إرادة الله نافذة مهما كانت الظروف

المصطفى الجوي
المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في حياتنا اليومية، قد نواجه الكثير من التحديات والمصاعب التي تجعلنا نشعر بالإحباط واليأس. في مثل هذه اللحظات، من السهل أن ننساق وراء القلق والتفكير المفرط في كيفية تدبير الأمور وحل المشاكل. لكن هذا التفكير الزائد لن يفيدنا، بل سيؤدي فقط إلى تعطيل طاقتنا وإهدار وقتنا.

بدلاً من ذلك، علينا أن نثق ونؤمن بأن إرادة الله ستنفذ مهما كانت الظروف. فالله أعلم بما فيه الخير لنا، وهو قادر على تيسير الأمور التي نراها مستحيلة. حتى لو كانت كل الطرق مغلقة أمامنا، فإن الله قادر على فتح طريق حيث لا نتوقع.

أحياناً تبدو الأمور غامضة ويصعب فهم كيفية تحقق مشيئة الله. لكن علينا أن نثق أن الله أعدل العادلين وأحكم الحاكمين، وأنه يفعل ما فيه الخير لعباده. فلنتوكل على الله ونصبر، ونؤدي واجبنا في بذل المستطاع، ثم نترك باقي الأمر لحكمة الله وقدره الذي لا مرد له.

إن الإيمان بقدر الله وتفويض الأمور إليه هو مفتاح الطمأنينة والسعادة. فعندما نعلم أن النتيجة محسومة بيد الله عز وجل، سنشعر بالراحة والاطمئنان بدلاً من القلق والتوتر. فلنؤمن بالله ونوكل أمورنا إليه، ولنسلّم لمشيئته في كل الأحوال، ففي ذلك خيرنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة.

إن الإيمان بالقضاء والقدر لا يعني الجلوس وعدم بذل أي مجهود. بل على العكس، يجب علينا بذل قصارى جهدنا ثم التوكل على الله. فالله يحب أن نسعى ونعمل، لكن دون إفراط أو تعلق بالنتائج. 
قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. فالمؤمن الحق هو من يعمل ويجتهد ثم يتوكل على ربه فيما سيؤول إليه أمره. لا ينبغي أن نستسلم لليأس أو نتراخى عن بذل الجهد بحجة التوكل.
كذلك ينبغي أن نتذكر دائمًا أن الدنيا دار ابتلاء واختبار. فالصعاب التي تواجهنا هي اختبار لإيماننا. كلما صبرنا ورضينا بقضاء الله، ارتفع مقامنا عنده سبحانه. فلنحتسب المحن والشدائد في سبيل الله، ونثق أنها ستزيدنا إيمانًا ويقينًا بوعد الله ونصره.
في النهاية، تذكر دائمًا أن إرادة الله نافذة في كل الأحوال. فلا تضيّع وقتك في القلق على الأمور التي لا تستطيع التحكم فيها. بل اجعل ثقتك بالله هي مصدر قوتك، واعمل بجد لتؤدي واجبك، واترك الباقي لحكمة الله سبحانه وتعالى.
الحمدُ للهِ الذي أوحى إلى عبدِه أنَّ كلَّ همٍّ يُصيبنا هو مُكفِّر لذنوبِنا. الحمدُ للهِ أن آلامَ النفسِ لا تذهبُ سُدى، و أن أوجاعَ الجسدِ تحطُّ عنَّا سيئةً، وأن الشعورَ بالغُربةِ يرفعُنا درجةً، و أن طولَ الطريقِ يقربُنا إليه شبرًا. الحمدُ للهِ الذي يكتبُ في صحائفِنا وخزةً الإبرةِ، و مرارةَ الدواءِ، ورعشةَ الجسدِ. الحمدُ للهِ الذي يأجرُنا بفراقِ الأحِبَّةِ، و إحباطِ النفسِ، وكسرةِ القلبِ، و قصرِ اليدين. الحمدُ للهِ أنَّه يعلمُ، ولا يطمئنُني شيءٌ في هذه الدُنيا إلا أنَّه يعلمُ.

إن الإيمان بالقدر لا يلغي دور الأسباب، فالله سبحانه جعل لكل شيء سبباً في هذه الدنيا. فعلينا أن نسعى لأخذ الأسباب المادية والمعنوية التي تقربنا إلى ما نصبو إليه من خير في الدنيا والآخرة. لكن دون إفراط في التعلق بتلك الأسباب، فالتوفيق من الله وحده.

كما أنه لا ينبغي الاستسلام للأقدار بحجة أن الأمر قد قدر. بل علينا مجاهدة النفس في سبيل الخير والفضيلة، والسعي نحو تغيير ما استطعنا تغييره من أقدارنا بالأسباب المشروعة. فالله يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم…لنثق أن الله مع الصابرين، وأن مع العسر يسراً. فقد يمهل ولا يهمل. فلنصبر ونتوكل، ونؤدي ما علينا من واجب، ونتفوض إلى الله فيما سيؤول إليه الأمر. فبقدر الله وحده تتحقق الأقدار.

ختاماً، علينا أن نتذكر دائماً أن أمر الله نافذ مهما كانت الظروف. فلنثق بحكمة الله وعدله، ولنوطن أنفسنا على الصبر والتوكل عليه سبحانه. ليكن إيماننا هو مصدر قوتنا وسلامنا النفسي، بدلاً من القلق والتردد. لنفوض أمورنا إلى الله العالم بما فيه خيرنا، ولنرضى بقضائه وقدره في كل الأحوال.

ففي رضائنا بقضاء الله وتفويضنا الأمر إليه، تكمن الطمأنينة والسكينة التي تملأ قلوبنا إيماناً ويقيناً بأن وعد الله حق، وأن العاقبة للمتقين. هدّئوا أنفُسكُم، طمئِنوها أنها أيام فقط وسوفَ تسيرُ بإذن الله، لا تُزيدوا أنفُسكُم هماً بالتذمُر بل كونوا حامِدين شاكِرين على كُلّ حال، ومهمّا ضاقت الحياةَ يراكَ الله وأنتَ تسعى وتتخبط، والله لن يترُككَ وحيدًا وسط مُعاناتِك! بل سيُرشِدُك ويدُلك نحو الصواب، فلا تخف ولا تقلق من مجريات الأمور واللهُ ربُّك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!