بوتين والجيش والمخابرات الروسية..عملية تصفية بريغوجين بعيون مغربية

الرئيس الروسي بوتين ووزير دفاعه

بقلم شعيب جمال الدين – موطني نيوز 

الزمان : الأربعاء 23 غشت 2023 

التوقيت : 17:45 مساء ( توقيت غرينتش) 

المكان : مطار شيريميتيفو الدولي يبعد حوالي 24 كم عن العاصمة موسكو. 

الحدث : إقلاع طائرتيين حديثة الصنع من طراز إمبراير ليغاسي كانت متجهتان معا إلى سانت بطرسبورغ تقع شمال غرب روسيا ،تحطمت الأولى بعد مرور 26 دقيقة من إقلاعها فوق قرية كوجينكينو في منطقة تفير شمال غرب موسكو، فيما عادت الطائرة الثانية إلى العاصمة موسكو. 

إختار يفغيني بريغوجين قائد شركة فاغنر أن يكون 23 يونيو 2023 موعد تمرده ضد القيصر فلاديمير بوتين، فيما إختارت له المخابرات الروسية تاريخ 23 غشت 2023 موعد رحيله الأبدي، في عملية إستخباراتية مشتركة بين قيادة الجيش و رجال الإستخبارات بموافقة الرئيس فلاديمير بوتين. 

فضل فلاديمير بوتيين الذهاب للمشاركة في إحتفال موسيقي لإحياء الذكرى الثمانيين لإنتصار بلاده في معركة كورسك التاريخية،في نفس توقيت إرساله”صديقه”يفغيني بريغوجين إلى مصيره المحتوم، ومن السذاجة مما كان إعتبار هذه التواريخ وإرتباطها بأحداث معينة ،مجرد صدف فهذه الوقائع تحمل في طياتها رسائل متعددة الأبعاد و المعاني ولا شئ في موسكو يحدث بشكل عشوائي. 

قرار التخلص من يفغيني بريغوجين رفقة مساعديه بشركة فاغنر الشبه عسكرية لم يكن وليد الأمس بل أتخد مباشرة بعد فشل عملية التمرد ضد السلطة المركزية بالعاصمة موسكو في 23 يونيو 2023، لكن ترك موضوع التنفيذ إلى الوقت المناسب الذي يلائم الرجل الأول في روسيا،و مخطئ جذا من إعتقد أن قائد فاغنر قد غادر التراب الروسي بعد فشل تمرده، كما كان يروج الإعلام الروسي المظلل، بل وضع تحت المراقبة الدائمة وترك له فقط حرية التحرك داخل حدود روسيا، بقرار من حاكم قصر الكرمليين، إلى حين النظر في كيفية إعداد و إخراج سيناريو نهايته بعدما أعتبر رجل خائن لوولي نعمته و صاحب الفضل فيما وصل إليه من مجد وشهرة عالمية. 

جهاز كي جي بي سابقا و (FSB) حاليا يعتبر من أعرق و أقوى الأجهزة الإستخباراتية في العالم، بحيث يصنف سنويا من الخمسة الأوائل المشهود له بالعمل الإحترافي العال المستوى والدقة و تتميز دائما عملياتهم الإستخباراتية بالغموض الشديد وصعوبة كشف تعقيدات خيوطها بسبب الأدوات المستخدمة في التصفيات الجسدية داخليا أو خارجيا. 

لكن بخصوص إغتيال يفغيني بريغوجين قائد فاغنر إستطعنا كشف عدد من الأخطاء الأمنية التي تورط المخابرات الروسية في الوقوف وراء هذه العملية سنسلط عليها الضوء :

1) زوالا الإثنيين 21 غشت 2023 نشر يفغيني بريغوجين شريط مرئي على حسابه الرسمي في تليغرام مدته أربعيين ثانية ظهر يرتدي لباسه العسكري حيث صرح أنه يتواجد في إفريقيا دون تحديد إسم البلد مشيرا إلى أنه يحارب تحت درجة حرارة تفوق الخمسين، بعد إعلان مقتله أمس الأربعاء تورطت السلطات الروسية في نشر خبر كاذب بأن بريغوجين لقي حتفه بعد عودته من مهمة بدولة مالي. 

أولا درجة الحرارة تفوق الخمسين، لا وجود لها حاليا في أي دولة إفريقية لا النيجر ولا بوركينافاسو ولا حتى مالي فكل المناخات منخفضة الحرارة في شهر غشت سواء مناطق صحراوية أو شبه صحراوية أو إستوائية وهذا تأكدنا منه بعد مراجعة دقيقة لكل بيانات مديريات الأجواء الجوية للأحوال الطقس بالدول الإفريقية منذ بداية الشهر الحالي.

2) بعد التدقيق في الشريط المرئي تبين أن الصورة الخلفية مركبة بحيث كان بريغوجين يتحدث وهو يتحرك بجسده في حين الصورة خلفه ثابتة رغم وجود صور عناصر من فاغنرا فهل يعقل أن لا يتحرك أحد من مكانة مدة أربعين ثانية. 

هذا معناه أن بريغوجين لم يغادر روسيا بتاتاً، ومسألة تسجيل نفسه يتكلم فقد تمت داخل دهالير المخابرات الروسية بعدما طلب منه ذالك بشكل طبيعي و عادي. 

المخابرات الروسية الخارجية أرادت ضرب عصفورين بحجر واحد فمن ناحية تمويه القوات الفرنسية والأمريكية بأن قائد فاغنر يتواجد شخصيا في إفريقيا، وفي نفس الوقت إيجاد سيناريو مقنع لتصفيته داخل طائرته الخاصة على أساس أن الحادثة وقعت بعد عودته من إفريقيا. 

3) أقلعت من مطار شيريميتيفو طائرتين من طراز “إمبراير ليغاسي” في ملكية فاغنر كانت تنتظر سبعة من كبار أعضائها البارزيين الأمر يتعلق بكل من القائد الفعلي يفغيني بريغوجين وديمترى أوتكين مؤسس فاغنر وظابط سابق في المخابرات ويده اليمنى ونائبه الثالت سيرغي بوربوستين ويافغيني ماكاريان وفاليري تشيكالوف ونيكولاي ماتوسيف. 

السلطات الروسية أكدت في بلاغ أن جميع أعضاء فاغنر لقوا حتفهم في تحطم الطائرة الأولى في حين حسب نفس البلاع عادت الطائرة الثانية فارغة إلى مطار شيريميتيفو بموسكو . 

فهل منطقيا بأن جميع هذه الأسماء الخطيرة بالغباء الشديد و السذاجة حتى تفكر في ركوب طائرة واحدة فمن الإحتياطات البديهية لدى جميع قادة المليشيات المسلحة عبر العالم أن لا يجتمعوا في مركبة واحدة حتى لا يكونوا هدف سهل، و خير دليل على قوة هذه الفرضية أن طائرتيين كانت تنتطرهم فوق مدرج المطار بمعنى كانت هناك نية حقيقية لدى أعضاء فاغنر السبعة من أجل إستعمال الإثنتين.

من وجهة نظري الخاصة الذي حدث أن الطائرة الأولى زرعت في غرفة عجلاتها عبوة متفجرة قبل ساعات من قدوم أعضاء فاغنر إلى المطار، دون التأكد من طبيعة الأسماء التي ستكون على متنها، لكن أجهزة المخابرات الروسية وضعت إحتياطات حول هذه النقطة، وذالك بقيامها قبل فترة قصيرة بتجنيد قائد الطائرة الثانية ومساعده اللذان تخلصوا بواسطة طلقات نارية من الأسماء التي كانت رفقتهم داخل الطائرة، وهم على كل حال لن يكونوا أكثر من ثلاثة أشخاص وتم هذا بعد رؤيتهم تحطم الطائرة الأولى في الأجواء والتي كانت أمامهم، لتعود مباشرة الطائرة أدراجها إلى مطار شيريميتيفو بالعاصمة موسكو قبل أن يختفي الإثنان عن الأنظار في ظروف غامضة فور نزولهم من سلم الطائرة (حسب بلاغ السلطات الروسية).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!