بأية حال عدت يا قمة العرب..بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيك اليوم تَجديدُ

المصطفى الجوي
المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

أيها العرب، أين الضمائر؟ أين الشرف الذي نتحدث عنه بكل فخر ونحن نتمتع بريادة الإنسانية؟! لقد أصبح التخاذل العربي والصمت المطبق تجاه معاناة شعب غزة أمرًا لا يُطاق. إنها مأساة إنسانية تتطلب تضافر الجهود والتصدي للظلم الذي يُركبه العدو الصهيوني.

منذ أزيد من شهر، تتعرض غزة لهجمات وحشية وهمجية، وينزف شعبها الفلسطيني بصمت وحُقوقه يتم نزعها بلا رحمة. وماذا يفعل العرب؟! يتفرجون وكأن الأمر لا يعنيهم، كأن الصمت يقيهم من غضب الله والتاريخ. هل ننتظر حتى تتحول أنظار العالم إلينا بصدمة أكبر لندرك قيمة الوقوف بجانب الظلم المستمر في غزة؟!

لا شك أن التخاذل يشمل القيادات وحدها. ولا يمكننا إلقاء اللوم على الشعوب لأنها قامت بكل ما يلزم، وفوق طاقتك لا تلام فالاسلحة و الجنود العربية خلقت لإرهاب و ارعاب الدول العربية لشعوبها وليست موجهة لإسرائيل، هل ننتظر حتى نشعر بألمهم الذي يجتاحهم يوميًا؟ أم أن الصمت سيظل حاضرًا حتى يتم نسيانهم كما ننسى الأحداث الأخرى بسرعة؟ أم ان إسرائيل لها تفويض عربي للقضاء على حركة حماس لأنها تضع يدها في يد إيران و حزب الله وباقي القصة انتم تعرفونها.

الصمت العربي يزداد معاناته في ظل تطاول العدو الصهيوني واستمرار انتهاكاته للحقوق الإنسانية. ولا يبدو أننا نعتبر الأمر ضروريًا للدفاع عن إخوتنا في غزة، وكأنهم ليسوا جزءًا من هذه الأمة، وكأن الحقوق الإنسانية لا تنطبق عليهم. كما سبق وقال وزير دفاع الدولة الارهابية الاولى في العالم بأن الفلسطنيين حيوانات بشرية ومع ذلك لم يتحرك أي حاكم عربي للدفاع عن شرف إخوته الذي نعتوا بالحيوانات.

الوقت قد حان لكي ننهض ونقول بوضوح : كفى تخاذلًا، كفى صمتًا! يجب على العرب الوقوف صفًا واحدًا ضد هذا الظلم الصارخ. لا يمكن للقلوب العربية النبيلة أن تتجاهل صرخات الأطفال والنساء في غزة الذين يعيشون في ظل ظروف قاسية لا يمكن تخيلها لدرجة الابادة الجماعية. فالكيان الصهيوني يعيد تجارب المحرقة الالمانية و قتل الفرعون لكل طفل يهودي على شعب غزة.

أيها العرب، إنها لحظة الحقيقة، لحظة لاختبار قوة إيماننا ورفعة أخلاقنا. إنها ليست مجرد قضية فلسطينية، بل هي قضية إنسانية تتطلب منا الوقوف بكل قوة ضد الظلم والاستمرار في التحدث بصوت واحد حتى يُسمع في كل أرجاء العالم. فشعوب العالم الحر مع غزة وحكامهم مع قاتل الاطفال و النساء، فلا تنظموا إليهم أيها العرب المتخاذلون.

لأن التخاذل والصمت لن يأتيا بشيء إيجابي. إنما يجب علينا العمل بكل جدية وتصميم لدعم إخوتنا في غزة، وإظهار للعالم أننا لا نقبل بالظلم والاستبداد. لنتحد في وجه العدو، ولنقول بصوت عالٍ : كفى من التخاذل، فلنكن صوت الضمير في وجه الظلم! لأنكم بهذا الصمت وهذا الانبطاح سيطبق عليكم المثل القائل : “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.

تخاذل حتى في قممهم العربية والإسلامية : فقد الأمل في القيادات.

معاناة غزة لا تقتصر على الصراع العسكري الذي يعيشه أهلها يوميًا، بل تتعداه إلى تخاذل القادة العرب والإسلاميين في قممهم السياسية، حيث يبدو أن فقدان الأمل لا يقتصر على الميدان العسكري فقط، بل يمتد إلى مستوى السياسة والقرارات العربية والإسلامية.

في قمم الدول العربية والإسلامية، يظهر التخاذل بكل وضوح. هل يُفترض أن ننتظر تجمعًا عربيًا أو إسلاميًا ليتم التعبير عن التضامن مع شعب غزة؟ هل نراقب بصمت كيف يبدد القادة ثروات شعوبهم في ملهى للألعاب النارية بينما يُحرق شعب غزة في ملتهب الألم والدماء؟!

في قممهم الفاخرة، يتحدث الزعماء بلغات الوحدة والتكامل، ولكن الواقع المُرير يظهر أن هذه الكلمات لا تترجم إلى أفعال فعّالة. إن التصاهر والتحايل على القضايا الملحة، مثل قضية فلسطين وخاصةً غزة، يظهر بوضوح في قمم هذه الدول. هل يعقل أن تنشغل هذه القمم بأمور هامشية بينما شعوبهم تنزف؟

عندما تتعلق الأمور بالقضايا الإنسانية، يجب أن تكون القمم العربية والإسلامية مكانًا للعمل والتصدي للظلم والاستبداد. لكن الواقع يظهر أن هناك تخاذلًا حتى في هذه القمم المفترض أن تكون البيئة المناسبة للدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان.

لم يعد من المقبول أن يستمر الصمت العربي تجاه معاناة غزة. ولا يُمكن تبرير التأخير في اتخاذ إجراءات فعّالة والوقوف بجدارة في وجه العدوان الصهيوني. لإن القمم العربية والإسلامية يجب أن تكون وقفًا حازمًا وصوتًا قويًا يعبّر عن إرادة الأمة في مواجهة التحديات والدفاع عن المظلومين.لكن هذا هو الحلم العربي..أضغات أحلام.

فلننظر إلى قممنا بعيون الحقيقة، ولنطالب قادتنا بالتحرك بفعالية، وإظهار تضامنهم الحقيقي مع إخوتهم في غزة. إنه لحظة الحساب، حيث يجب على القادة أن يتحملوا مسؤولياتهم ويقفوا في وجه الظلم بكل حزم وقوة. إذا لم يكن هناك تحرك فوري، فسيكون ذلك تخاذلاً لا يمكن تبريره أو تسامحه في ظل مأساة غزة التي تتواصل وسط صمت مخجل. أو لتكون لديكم الشجاعة وتقولوا بصوت واحد : “فلسطين ليست عربية وغزة شيعية ونحن براء منهما”.

بيان القمة : كلام فارغ وصمت مخجل في وجه قوة الكيان الإسرائيلي

وكما تعلمون فقد عقدت القمة العربية الإسلامية اليوم في المملكة العربية السعودية بحلولها نهاية، ولكن ما هو البيان الختامي الذي ترتقبه الأمة بفارغ الصبر؟ للأسف، البيان سيكون فارغ المضمون، كما لو أن حكام الدول العربية والإسلامية اجتمعوا للتحدث عن أمور هامشية، وتجاهلوا تمامًا الأزمة الإنسانية والإجرام الذي يُرتكب في غزة.

ففي الوقت الذي كانت القمة تنعقد، كانت إسرائيل تمطر غزة بالقنابل والصواريخ وتجهز على ما تبقى من المنظومة الطبية والكرامة الانسانية، مؤكدة بذلك على قوتها المستمرة في مواجهة ضعف وتخاذل العرب والإسلامي. والصمت المطبق. فالبيان الفارغ يظهر وكأن القادة يعيشون في واقع موازٍ، حيث يغيب الوعي بالمعاناة والألم الذي يعيشه شعب غزة يوميًا.

ولنتساءل هل كان من الممكن أن يتحدث البيان الختامي عن التضامن الحقيقي مع شعب غزة؟ هل كان يمكن أن يتحدث عن التحرك الفوري للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية؟ كان من الممكن أن يكون بيانًا يعكس إدانة حقيقية وتهديدًا جادًا للكيان الإسرائيلي، ولكنه بدلاً من ذلك كان كلامًا فارغًا لا يلامس واقع الأحداث. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”، وبما أن إيمانكم ضعيف بقضيتنا، فيكفكم التضرع لله لينجي اهل غزة مما هي فيه.

وكما قلت، تزامن الاجتماع العربي الإسلامي في السعودية مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية يعكس بشكل صارخ ضعف الرد العربي والإسلامي على التحديات الكبيرة. لان قوة الكيان الإسرائيلي تظهر بشكل واضح في مواجهة هذا الصمت والتخاذل. وبالتالي لن يكون هناك تقدم حقيقي في حل القضية الفلسطينية إذا استمرت القمم في إصدار بيانات فارغة المضمون، بينما يستمر الشعب الفلسطيني في تكبد المزيد من الألم والمعاناة. يجب على القادة أن يعيدوا النظر في أولوياتهم وأن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الأمة وتجاه قضاياها العادلة، قبل أن يفوت الأوان ويكون البيان الفارغ هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن التخاذل والعجز وهو أضعف الإيمان.

صفقة الموت : قنابل ودولارات لإسرائيل وكفن لغزة وأهلها..حقيقة مرّة تثير الغضب وتطلق الجدل.

منذ عقود، يُظهر الدعم السخي الذي تحظى به إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها أن قوة العلاقات الاستراتيجية تُفضي إلى موازنة تتجاهل العدالة وتترك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحده. في حين تُزوَّد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة والملايين من الدولارات، يبدو أن الدعم الذي يصل إلى غزة هو كفن يُلقى على جثث الأبرياء وهو أضعف الإيمان.

تصاعد الاعتداءات على غزة يُظهر بوضوح كيف يتم تجهيز الجيش الإسرائيلي بالتقنيات والأسلحة الحديثة، التي تأتي بدعم مالي وعسكري سخي من الولايات المتحدة وحلفائها. في وقت تتعامل الدبلوماسية الأمريكية مع هذا النوع من الدعم كجزء من استراتيجية الأمان الإقليمي، دون مراعاة لحقوق الإنسان أو التزامات المجتمع الدولي تجاه الابادة الجماعية التي يعيشها اهل غزة المعزولين عالميا.

على الجانب الآخر، يجلب دعم العربي لغزة صورة مأساوية للوضع الراهن. فالكفن يُعد رمزًا مُؤلمًا للتضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في مواجهة الظلم والاحتلال. لكن هل يكفي أن يكون رمزًا؟ هل يُفهم العالم أهمية التضحية ويتحرك لوقف هذا النزيف المستمر؟

فالاختلاف الصارخ بين الدعم الأمريكي لإسرائيل والدعم العربي للفلسطينيين يلقي الضوء على التوازن الجغرافي والاقتصادي الذي يحكم الساحة الدولية. والسؤال الأمريكي الدائم يظل هو: هل يتمتع الحلفاء بامتيازات مختلفة تُبرر هذا النوع من الدعم؟

الحقيقة المؤلمة هي أن تلك الدعم الأمريكي لإسرائيل في مقابل الكفن العربي لغزة يُظهران عدم التوازن في التعامل مع الظلم. وبالتالي يجب أن تكون الدعوات إلى العدالة وحقوق الإنسان صوتًا عاليًا وواضحًا يُسمع في كل أرجاء العالم، مطالبين بوقف هذا الدعم اللاحقق والعمل بفعالية لتحقيق السلام والعدالة في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!