يوسف الشاروني – موطني نيوز
كان ياما كان، في قديم الزمان، فتاة جميلة اسمها زعفران، تعيش في قصر والدها ملك الزمان. وكانت ترفض الزواج من جميع الفتيان.. إلا من يستطيع أن يتحداها بذكائه، ويقدم لها لغزاً لا يكون لها دراية. واشتهر أمر زعفران في ربوع البلاد وسائر الوديان، فتقدم لها العديد من الشبان، لكنهم كانوا جميعاً يفشلون في تعجيزها بلغز لا تعرفه.
وذات يوم نزل عند عجوز السوء فقير إسمه سرحان، أقبل ساعياً ليفوز بقلب زعفران.
دخل سرحان مجلس ملك الزمان، وأبدى رغبته طالباً يد أبنته زعفران. فسأل ملك الزمان الفتى إن كا يعرف شرط عقد القران.. لغزاً لا يمكن للأميرة حله، ولا معرفة مضمونه وسره. فرد سرحان: – نعم أعرف يا مولاي ملك الزمان. – وما لغزك المحير إذن للعقول والأذهان؟
قال: عن رجل راكب أباه، ومتقلد أماه. وشارب لا من أرض الله، ولا سماه. وآكل حي من ميت.
وعندما انتهى من قوله سرحان، طلب من ملك الزمان، أن تكون أمامه مهلة يومان، يأتي بعدهما ليسمع الرد والبيان. وكانت زعفران من وراء الخدور، تسمع في المجلس ما يدور. ففكرت طويلاً في اللغز ومعناه، لكنها لم تتوصل إلى حله ومغزاه، وأدركت أن للغز حكاية، وأن في الأمر قصة ورواية. فبثت عيونها حتى عرفوا أن الفتى ينزل عند عجوز السوء.
وفي الحال أرسلت زعفران تستدعيها واتفقت معها على دس الخمر في شراب سرحان، حتى إذا سكر وانكشف سره وبان.
وفي الليلة التالية فعلت عجوز السوء ما اتفقت عليه مع الأميرة، فسكر سرحان، بينما زعفران من وراء الستار، تنصت إلى ما يجري من حوار.
استدرجت عجوز السوء سرحان ليكشف عن سر مجيئه إلى هذه البلدة، فكان هذا رده: سمعت عن حكاية الأميرة زعفران، وشرط قبولها لعقد القران، وأنا فقير لا مال عندي ولا حصان، ولا سيف يعطيني الحماية والأمان، حتى أستطيع الوصول إلى هذا المكان، فرهنت أبي واشتريت بثمن الرهن حصاناً. ورهنت أمي واشتريت بثمن رهنها سيفاً. وركبت حصاني وتقلدت سيفي.
وفي الطريق إلى بلدكم طال بي الرحيل فعطشت، وقدت حصاني حتى عرق وعرقت، ومن عرقه شربت حتى ارتويت، ثم غزالة بسيفي اصطدت، لكنها أصيبت وماتت فحزنت، لكن جنيناً في بطنها وجدت، فاستخرجته وشويت، وأكلت حتى شبعت، وهذا هو لغزي لعلي أكون ببنت السلطان فزت.
فردت عجوز السوء – لكن في سرها – قائلة: بل سرَّ لغزك أفشيت، وأرجو أن تكون بذلك بنت السلطان فقدت، فأنا عجوز السوء ولعدم زواجها حتى الآن فرحت، ولهذا وحده بينكما الآن جمعت.
وكان سرحان عندما انتهى من سرد قصته قد أحس بوجود شخص آخر خلف الستار، يصغي لما دار من حوار، فأدرك الخدعة وأن زعفران كانت تسمعه من وراء جدار. لكنه سيطر على أعصابه وتظاهر أنه لا يزال مخموراً، مما شجع زعفران على محاولة الخروج من بيت العجوز، فاندفع نحوها سرحان وقبض عليها بشدة، لكنها استطاعت الافلات منه وإن بقى عقدها في يده.
وفي الصباح قصد سرحان مجلس ملك الزمان الذي أعاد عليه ما سمعته ابنته في بيت عجوز السوء. لكن سرحان روى لملك الزمان، قصته مع زعفران: عن طير وسدته زندي، طار مع الطير وبقى ريشه عندي.
ثم فتح قبضة يده، التي كانت تمسك بالعقد.
فعرف ملك الزمان، أن الأميرة خدعت سرحان، كما أعجبت به زعفران. لهذا وافقت عندما أمر أبوها بإقامة الزينات وعقد القران، بينها وبين الفتى سرحان، مما جعل عجوز السوء تصاب بخيبة الآمال والأحزان، بينما الجميع فرحان، بزواج أميرتهم زعفران من فتى الفتيان سرحان.