المصطفى الجوي – موطني نيوز
لقد أصبحت أخلاقنا في هذا العصر منحرفة وبعيدة كل البعد عن القيم الحميدة التي عرفت بها أمتنا عبر التاريخ. فقد طغت المادة على الروح، وغابت قيم التكافل والتراحم والإيثار، وانتشرت ظواهر البغض والحقد والأنانية.
إن من أسباب هذا الانحراف الأخلاقي البعد عن تعاليم ديننا الحنيف والاستسلام لشهوات النفس والانغماس في ملذات الدنيا. كما أن انتشار وسائل الإعلام والتواصل وتأثيرها السلبي الكبير على أخلاقنا له دور كبير في إفسادها، إذ أن هذه الوسائل أتاحت انتشار الرذيلة والفاحشة بين الناس.
ولعل أخطر ما في انحراف أخلاقنا هو تراجع القدوة الحسنة وغياب المثل العليا، إذ لم يعد لدى كثير من الشباب اليوم قدوة صالحة يحتذون بها، بل إن المشاهير ونجوم الفن أصبحوا هم قدواتهم مع أن سلوكهم لا يمت للأخلاق الفاضلة بصلة.
وعليه فإن علاج هذا الوضع لن يتأتى إلا بالعودة إلى ديننا والتمسك به، وتعزيز قيم الخير والفضيلة، ومحاربة الرذيلة أينما وجدت. كما ينبغي أن تقوم الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع بدورها في غرس القيم الأخلاقية السليمة لدى أبنائنا منذ الصغر. عندها فقط يمكن أن نستعيد مكانتنا الرفيعة ونصحح مسار أخلاقنا المنحرف.
وبالتالي فإن الحفاظ على الأخلاق وتعزيزها مسؤولية الجميع، فكل فرد في المجتمع مدعو ليكون قدوة حسنة بأخلاقه وسلوكه. فعلى الآباء أن يربوا أبناءهم تربية أخلاقية سليمة، وعلى المعلمين أن يكونوا قدوة لطلابهم، وعلى رجال الدين أن يبينوا مكارم الأخلاق ويحذروا من رذائلها، وعلى القادة والحكام أن يتحلوا بالعدل والنزاهة، وعلى وسائل الإعلام أن تبث ما يعزز الفضيلة ويحارب الرذيلة.
أملنا كبير في أن نستطيع جميعاً استعادة أخلاقنا التي طالما تميزت بها أمتنا، وأن نترك للأجيال القادمة مجتمعاً فاضلاً تسوده مكارم الأخلاق. فالتحدي كبير، ولكن بتضافر جهودنا سنتغلب عليه إن شاء الله.
لعل من أهم السبل لاستعادة الأخلاق وتطهير المجتمع من الرذائل ما يلي :
- التربية الأخلاقية السليمة : غرس قيم الخير والفضيلة في نفوس الأجيال الصاعدة منذ الصغر، فالأسرة والمدرسة لهما دور كبير في ذلك.
- إحياء القدوة الحسنة : تسليط الضوء على نماذج الاقتداء الحقيقية من الصالحين والمصلحين، ونبذ كل من يدعو إلى الرذيلة.
- محاسبة المنحرفين : ملاحقة كل من تسول له نفسه الإساءة للأخلاق العامة، وتطبيق العقوبات الرادعة بحقهم.
- تفعيل دور المؤسسات الدينية : للمساجد والكنائس وغيرها من المؤسسات دور بارز في نشر الوعي الأخلاقي.
- تنقية وسائل الإعلام : الرقابة على المحتوى الإعلامي بما يضمن نشر القيم الأخلاقية الفاضلة.
بهذه السبل وغيرها يمكن لمجتمعنا استعادة أخلاقه والارتقاء بها، فالأمر ممكن بإذن الله إذا تكاتفت جهودنا جميعًا من أجله.
لأننا اليوم في أمس الحاجة إلى استعادة أخلاقنا وترميمها، فالوضع الراهن خطير وينذر بكارثة أخلاقية إذا استمر على ما هو عليه. لقد آن الأوان لنفيق جميعًا ونعيد الالتزام بمكارم الأخلاق وتعاليم ديننا الحنيف.
لأن مستقبل أبنائنا وبناتنا مرهون بقدرتنا على غرس القيم الفاضلة في نفوسهم وتربيتهم تربية أخلاقية سليمة. فلنتحمل مسؤوليتنا تجاههم، ولنكن قدوة حسنة يحتذون بها. وبذلك نستطيع أن نجتث الرذيلة من مجتمعنا ونملأه بالفضيلة والخير.
وفي الختام، لنتوكل على الله ونسأله الهداية والتوفيق في إصلاح أنفسنا ومجتمعنا. فبيده وحده مفاتيح الخير، وهو نعم المولى ونعم النصير.