المخابرات الأمريكية و البريطانية تحت المجهر وتفاصيل اللعبة السرية في المملكة السعودية

المخابرات الأمريكية والبريطانية والعربية السعودية

بقلم شعيب جمال الدين – موطني نيوز

راهنت الدولة العميقة في عهد دونالد جو ترامب على إستثمار وإستغلال ما حصدته مخابرات جينا هاسبل من أدلة و حجج تدين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل الصحفي جمال خاشقجي ،قبل أن تصدم بإختفاءها كليا من مقر السي آي إيه على إثر صفقة سرية تمت في جنح الليل مع الحاكم الفعلي للسعودية أشرف عليها جاريد كوشنير بإتفاق و ترتيب مع صهره دونالد ترامب لكن هذا الأخير وحده من يدفع الثمن حاليا أمام محاكم ولاية جورجيا في مقاطعة فولتون بتهمة غطائها التآمر لقلب نتائج الإنتخابات الرئاسية الأمريكية التي أجريت عام 2020 لكن حقيقتها أعمق من ذالك بكثير.

إختارت دوائر صناعة القرار الأمريكي شخصية ديبلوماسية لقيادة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA).

حيث صرح مديرها وليام بيرنز مساء تعيينه في هذا المنصب يومه الخميس 18 مارس 2021 أن أهم القضايا التي ثمتل أولوياته الرئيسية التي سيركز عليها وهي تزايد النفوذ الصيني التجاري و الإقتصادي في العالم الذي يشكل تهديد للولايات المتحدة الأمريكية وملف البرنامج النووي الإيراني، لكنه في نهاية المطاف وجد نفسه من حيث لم يتوقع، يقضي سنتين في إدارة الملف الروسي الأوكراني والسعودي.

من بكين إلى طهران ثم إسلام آباد و أنقرة مرورا من موسكو و كييف و أبوظبي وصولا إلى الرياض حيث إلتقت كل خيوط اللعبة الدولية على مستوى الجيوسياسية والجيو إستراتيجي بأبعادها السياسية والإقتصادية والأمنية و العسكرية.

كان تاريخ الخميس 24 غشت 2023 يوما مزعج جذا للجانب الأمريكي والبريطاني هذه الأخيرة التي رغم ما تحاول إظهاره حكومتها المنتخبة من قوة إستقلالية القرار السيادي فهي في واقع الأمر لا تعدو سوى واجهة لحكومة مصغرة هي مالكة رسم خريطة طريق الإستراتيجية الخارجية لبريطانيا على كل المستويات وعلاقتها مع واشنطن يمكن وصفها بالتابعة على كل حال فالمسألة لها خلفيات تاريخية يطول شرحها.

يومه الخميس 24 غشت 2023 وقع حدثين بارزين في غاية الأهمية بنسبة للمملكة العربية السعودية و الخطورة من وجهة نظر صناع القرار الأمريكي، يتعلق الأمر بإنضمام السعودية و إيران والإمارات العربية إلى مجموعة بريكس و ما يمثله من تعزيز نفوذ الثكتل الإقتصادي ،في منطقة الشرق الأوسط و يصل إمتداده إلى أسيا و إفريقيا.

الحدث الثاني الهام مرتبط بإجتماع اللجنة الثلاثية السعودية الباكستانية التركية من أجل تعزيز التعاون الدفاعي النووي المدني حيث تسعى السعودية إلى الوصول لتحقيق طموح تخصيب اليورانيوم فوق أراضيها عبر المساهمة بالتمويل و الإعتماد على تقنيات التكنولوجيا الباكستانية المتطورة جدا و التصنيع التركي المتقدم .

الإستخبارات الأمريكية و البريطانية ،وخلفهم البيت الأبيض وحكومة لندن السرية،أراهم من وجهة نظري في وضعية شلل واضحة في البحث عن طرق ناجعة و فعالة من أجل إيقاف طموح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يرغب في الدفع ببلاده إلى قوة شرق أوسطية حقيقية.

في ظل كل هذه التطورات التي تقودها المملكة السعودية في منطقة الشرق الأوسط، لجأت أمريكا وبريطانيا إلى إستعمال ورقة أمن الخليج العربي وذالك من خلال لعبة يمكن وصفها بالفخ الجيوإستراتيجي عبر تسليم قيادة قواتهم البحرية العسكرية المكلفة بحماية منطقة الخليج إلى السعودية يتعلق الأمر بأسطول الأمريكي CTF152 :Golf Maritime Sécurité و الأسطول البريطاني “الحارس”.

هذه الخطوة في هذا التوقيت الخاص تعني أن الدفاع البحري السعودي سيصبح لوحده في مواجهة الحرس الثوري الإيراني في حالة حدوث أي نزاع أو ثوثر على مستوى مضيق هرمز مفتاح سر أزمة العلاقات الثنائية بين البلدين، المرتبطة في عمقها بالصراع حول إدارة مياه هرمز، لكن هذا الأمر أعتقد أنه صعب التحقق في المرحلة الراهنة.

لكن أجزم أن الإستخبارات الأمريكية و البريطانية تدرك جيدا صعوبة بل إستحالة خلق إشتباك عسكري في الخليج العربي بين السعودية و إيران يكون من تداعياته كسر بنود إتفاقية عودة العلاقات بين البلدين في 10 مارس 2023 وهي الغاية الحقيقية من كل هذه اللعبة السرية .

لهذا لا أستبعد أن تلجئ الإستخبارات الأمريكية و البريطانية إلى إستعمال أساليب خفية تورط الجانب السعودي في نزاع إقليمي مع إيراني يؤدي مباشرة إلى تجميد ولو بشكل مؤقت تطور العلاقات الثنائية خصوصا داخل مجموعة بريكس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!