قصة الحجاج بن يوسف الثقفي وهند بنت المهلّب

الحجاج بن يوسف الثقفي وهند بنت المهلب

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

‏ما سنتطرق له اليوم هي حكاية جميلة كجمال بطلتها، قصة كيد النساء وإن كيدهن عظيم. سأروي اليوم قصة كيد الحسناء هند التي تزوجها الحجاج بأمر من الحاكم..فجعلته يطلقها ببيت من الشعر. ثم يقودها عروساً للخليفة..

أعجب الحجاج بن يوسف الثقفي بهند بنت المهلّب، وتزوجها رغم أنها لم تكن راضيةً تماماً على الزواج به، إذ أن الحجاج بن يوسف عندما ذهب لخطبتها طلب من الخليفة عبد الملك بن مروان أن يكتب لوالدها كتاباً كي يزوجه هند.

وعندما ذهب الحجاج بكتابه للمهلب، علمت هند بالأمر، وهي لم تكن راضية، لكنها لم تكن تستطيع هي ووالدها على رفض كتاب الخليفة، فطلبت من الحجاج تمزيق الكتاب ثم قبلت بالزواج منه.

بعد عام واحد من الزواج بينهما، كانت هند تقف أمام المرآة، وتردد أبياتاً من الشعر، تعبر فيها عن مدى إعجابها بجمالها، ومدى كرهها للحجاج، وقد رأته في المرآة يسمع ماتقول، لكنها تابعت أبيات الشعر الشهيرة التي قالت فيها :

وما هند إلا مهرةٌ عربيةٌ..سليلة أفراسٍ تحللها بغل

فإن أتها مهر فلله دره..وإن أتاها بغل فمن ذلك البغل.

وحين أنهت أبيات الشعر، غضب الحجاج غضباً شديداً، وتوجه إلى أحد خدمه وقال له، اذهب إلى هند وبلغها أني طلقتها بكلمتين فقط، وأعطاه مؤخر مهرها ليسلمها إياه.

وبالفعل، ذهب الخادم فقال لها: “كنت فبنت”، وقصد بهذه العبارة أنها كانت متزوجة وعلى ذمة الحجاج، وقد انحل الزواج وبان وأصبحت هي طالق.

ولشدة فصاحتها وفطنتها ردت عليه بقولها :

كنا فما فرحنا..فبنا فما حزنا

ثم أعطت الخادم مؤخر مهرها كاملاً، كمكافأة على “البشرى” التي قدم إليها بها، وهي انحلال عقدها مع الحجاج.

بقيت هند بعد ذلك مدة طويلة بدون زواج، إذ لم يتجرّأ أحد على التقدم لخطبتها وهي طليقة الحجاج بن يوسف الثقفي المعروف ببطشه وجبروته.

كي يتحقق لهند ما أرادت، أعلنت عن تقديم جوائز مالية كبيرة لكل شاعر يمتدحها في بلاط الخليفة عبد الملك بن مروان، وهو ما كان بالفعل.

إذ قام العديد من شعراء ذاك الزمان بمدح جمالها وذكائها أمام الخليفة، حتى أعجب بها عبد الملك، وقرر أن يتعرف عليها عن قرب.

وكتب عبد الملك إلى المهلب خاطباً ابنته، فردّت هند على طلبه برسالة قالت فيها : “بعد الثناء على الله والصلاة على نبيه محمد صل الله عليه وسلم، اعلم يا أمير المؤمنين أن الكلب ولغ في الإناء”.

ولا يقل عبد الملك بن مروان دهاءاً عن هند، ففهم ما ترمي إليه، ورد عليها بقوله : “قال رسول الله صل الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن بالتراب”.

فأجابت هند على رسالته : “بعد الثناء على الله والصلاة على نبيه محمد صل الله عليه وسلم، فإني لا أجري العقد إلا بشرط، فإن قلت ما الشرط؟
أقول : أن يقود الحجاج محملي إلى بلدك التي أنت فيها، ويكون حافي القدمين بلباسه الذي كان يلبسه قبل أن يصبح والياً”.

ولشدة إعجاب عبد الملك بن مروان بها، نفذ الشرط الذي طلبته، وأرسل إلى الحجاج يأمره بما طلبت ولم يستطع الحجاج الرفض وفعل.

قاد الحجاج بن يوسف القافلة التي فيها هند، وفي تلك الأثناء أماطت الستار لترى الحجاج وضحكت كيداً له فقال هذا البيت من الشعر فيها :

فإن تضحكي يا هند رب ليلة..تركتك فيها تسهرين نواحا.

فردت هند عليه :

وما نبالي إذا أرواحنا سلمت..مما فقدناه من مال ومن نسب

المال مكتسب والعز مرتجع..إذا شفي المرء من داء ومن عطب.

وعندما انهت أبيات شعرها، قامت بإلقاء دينار على الأرض، وقالت للحجاج وقع مني درهم فأعطيني إياها، فرد عليها أنه دينار وليس درهم، فنطرت إليه نظرة كيدية فيها الكثير من التشـ.ـفي وقالت له : “الحمد لله الذي أبدلني الدرهم دينار”.

بعد وصول القافلة التي تقل العروس الجديدة للخليفة وجهازها إلى قصر الخلافة الذي كان يقيم فيه عبد الملك بن مروان، كان قد أعد وليمة للرجال، فتعمد الحجاج على أن يتأخر عنها، لذا لم يدخل بلاط الخليفة.

وعندما لم يجده الخليفة بين الناس، سأل عنه ثم أرسل في طلبه ليشارك بالوليمة، فردّ الحجاج بقوله : “ربتني أمي على أن لا آكل فضلات الرجال”. وهي إشارة إلى أن عبد الملك بن مروان سيتزوج من هند بنت المهلب بعد الحجاج الذي لم يكن راضياً عن ذلك الزواج لكن لا يستطيع أن يفعل شيئاً.

فهم عبد الملك ما أراده الحجاج، وبالفعل، لم يقترب من هند لعدة أيام وكان يكتفي بزيارتها، إلى أن بدأت هند تسأل في القصر عن السبب، فوصلها ما كان بين عبد الملك وبين الحجاج.

بعدما علمت هند بالأمر، فكّرت ودبّرت حلاً له، ثم أرسلت في طلب الخليفة عبد الملك بن مروان من أجل أن تراه، وما إن دخل عليها حتى قطعت عقداً من اللؤلؤ كانت ترتديه، ورفعت ثوبها كي تجمع حبات اللؤلؤ فيه.

‏عندما رفعت الثوب تبيّن لعبد الملك مفاتنها وحسنها، وجلست على الأرض تلمّ حبّات اللؤلؤ وهي

تقول : سبحان الله.

فقال لها عبد الملك : لم تسبحين.

فقالت : إن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك.

فقال : نعم.

فقالت : ولكن شاءت حكمته ألا يثقبه إلا الغجر.

فقال لها : صدقت والله، قبح الله من لامني فيك..ودخل بها.

اتمنى انكم استمتعتم بالقراءة..وارجوا انني أصبت بأختياري للقصة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!