سنوحي أول جاسوس في التاريخ

الطبيب الفرعوني سنوحي

أسية عكور – موطني نيوز 

قبل آلاف السنين، اهتدى المصريين القدماء إلى فكرة إرسال جاسوسًا للحصول على معلومات هامة من الدول المعادية، وتحكي البرديات عن أول جاسوس في التاريخ وهو “سنوحي”، الذي أرسلته مصر لمعرفة سر “المعدن الجديد”، الذي اكتشفه “الحيثيين”.

 القصص المخابراتية القديمة، ، فإن “سنوحي” الذي يعتبر أول جاسوس في التاريخ، كان طبيبًا ناجحًا ومرموقًا، وصل إلى أسمى ما يطمح إليه طبيب في العصر المصريين القدماء، بعد اختياره طبيبًا خاصًا للملك، وخلال هذه الفترة هبت على مصر رياح الخطر، فالحيثيون وملك عمورية، وعدد آخر من الممالك التابعة لمصر، بدأوا في التربص بمصر، وهو ما أحس به القائد المصري “حور محب”، فقرر أن يسرع بالعمل لحماية مصر، واهتدى إلى فكرة إرسال جاسوس، وهو صديقه “سنوحي”. وبحسب ما كشفت البرديات فإن أسباب اختيار “سنوحي”، هي خبرته في السفر وعلمه بأحوال البلدان، إضافة إلى كونه طبيبًا، ولن يخطر بذهن أحد أنه يعمل في مجال خارج مجاله، وهو الأمر الذي سيسهل مهمته ويوسع من انتشاره وحب الناس له.

خاطر “سنوحي” بحياته عندما قرر أن يدخل “هاتوشاش” عاصمة الحيثيين، ليبدأ مشواره في علاج المرضى، حتى ذاع صيته، ليتقرب من الملك ويعرف الكثير من الأسرار عنه وخططه ومراسلاته مع البلاد الأخرى، وأسرار الاقتصاد وصفقات الأسلحة، وبعد أن حصل على المعلومات وفق ما تروي البرديات، قرر “سنوحي” الحصول على سر “المعدن الجديد”، الذي اكتشفه أعداء بلاده، واحتفظوا بسره لصنع أسلحتهم منه.

وصادق “سنوحي” بحار حيثي، بعد أن تمكن من مشاهدة مصانع الأسلحة، وكان البحار يعاني من مرض تناسلي وبذل الجاسوس المصري، كل ما في جهده ليشفيه من المرض، وعندما نجح في ذلك رفض أخذ مقابل مادي منه، وقبل أن يودعه “سنوحي” طلب منه الحصول على سكينه الخاص الذي صنع من “المعدن الجديد” كتذكار، وهو الأمر الذي وافق البحار عليه على الفور، ليسلم السكين في النهاية إلى الملك، وينجح أول جاسوس في التاريخ بمهمته.

 

ويسمى أيضاً (سانهيت) أو (سنوهي) ومعناه (ابن شجرة الجميز) وهي شجرة مقدسة عند المصريين القدماء. وهي قصة حقيقية حدثت في عهد الأسرة الثانية عشر. والقصة مدونة على (بردية برلين 3022).

كانت قصة سنوهي من أحب القصص إلى نفوس المصريين طوال عهد الدولتين الوسطى والحديثة؛ وقد وصل إلينا كثير من أجزائها مكتوباً على البردي أو على كسرات الفخار، مما يدل على إقبال الناس عليها، وبخاصة المدرسين الذين كانوا يملونها على تلاميذهم.

وهناك إجماع بين علماء المصريات على أن قصة سنوهي إنما هي خير ما ورد في القصص المصري القديم، وأنها تتفوق على ما عداها بأسلوبها وترتيبها ولغتها، وما اجتمع لها من العناصر للقصة الناجحة، ولم يقتصر أمر الإعجاب بها على علماء المصريات، بل إن غيرهم من رجال الأدب في العالم يشاركونهم هذا الإعجاب، ويذهب بعضهم مثل “روديارد كبلنج” إلى اعتبارها جديرة بأن توضع بين روائع الآداب العالمية.

ملخص حكاية سنوحي الذي نشأ في قرية (أتيت أواي) التي كانت عاصمة مصر في عصر الملك امنمحات الأول (الأسرة 12) حيث كان أبوه طبيباً من أثرياء العاصمة وكان الملك قد كبر وولداه يتطلعان لوراثة عرشه، وذات ليلة سمع سنوحي بالصدفة حواراً لمتآمرين على الملك بينهم ابن الملك (سنوسرمت) الأول فقرر أن يهرب من المدينة خوفاً من البطش به فقد اعتقد أن هناك من تعرف عليه.

فهرب سنوحي إلى بلاد (وتنو العليا) في وسط بلاد الشام وهناك عمل طبيباً للفقراء فذاع صيته وعالج الملك فقربه منه وجعله طبيبه ومستشاره، أعد الملك جيشاً لمحاربة مصر وكان قد ابتكر سيوفاً من المعدن (وكانت السيوف في زمنه من الخشب) وأسر بذلك لسنوحي، فما كان من سنوحي إلا وتراسل مع ملك مصر وطلب الأمان ليعود فيخبره بسره المهم وحين وصل مصر أظهر السيف المعدني فقام ملك مصر بصناعة سيوف المعدن لكي يواجه بها ملك رتنو.

وهكذا انتصر الملك المصري سنوسرت الأول على غزاة بلده بفضل سنوحي الذي طلب من الملك أن يعطيه الأمان ليسر له بحكايته فسمعها وسمح لسنوحي أن يعيش في مصر آمناً وأن يكون الطبيب الخاص للملك وفيما يلي مقطع من رسالة سنوسرت الأولى لسنوحي يطلب منه العودة:

“عد إلى مصر حتى ترى الأرض التي ولدت فيها ونشأت، وقبل الأرض عند البوابة الثنائية العظمى، والتحق بالبلاط، لقد هرمت الآن، وعسر نشاطك، فتذكر يوم الدفن، وليلة إعداد الطيوب والأكفان، ويوماً يعد لك فيه موكب مشهود، وتابوتاً ذهبياً بقناع من اللازورد..لا ينبغي أن تموت في بلد غريب، ولا ينبغي أن يخفرك البدو، أو أن تكفن في جلد شاة، هذا ليس أوان الطواف في الأرض، فعد واحذر المرض”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!