جرائم الحرب ضد الحقيقة : قتل عائلة الصحفي وائل الدحدوح واستهدافه في خان يونس يكشفان عن تراجيديا استهداف الصحافة في غزة من قبل الصهاينة

الصحفي وائل الدحدوح

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في قلب العدوان وجرائم الحرب تتصدر فلسطين عناوين الخراب والدمار، حيث يمارس الجيش الإسرائيلي استهداف الصحافة بشكل ممنهج وعمداً في هذه المناطق الساخنة. يرفع العدوان الإسرائيلي شعار “الدفاع عن النفس” لتبرير جرائمه وانتهاكاته الصارخة، ولكن الحقيقة المرة هي أنه يستخدم الصحفيين كهدف تمثيلي لتغطية جرائمه وتشويه الحقائق.

وتعتبر الصحافة أداة فعالة للكشف عن الجرائم والانتهاكات، وهذا ما يجعلها هدفاً رئيسياً ومشروعا للقوات الإسرائيلية المحتلة في فلسطين. كما يتم استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام بشكل مباشر، إذ يتم قصف المكاتب الإعلامية وتدمير مرافق الصحافة، مما يمنع تداول الأخبار وتوثيق الجرائم التي يرتكبها الجيش الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم.

ليس ذلك فقط، بل يتم اعتقال الصحافيين ومنعهم من أداء واجبهم المهني، حيث يتم استخدام التضييق الأمني لتكميم أفواههم ومنعهم من نقل الحقائق إلى العالم الخارجي. وهذا يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وحرية التعبير التي يدعي العالم الديمقراطي أنه يدعمها.

إن استهداف الصحافة في فلسطين ليس مجرد هجوم على الأفراد، بل هو هجوم على الحقيقة نفسها. بحيث يهدف العدوان إلى إخفاء الحقائق وتشويه الواقع لصالح السيطرة على الرأي العام وتشكيل الرأي الدولي بما يخدم مصالحه السياسية.

يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذا العدوان الصارخ وأن يدين بشدة استهداف الصحافة في فلسطين. يجب أن يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وتقديمهم إلى العدالة كمجرمي حرب، وذلك لضمان حقوق الإنسان والحفاظ على الحقيقة كما هي، دون تحريف أو تشويه.

إن إستهداف الصحافة في فلسطين يمثل تهديداً حقيقياً للديمقراطية وحقوق الإنسان. فالصحافة تلعب دوراً حيوياً في إطلاق الضوء على الظلم والاضطهاد، وتوفير منصة للأصوات التي يحاول النظام القمعي تصفيتها. لإن إحباط جهود الصحافيين يؤدي إلى تحول الوضع إلى الأسوأ، حيث يستمر العدوان في الظلام، خارج نطاق الإدراك الدولي وربما بمباركة الشيطان الأكبر الرئيس الأمريكي جو بايدن.

على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة ويدين هذه الانتهاكات الخطيرة، وأن يضغط على إسرائيل لوقف هذا النهج القمعي الهمجي تجاه الصحافة والمدنيين. كما يجب فتح تحقيق دولي مستقل للتحقق من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، وتحديد المسؤولين وتقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية إن كان بالفعل هناك عدالة.

كما يجب على الجماعات الحقوقية والمنظمات الإنسانية العمل بشكل فعّال للدفاع عن حقوق الصحافيين والدعوة إلى وقف العدوان على الصحافة في فلسطين. حيث يتطلب الأمر توحيد الجهود الدولية لحماية حرية الصحافة وضمان أداء دورها الأساسي في نقل الحقيقة والإفصاح عن الظلم.

وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها الصحافيون في ظل هذا العدوان، يظلون قوة تحمل شعلة الحقيقة والعدالة. لإن الدعوة لحماية حقوق الصحافة في فلسطين هي دعوة للدفاع عن العدالة والإنسانية، ولضمان أن تظل أصوات الضعفاء قائمة وقوية في وجه القمع والظلم.

وبالتأكيد، يجسد القانون الدولي الحاجة الملحة لحماية حرية الصحافة وضمان سلامة الصحفيين، خاصة في المناطق الساخنة وخلال النزاعات المسلحة. يُعَدُّ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من الأدوات القانونية التي تشير إلى التزام الدول بحماية حقوق الصحافيين في سياق النزاعات المسلحة.

في إطار القانون الدولي الإنساني، يُنص العديد من الأحكام على حماية الصحافيين والعاملين في ميدان الإعلام خلال النزاعات. مثلاً، المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف تنص على ضرورة احترام وحماية الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، وتشمل ذلك الصحفيين والمدنيين.

وأيضاً، يُشدد على ضرورة عدم استهداف الأشخاص الذين يقومون بمهام صحافية، ويُحظر بشدة استهداف المرافق الإعلامية. يتعين على الأطراف المتحاربة احترام حياة الصحافيين وعدم التسبب في إصابتهم أو قتلهم.

ومن جانبه، يكرس القانون الدولي لحقوق الإنسان حق الصحافة وحرية التعبير. المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تكفل “حق الحرية في الرأي والتعبير؛ ويشمل هذا الحق حرية البحث عن المعلومات واستلامها ونشرها والتعبير عنها بجميع وسائل الإعلام وبأي وسيلة تكنولوجية”.

كما يجب على الدول المتورطة في نزاعات مسلحة وحروب الاحتلال الالتزام بتلك الاتفاقيات الدولية وتكريس جهودها لحماية الصحافيين وضمان أدائهم لدورهم الهام في نقل الحقائق والتوثيق الدقيق للأحداث.

وفي سياق هذا التحليل، يتجلى مأساوية استهداف الصحافة بشكل صارخ في قصة المراسل الصحفي وائل الدحدوح، الذي أصبح رمزاً للقمع والظلم الذي يتعرض له الصحفيون في فلسطين. في حادثة مروعة، تم قتل عائلته بأكملها على يد الجيش الإسرائيلي المحتل، مما يبرز حجم الفظائع التي يمارسها الاحتلال بحق الأبرياء.

وائل الدحدوح، الذي كان يسعى لنقل حقيقة ما يجري في فلسطين بشجاعة وإخلاص، أصبح هو وعائلته ضحية لاستهداف عنيف، مما يعكس استخدام القوة الفتاكة بدلاً من الحوار وحق الشعوب في التعبير عن آرائها.

وفيما لا يزال يحاول وائل الدحدوح الصمود ومواصلة عمله الصحفي، يأتي الهجوم الأخير الذي تعرض له في خان يونس رفقة مصور الجزيرة سامر أبو دقة ليؤكد على أن الصحافيين لا يزالون يواجهون التهديدات والخطر الشديد في سعيهم لتوثيق الحقائق وتقديمها للعالم.

فرغم الظروف الصعبة، يجسد وائل الدحدوح إرادة الصحفيين في الوقوف أمام التحديات ومواصلة مساهمتهم في نقل الحقيقة. إن استمرار استهداف الصحفيين والمراسلين يشكل انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي ويستدعي تحقيقًا دوليًا فوريًا للكشف عن مسؤولي الجرائم وتقديمهم للعدالة.

هذه القضية تبرز أهمية توحيد الجهود الدولية للدفاع عن حرية الصحافة وضمان حمايتها في ظل النزاعات المستمرة، حيث ينبغي أن يكون العالم جمعًا في رفض أي أعمال عدوانية تستهدف الصحافة وتضرب في عمق القيم الإنسانية والديمقراطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!