قتلة الأطفال العشرة المبشرين بالنار

قتلة الأطفال العشرة

المصطفى الجوي – موطني نيوز

اذا كان هناك من يتحمل مسؤولية سفك الدماء الجارية سواء في صفوف الفلسطنيين أو الصهاينة، فهو المجتمع الدولي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. لقد منح المجتمع الدولي الضوء الخضر للجيش الاسرائيلي ليفعل بالفلسطنيين مايريد، أمام صمت وضعف وتخاذل العرب.

وهذا له معنى واحد، وهو حرية إرتكاب جرائم الحرب. سترون بأم أعينكم القيم الغربية وهي تمطر مدنيي غزة الأبرياء بوابل من القنابل. سواء كانوا مؤيدين لحماس أو فتح أو حتى مدنيين، فهم سيموتون ويموتون بالآلاف. لإذن أين هي القيم الغربية هنا؟.

إذا كان هناك دم على يد أحد، فهو على أيدي من يقولون : “إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”، هذه ليست القصة كاملة، إنها ليست دفاعا عن إسرائيل. بل توسيعا لإسرائيل وتأسيس نظام فصل عنصري أشد خطورة مما حدث في جنوب إفريقيا.

تقول إسرائيل إنها تخوض حربا وجودية وقارنت ما فعلته ما فعلته حماس بـ “المحرقة” ليس هناك مقارنة على الإطلاق. من وجهة نظر فلسطينية، عليك أن تدرك بأن الإسرائليين يمارسون سياسة الأسياد وأحاب الأرض يتحكمون في جميع تحركاتهم. يتحكمون في كمية ما يأكلونه. يتحكمون بمن يتزوجون. وهي من تقرر من تهاجم.

هذه دولة معتادة على السيطرة الكاملة على نصف السكان. واليوم فقدت تلك السيطرة بشكل هائل، شخصيا أنا مذهول من بعض الأشياء التي حدثت. الصدمة التي أحدثها هجوم حماس والفقدان المفاجئ لثقة الإسرائليين برمز قوتهم. وهو الجيش وأجهزة الإستخبارات، لا يمكن تقديرهاـ حيث تحولت تلك الصدمة الأن إلى غضب. وتحول ذلك الغضب إلى رغبة شريرة و همجية في التفنن في قتل سكان غزة. هناك عمليات قتل جماعية تحدث كل ليلة في غزة.

نساء وأطفال مدفونون تحت الأنقاض. مشاهد مروعة تحدث هناك سلاح الجو الاسرائيلي يستهدف عمدا المباني والعائلات ويمحوهم بأسلحة دقيقة وهذا يحدث الآن لعائلة تلو الأخرى. لا أعتقد أن إسرائيل و خاصة جيشها يمكنهما إلقاء محاضرات عن الوحشية والهمجية، وخاصة ضد الأطفال. يحدث هذا طوال الوقت في ما يسمى السلام المستقر. حيث قتل عدد لابأس به من الأطفال هذا العام على ايدي جنود الصهاينة في الضفة الغربية.

يوآف غالانت وزير الدفاع الصهيوني المجرم العنصري، المسؤول الذي قال إن الفلسطنيين حيوانات بشرية، قال إن القوات القوات الإسرائيلية لن تحاسب على أي شيء تفعله. لذلك تم تمزيق كل القواعد السابقة، وبالتالي يسعى الكيان الصهيوني المجرم لقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطنيين العزل وعلى رأسهم الأطفال. وهذا بالضبط ما يسمح به المجتمع الدولي لإسرائيل. لقد منحوا نتنياهو الضوء الأخضر ووقتا غير محدود لشن غزو بري على غزة.

أطلقت حماس على هجومها إسم “طوفان الأقصى” بسبب الأقصى الذي يغزى ويهاحم طوال الوقت. القدس ليس ثالث أقدس مواقع الاسلام فحسب، بل إنه رمز وطني لفلسطين أيضا. هذه الأرض المقدسة يجري الإستيلاء عليها تدريجيا والغرب يسمحون لهم بفعل هذا مجددا، وهذا ما دفع حماس إلى أن تقول : طفح الكيل.

لكن هناك العديد من الأسباب الأخرى أيضا. إذا تخيلت أنك تعيش 15 عاما في سجن مفتوح، مع تقنين الكهرباء و الطعام مع وجود 60% من البطالة وهجمات متكررة للمستوطنين على القرى الفلسطينية تحت حماية الجيش فيما وصفه الإسرائليون أنفسهم بالمذابح، ومع إستحالة حل سياسي أو حكومة وحدة وطنية. وهذا كان مناسبا تماما لإسرائيل. وهذا هو الوضع الذي يواجهه الفلسطنيون.

ما فعله هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر 2023 هو القول : “آسفون، نحن هنا ولايمكنكم تجاهلنا”. وهنا تكمن المشكلة الرئيسية في عقيدة إسرائيل أن بإمكانها محو غزة، وبالفعل يمكنها ذلك. كما يمكنها قتل 10 ألاف أو 20 ألف مدني، لكنها حتما لا يمكنها قتل القضية الفلسطينية.

ماذا سيحدث لذكرى هؤلاء القتلى في أذهان جيل جديد سيندلع كالنيران الملتهبة بقوة خلال 20 أو 30 عاما القادمة؟ هذا هو التاريخ، وهذا ما حدث من قبل. تم سحق المقاومة المسلحة مرات عديدة. تم سحقها بإنتظام. فماذا حدث؟ الجواب طبعا، حماس الآن أقوى بكثير من نسختها السابقة. لذلك سيكون هناك دائما مهما كان الإسم عنصر قوي جدا من الفلسطنيين الذين يقولون أن السبيل الوحيد لتغير الوضع هو المقاومة المسلحة حتى يشاركوا في مفاوضات حقيقية واتفاق سلام وهدوء وتبادل للأسرى.

هناك سؤال جوهري يطرح نفسه بقوة، كيف نوقف العنف؟ نوقف العنف عبر عكس المسار، بإدراك أن الفلسطنيين بشر وليسوا حيوانات كما قال وزير دفاع الكيان الصهيوني. وأن المقاومة ستستمر سواء بحماس أو غيرها. مهما أطلقوا على أنفسهم، لن يسمحوا بأن يتم طردهم من أرضهم ولن تحدث نكبة أخرى. سيبقون هناك، مهما حدث، وسيموتون على تلك الأرض. المخرج الوحيد من هذا الطريق المسدود الذي وضعنا أنفسنا فيه هو التوقف عن منح إسرائيل الضوء الأخضر، وإرغامها على التفاوض مع حكومة وحدة وطنية فلسطينية ممثلة بشكل واسع بحيث تسمح للفلسطينيين بإنتخاب قادتهم. وترفع الحصار عن غزة و الضفة الغربية. وأنت تبدأ عملية مشاركة الأرض من النهر إلى البحر بين الشعبين. وهذا ما يجب فعله، على أن تدرك إسرائيل نفسها أن هذا لن ينتهي حتى يغيروا مسارهم بشكل جذري.

ختاما أريد أن أوضح بعض الأمور، المخطط الامريكي الاسرائيلي الذي يجري تنفيذ إحدى مراحله الآن لن تسلم منه دولة عربية. هذه الحشود من الجيوش وحاملات الطائرات، والغواصات، والبوارج، والاسلحة الفتاكة، والاسلحة النووية ليس من أجل علبة السردين “غزة” مخطط بدأ تنفيذه منذ جاء الغرب بنتنياهو إلى الحكم، وعلى مراحل. ومرة أخرى: {لن تسلم منه دولة عربية في الحاضر والمستقبل} ولكن Step by Step.

فصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أكدت في تقرير جديد أن إسرائيل تعمل خلف الكواليس مع دول كبرى لحشد الدعم الدولي لإجلاء الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر لأن عبد الفتاح السيسي هو هدية الله للشعب الاسرائيلي، ونقلت عن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تأكيد ستة دبلوماسيين كبار غير أمريكيين أن هناك خطة تقوم على إجلاء الفلسطينيين لشبه جزيرة سيناء، بشكل مؤقت حتى نهاية الحرب ضد حماس. والنهاية أنتم تعرفونها. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!