وقفات ومسيرات إحتجاجية على المقاس

المصطفى الجوي
المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

جميل أن يكون لنا حس بالمسؤولية وتأثر فينا الصور والاخبار القادمة من الشرق الأوسط لما يتعرض له إخواننا الفلسطنيين جراء العدوان البربري الصهيوني عليهم.

جميل جدا أن تكون لنا مواقف أقوال لا افعال، فالقضية الفلسطينية هي قضية أمة باعت جزء منها سنة 1948 للصهاينة أطلق عليه أنداك إسم “النكبة”، حيث سلمت وإستسلمت كل الدول العربية للأمر الواقع، ولم يصحوا فيها الضمير العربي الى يومنا هذا، رغم تشريد الشعب الفلسطيني من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.

لكن دعونا تناقش الوضع بهدوء، أين هي هذه الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والمجتمع المدني مما يقع اليوم وما يتعرض له أطفال المغرب من إقصاء ممنهج من الدراسة؟ ولماذا لم يخرجوا للاحتجاج على ما يتعرض له أطفال المغرب من ضياع لمستقبلهم بسبب الإضرابات الوطنية لرجال ونساء التعليم؟ أم أن مستقبل أطفال غزة أهم من أطفال المغرب؟.

سيقول لي بعض “الفهايمية” انه لا يمكن الربط بين ما يقع في فلسطين مع ما يقع بالمغرب، لكني أقول لكم العكس هناك تشابه كبير جدا، فحرب إسرائيل مع حركة حماس والضحية الأطفال.

تماما كما في المغرب، فحرب الأساتذة مع وزارة التربية والتعليم والضحية الأطفال وجهان لعملة واحدة. لكنكم غير قادرين على التصدي لهذه الاضرابات لعدة إعتبارات من بينها وأهمها أن جل المؤسسين لهذه الهيئات والنقابات والجمعيات ينتمون لرجال التعليم ولا يمكن للرجل التعليم ان يقف ضد زميل له.

وفي مدينة بنسليمان نموذج حي، فهذه الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والمجتمع المدني لا نراها إطلاقا رغم مرور الإقليم بالعديد من المطبات، ورغم ما يتعرض له من إستحواذ مافيا على كل ثرواته، تبقى كل تلك الهيئات السياسية ومن معها تغير المنكر بقلبها وذلك أضعف الإيمان. بل لا تتجاوز شعاراتها أبواب مقراتها. فلماذا التضامن اليوم مع أطفال غزة وأطفالنا لا يدرسون؟ لماذا تتحركون في مسيرات ووقفات إحتجاجية وتتجاهلون ما تتعرض له الأسر من تهميش وإقصاء لأبنائهم من حقهم المشروع في التمدرس؟ أي إزدواجية هاته التي تعتمدونها في مناقشة الأحداث؟.

فما تعرض له الأهالي في غزة مرفوض ولن نقبله ولا نملك سوى الهتافات والمسيرات والدعاء، فمجلس الأمن والأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وحتى حكام العرب والمسلمين مجتمعين عجزوا عن انقاذ أطفال غزة ليس اليوم فحسب بل على إمتداد 75 سنة. فماذا أنتم فاعلون يا منظمي المسيرات والوقفات؟ يا من عجزتم عن تنظيم وقفة إحتجاجية واحدة ولو صامتة لما يتعرض له ابنائنا جراء الاضرابات الوطنية المتتالية لرجال ونساء التعليم.

أين هي بياناتكم الاستنكارية؟ أين هي تجمعاتكم السرية؟ هل أخرست ألسنتكم عن قول الحق؟ الاستاذ من حقه ان يعيش بكرامة وان تسوى كل مشاكله فالمعلم كاد ان يكون رسولا، لكن أين هي حقوق التلميذ؟ أليس من حقه هو الآخر ان يتعلم؟ أم أن جل ابناء رجال التعليم والميسورين لا يعترضهم هذا العائق، بإعتبار ان أبنائهم يدرسون في المؤسسات الخصوصية؟.

أرجو ولا أتمنى أن تكون للهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والمجتمع المدني في مدينة بنسليمان الشجاعة الكافية للخروج لشارع في مسيرات ووقفات إحتجاجية على الأوضاع المعيشية للمواطنين وعلى ما يتعرض له التلاميذ اليوم من حيف لحقهم ولحق أولياء أمورهم. لكني متأكد أنكم لن نقدروا ولن تكون لكم الشجاعة الكافية للقيام بمثل هذه الخطوة. يكيفكم التضامن والاحتجاج على أطفال بيننا وبينهم مسافات طويلة، نحن من باعهم وباع قضيتهم. لان القضية الفلسطينية تشكل بالنسبة للكثيرين مجرد أصل تجاري يتم استثماره.

في حين أن الجهاد الحقيقي والتضامن والوقفات والمسيرات كان حري بها ان تكون لصالح القضايا الداخلية، موجهة ضد ما تقوم به حكومة أخنوش من اجهاز على مكتسبات المغاربة ومستقبل أبنائنا. فأين أنتم من صفقة تحلية مياه البحر التي أخذها رئيس الحكومة لنفسه؟ وأين هي وقفاتكم من الجهاز على صندوق المقاصة؟ ولماذا لم تخرجوا الشارع العام احتجاجا على قانون المالية الجديد والذي سيتم إنزاله وتطبيقه شهر مارس 2024؟.

مرة أخرى أقول رأي المتواضع، ما تقومون به لا يعدوا ان يكون زوبعة في فنجان، لأن همومنا كمغاربة أكبر من وقفة تضامنية أو إحتجاجية مع أطفال غزة، لأن لنا أطفال وقع عليهم الاعتداء بسبب الإضرابات الوطنية المتكررة. ومع ذلك لم ينصفهم أحد، ولم تخرج لا هيئات سياسية و لا نقابية ولا حقوقية ولا مجتمع مدني لإنصافهم والوقوف إلى جانبهم بل كلهم إبتلعوا ألسنتهم والله المستعان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!