينة ستواصل انحدارها نحو القاع.

فهل آن الأوان لإنقاذ بنسليمان؟ أم أن المصالح الشخصية ستظل أقوى من مصلحة المدينة وأهلها؟ السؤال برسم كل الغيورين الحقيقيين على مصلحة هذه المدينة المنكوبة.​​​​​​​​​​​​​​​​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!