بقدر ما ترتفع نسب الأمية و الجهل..بقدر ما يرتاح الحاكم

المصطفى الجوي
المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

تعدُّ القراءة من أهم العادات الثقافية التي تساعد على تطوير الذات وزيادة المعرفة والثقافة العامة، ولكن يبدو أن هناك فئة من الأمة لا تعطي القراءة الأهمية اللازمة، وهم من يقرأون فقط عند الضرورة، ولا ينتظمون في قراءة كتب أو مقالات بانتظام. ويمكن أن يكون ذلك بسبب الضغوطات اليومية التي يعيشونها أو بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن القراءة ليست أمراً ضرورياً لحياتهم.

على الرغم من ذلك، فإن أهمية القراءة لا يمكن إنكارها، إذ تساعد على توسيع الأفق وتحسين الكفاءة اللغوية، كما أن القراءة تمنح الفرد الفرصة للتعلم والتطوير، سواءً كان ذلك في الجانب العلمي أو الأدبي، وتؤثر إيجاباً على النمو الشخصي وتعزز الثقة بالنفس.

من الواضح أن عدم الاهتمام بالقراءة يمكن أن يؤثر على الفرد بالشكل السلبي، فقد يفتقر إلى المعرفة والثقافة العامة، وبالتالي يجد صعوبة في التواصل مع الآخرين وفهم مختلف الثقافات والآراء. بالإضافة إلى ذلك، فإن القراءة تعزز الذاكرة والتركيز، وتحافظ على صحة الدماغ وتعزز العملية الإبداعية.

لذا، يجب أن نحث هذه الفئة من الأمة وخاصة المغاربة على القراءة، ونشجعهم على قراءة مختلف أنواع الكتب والمجلات والصحف والروايات، وذلك بتحفيزهم وتوفير الوقت الكافي للقراءة، وتذكيرهم بفوائد القراءة المذكورة سابقاً. فالأرقام صادمة ومخيفة للأسف الشديد، فقد أكدت إحدى التقارير على أن الأرقام المتداولة حول ما يعتبره البعض “أزمة قراءة” أو “فجوة قراءة”، هو أن متوسط معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى “ربع صفحة” للفرد سنويا، وأن المواطن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويًا كما ورد في تقارير التنمية الثقافية العربية.

لكن الحقيقة والواقع أن أمة إقرأ لا تقرأ، فهل نضحك أو نتظاهر بالضحك طبعا لأنه من العجب أن أمة “إقرأ” لا تقرأ ، هذا الأمر أو هذه الفضيحة ليست عيبنا الوحيد ، فنحن أهل نفاق أخلاقي بامتياز ، سأفاجئك بأن الرجل العربي بصفة عامة و المغربي بصفة خاصة ليس شرقيا جدا أو حتى ملتزما عندما يهاجر إلى أوروبا ، فهو مستعد تماما ليصبح “أوروبيا” بما تعنى الكلمة من معنى ، أن يتزوج بشقراء لمجرد الحصول على “الأوراق” ، أن يتقاسم النظرات و أشياء أخرى حول إمرأة فاتنة واحدة ، أن يتعايش مع صعلوكة غربية سكيرة “ذنبها” أنها قادرة على أن تصنع منه مهاجرا شرعيا و “ذنبه” أنه ولد في وطن لا يعترف بأبنائه الشرعيين ، و نحن كمغاربة شعب مبهور بالغرب حتى أن هناك من يظن أنه لو غادر الوطن سيجد عالما “آخر” يشبه ما في التلفزيون ، عالما آخر يعطى الحرية بدون حساب ، يعطى المال بدون حساب ، يعطى حب الحياة بدون حساب .

حقيقتا نحن نتحدث عن الوطن بشيء من الكراهية و الشماتة وبكثير من الجفوة ، فحكوماتنا الفاسدة و المتعاقبة على تجهيل الشعب المغربي نزعوا من المواطن أو انتزعوا بالقوة و بالهرسلة الإعلامية التي تم اختراقها من قبل الرويبضة و بالتهديد و الوعيد ، كل مشاعر المواطنة و الانتماء ، و ما تبقى في العقول هو بعض “التاريخ” بدون جغرافيا ، و بعض الذكريات من الماضي ، و كثير من الرغبة في الهروب و الانتحار ، و الوطن بما فيه من تناقضات قبلية و مشارب فكرية سلفية محنطة لا يغرى بالمواطنة و لا يدفع إلى القبول بالمكتوب لان الإغراء الغربي قد تمكن من كل شيء فأصبح الهروب إلى بلدان الحرية و الديمقراطية قدرا محتوما و ملاذا لكل القانتين المنكسرين ممن لفحهم مناخ الشعارات الرنانة و خطب العويل الفارغة من كل مضمون ولو برمي أنفسهم إلى التهلكة.

لا أصدق من يتحدث عن العودة إلى الوطن ، سواء من باب الحنين الظرفى ، أو من باب التعبير المنافق عن حب الوطن ، و حتى و إن صدقنا هذه الكذبة الكبرى ، فمن رجع من هؤلاء العلماء إلى أرض الوطن و بنى و عمر و أنجز ؟ ، لذلك كيف نصدق أنهم يريدون الرجوع إلى وطن يكرههم و لا يريدهم وهمه الوحيد وضع يده في جيوبهم لإستخراج العملة الصعبة التي إختفت في ظروف غامضة، فالحكومات المغربية المتعاقبة يسرهم أن لا يرجع مثقف أو عالم أو مهندس ، فخير أمة يريدها الحكام هي أمة من الجهلة و الأميين ، و بقدر ما ترتفع نسب الأمية و الجهل ، بقدر ما يرتاح الحاكم ، و هم و لئن يشعرون طبعا بالغربة في بلاد العجم ، فهم مدركون أن غربة الوطن أقسى و أشد فظاعة ، و سواء حلموا بالعودة أو تمنوها في غفلة من الذكريات المريرة ، لا بد أنهم فكروا ألف مرة قبل الإقدام على هذه المغامرة ، لان الذكــريات الأليمة مع البرجوازية المتوحشة البيروقراطية المتسلطة و الرشوة و المحسوبية و هات بدون خذ ، الذكريات مع شراسة البوليس السياسي والقمع، و الرقابة و الرقيب الحسيب ، الذكريات مع السين و الجيم العنيف في زنازين الموت و الصمت ، كلها تقتل كل إحساس أو شعور بالوطنية أو المواطنة، لنه وبكل بساطة لنا الوطنية ولهم الوطن.

بطبيعة الحال ، لن نحاسب أحدا و لن نتجاسر على ذلك ، و بالطبع نحن لا ندرك كل الحقيقة التي دفعت هؤلاء إلى الهروب من الوطن ، و لا نفهم من دفع البعض إلى دخول السفارات الأجنبية “طلبا” للعمالة و الشغل المشبوه ، و من دفع إلى أن يرتمي البعض في أحضان المافيا يمتهنون بيع الحشيش و الكوكايين ، و من دفع البعض إلى أن يرتمي في أحضان العاهرات يبيع الممارسات الجنسية مقابل خرقة “بطاقة” إقامة وقتية تنتهي صلاحيتها بنهاية القدرة الجنسية أو برغبة العاهرة في “حيوان منوي” أفضل ، لكن السؤال ، متى تنتهي معاناة الشعب المغربي من حكام الصدفة و حكم الوراثة ؟ متى يصبح المغرب مكانا آمنا يجتمع فيه الجميع و يحميه الجميع ؟ أنملك كل هذه الثروات و يموت شباب المغربي في البحر و في المعتقلات الأجنبية ؟ أنأخذ الشهائد العليا و شهائد التشجيع لنصبح مجرد أرقام في إحصائيات البطالة ؟ أيموت شباب المغرب هكذا بحلمهم و علمهم و طموحهم في حين تلقى الملايين على “قارعة” الملاهي الليلية و صالات القمار ؟ ثم هل كل هذه الوثائق التي دفعنا فيها دم القلب كما يقال لإثبات الهوية و الجنسية و نوع الدم و درجة العلم و قضاء واجب الجندية و العلم ( بفتح العين و اللام ) إلى غير ذلك من الأوراق “الثبوتية” مزورة بعد أن أصبحت بلا فائدة و لا تقضى الحاجة ؟ هل هؤلاء المغاربة مغاربة فعلا أم نحن شعب يشبه كثيرا أطفال الأنابيب ولدنا فقط لنكون قطيعا يساس ليطيع ، و يضرب ليستكين ؟ هل أن هذا الوطن الذي يقول عنه التاريخ أنه وطن الحضارة لا يتسع لمن ولدوا فيه ليعيشوا من خيراته و ينتمون إلى مستقبله ؟ صدقوني ، ما عاد هذا الوطن يشبه وطني.

في الختام ، نرى أن القراءة هي عادة ثقافية مهمة يجب أن نحافظ عليها ونشجع على اتباعها. فالقراءة تساعدنا على التعلم والتطور الشخصي، وتمنحنا الفرصة للاطلاع على آراء مختلفة وتوسيع آفاقنا الثقافية والفكرية. وعندما يتبنى الأفراد القراءة كعادة يومية، سيكون لذلك تأثير كبير على مستقبلهم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي الذي بات يحتكره حفنة من الوصوليين و الانتهازيين للنيل من شرفاء هذا الوطن وتهجيرهم أو سجنهم.

لذلك، فإننا ندعو الجميع إلى تحدي الأمة القارئة والعمل على تشجيع القراءة والاهتمام بها، وذلك من خلال توفير الوسائل اللازمة للتعلم والتحفيز على القراءة، والقطيعة مع التفاهة والتافهين سواء كان ذلك عن طريق الكتب التقليدية أو الإلكترونية أو حتى الصوتية. فنحن بحاجة إلى جيل جديد غير تافه من الأفراد الذين يحبون القراءة ويحترمونها كعادة ثقافية مهمة وضرورية لتطوير الذات والمجتمع بأكمله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!