المخابرات الأمريكية في عهد جو بايدن ثلاثة أخطاء إستراتيجية تحت المجهر

الرئيس الامريكي جو بايدن

شعيب جمال الدين – موطني نيوز 

على بعد أقل من سنة من نهاية ولاية الرئيس جو بايدن، الذي تؤكد المؤشرات الحالية تضاؤل حظوظه للفوز بولاية ثانية في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، مما يعني رحيله رفقة فريق إدارته وجميع رؤساء وكالات الأجهزة الإستخباراتية الثمانية عشر،حسب التقاليد المعروفة داخل النظام السياسي الأمريكي التي تقتضي عند تنصيب رئيسا جديد للبلاد أن يقوم بإختيار فريق جديد للعمل معه طيلة فترة ولايته.

لهذا أعتقد شخصيا أن مدة ثلاثة سنوات و بضعة أشهر كافية جدا لوضع تقييم لعمل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المعروفة إختصارا ب CIA. 

هذا الجهاز الإستخباراتي العريق والرهيب في نفس الوقت بميزانيته المالية الضخمة جذا وإمكانياته الغير محدودة على المستوى التكنلوجي والتقني والبشري و المعلوماتي والأنظمة الإلكترونية وإختراقه الكبير لدواليب مصادر القرار بالحكومات الإفريقية و الأجنبية والمؤسسات والجهات العالمية المؤثرة في السياسة الدولية….. إلخ. 

بالرغم من توفر السي آي إيه على كل هذه الأسلحة المعنوية والإمكانيات والأدوات المتنوعة والمختلفة التي جعلته ينجح لعقود طويلة في الحفاظ على مكانته الثابتة بين الرتبة الأولى وأحيانا قليلة في الرتبة الثانية في التصنيف السنوي لعشرة أقوى الأجهزة الإستخباراتية في العالم. 

إلا أن كل هذا لم يعفيه إطلاقاً من إرتكاب العديد من الأخطاء الإستراتيجية والإستخباراتية خلال ولاية جو بايدن. 

في هذا التقرير الحصري سنسلط الضوء من وجهة نظري على أهم ثلاثة أخطاء إستراتيجية :

1) ديبلوماسي على رأس سي آي إيه…سوء تقدير للمرحلة :

لا يختلف إثنيين حول المسار الدبلوماسي الحافل بشكل غير معتاد لوليام برينز الذي يمتد لقرابة ثلاثة وثلاثين سنة تقلد خلالها العديد من المناصب داخل منظومة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً منصب سفير في الأردن ما بين 1998 و2001 و روسيا ما بين 2005 و 2008 لكنني أعتقد أن الجهة أو الجهات التي أقنعت جو بايدن بضرورة تعيين شخصية دبلوماسية على رأس الإستخبارات الأمريكية قد أخطأت التوقيت ولم تحسن إعداد قراءة إستباقية شاملة للوضع الدولي التي تبين بعد مرور ثلاث سنوات على تنصيب جو بايدن و ماعرفه العالم طيلة هذه المدة من أحداث دولية متسارعة وتطورات جيوسياسية بعدة مناطق إستراتيجية من العالم، أن رئاسة جهاز السي آي إيه كانت في الحقيقة بحاجة إلى شخصية قادمة من دهاليز الإستخبارات الأمريكية قادرة على التعامل مع الملفات الشائكة بحس إستخباراتي، لا يليق بها التواصل الدبلوماسي الذي أثبت فشله و عدم فعاليته في عدة قضايا حساسة ذات بعد أمني،لم يتوفق وليام بيرنز مدير سي آي إيه في إحراز نقط أو أهداف إن صح التعبير تخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية. 

2) ضياع الملف الصيني وسط الحرب الروسية الأوكرانية :

هل غابت عن وليام بيرنز مدير السي آي إيه الحاسة السادسة أوالرؤية الثاقبة عندما عرض أمام لجنة الإستخبارات بمجلس الشيوخ عند المصادقة على قرار تعيينه بمنصب رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في 18مارس 2021 برنامج 

عمله التي حددها في أربعة أولويات رئيسية تتضمن ” الشعب، التكنلوجيا، الشراكة، الصين” ليكتشف بعد أقل من سنة على بدء مهامه أن حدث الحرب الروسية الأوكرانية سيكون الورقة المؤرقة الغير متوقعة في أمريكا و التي بسببها ضاع التركيز على الملف الصيني، الذي إستغل رئيسها الشيوعي شين جين بينغ إنشغال أمريكا بتطورات الحرب في أوكرانيا لكي ينفذ أجندته التوسعية ذات البعد الإقتصادي والتجاري في مواقع إستراتيجية في غرب إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا ومنطقة الشرق المتوسط قبل أن يصل التنيين منذ يوميين إلى البحر الأحمر حيث تسبب هذا الأمر في حدوث صباح اليوم إشتباك إلكتروني بين البحرية الصينية و الأمريكية. 

3) إخفاق إستخباراتي في أفغانستان والسعودية:

يحظى وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بثناء المشرعيين من الحزبيين الديمقراطي والجمهوري ،إلا أن الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان في 31 غشت 2021. وصعود حركة طالبان إلى السلطة، أثارا تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت الإستخبارات الأمريكية فشلت في تقييم الوضع بدقة عالية، فقد أظهرت المعلومات الإستخباراتية التي قدمت إلى جو بايدن أن إستيلاء “طالبان” على السلطة سيستغرق ما بين بضعة أشهر إلى حدود سنتيين قبل أن يفاجئ مجتمع الإستخبارات الأمريكي و الإدارة الأمريكية بسقوط كابول في ظرف ثلاثة أيام بالظبط في 15 غشت 2021.

لا تنتظر تحقيق نتائج إيجابية عند ذهابك للتفاوض مع دولة وأنت تضع فوق رأسك قبعة دبلوماسية ولا تملك أوراق ضغط، هذا بالضبط ما حدث لمدير السي آي إيه وليام بيرنز ، عندما إلتقى في الرياض في مناسبتين بولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة السعودية. 

الإجتماع الأول تم منتصف شهر أبريل2022 حيث ناشد مدير سي آي ايه نيابة عن البيت الأبيض من محمد بن سلمان زيادة إنتاج النفط بعد حصول إرتفاع حاد للأسعار الغاز في الأسواق الأمريكية مقابل توفير الدعم العسكري الأمريكي في حربها ضد الحوثيين في اليمن والتوقف عن إقتناء الأسلحة الصينية والتخفيض من التعاون العسكري مع الصين و الإفراج الفوري عن عمه الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق. 

الإجتماع الثاني تم في الأسبوع الأول من شهر أبريل 2023 حيث عبر وليام بيرنز لولي العهد محمد بن سلمان عن صدمة واشنطن من الإتفاق السعودي الإيراني الذي أعلن عليه في 10 مارس من السنة الجارية تحت رعاية الصين. 

خلال اللقائين معا خرج مدير السي آي إيه خاوي الوفاض فلا السعودية وافقت على زيادة إنتاج النفط ولا تراجعت عن تطوير التعاون العسكري مع الصين ولم تلبي طلب وليام بيرنز بإطلاق سراح الأمير محمد بن نايف ولم تضع إعتبار للإنزعاج السي آي إيه من إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!