بقلم شعيب جمال الدين – موطني نيوز
المخابرات الروسية ضعف معلوماتي عجز تقني
1) ثلاثة أيام قبل بدء الغزو العسكري الروسي للأوكرانيا ،أعلن فلاديمير بوتين إعتراف بلاده رسميا بمنطقتي دونيتسك و لوغانستك كجمهورتيين مستقلتيين عن أوكرانيا.
كانت الغاية من هذه الخطوة المفاجئة هو إستخدام حدود هذان البلدين في الهجوم من أقصى الشرق و شرقي جنوب أوكرانيا ، إضافة إلى دولة بيلاروسيا الموالي رئيسها ألكسندر لوكاشينكو لموسكو الذي سمح للقوات الروسية بإستخدام أراضيه للهجوم على أوكرانيا من الحدود الجنوبية.
كان هدف صناع القرار العسكري الإستراتيجي الروسي هو تشتيت مجهودات الجيش الأوكراني على عدة جبهات ، من أجل تسهيل مهمة القوات الروسية البرية للدخول مباشرة إلى العاصمة الأوكرانية كييف من محور جسر القرم الإستراتيجي الطريق الوحيدة التي تربط بين روسيا و أوكرانيا وبالتالي إحتلال المؤسسات الحكومية والسيطرة على مقر التلفزيون و الإذاعة وإعلان إسقاط النظام الحاكم.
لكن هذه الخطة العسكرية ستتحطم بشكل سريع قبل وصول القوات الروسية إلى كييف بسبب إرتكاب المخابرات الروسية خطأ إستراتيجي لايغتفر بعدم تقديرها بشكل دقيق للقدرات التكنلوجية الحديثة جدا للمخابرات الأمريكية و جهاز الدفاع الإستخباراتي التي تتفوق على التكنلوجية الروسية .
المخابرات الأمريكية إستخدمت طائرة إستطلاع إستخباراتية من طراز ” آر كيو – 4 غلوبال هوك” يرافقها تشويش إلكتروني عال المستوى إستهدف تردادات أجهزة الإشارة الروسية المرافقة للقوات البرية مما ساهم في تخفيف وإمتصاص الضربات الجوية الروسية الأولى وإجبار الرتل العسكري على التراجع للخلف من جسر القرم.
2) من أغبى الأخطاء الإستخباراتية التي إرتكبتها المخابرات الروسية وكلفتها سقوط مئات القتلى وعشرات الجرحى وعدة أسرى من الجنود الروس هو عدم توفير تغطية جوية شاملة و فضائية ومتابعة بطائرات إستطلاع المراقبة والتجسس للرتل العسكري الروسي الضخم أثناء توقفهم للإستراحة بحيث منح الفرصة للمخابرات الأمريكية والحلفاء لمعرفة إحداثيات موقع وجود الرتل العسكري وقصفه بصواريخ جافلن المتطور في غياب تام للأي رد جوي دفاعي مضاد .
حدث هذا الأمر في 27 فبراير و 8 مارس من سنة 2022 و 13 فبراير و 6 مارس و 14 أبريل 2023 .
3) منذ بدء الغزو العسكري الروسي للأوكرانيا في 24 فبراير 2022 إلى حدود الأن لم تستطيع المخابرات الروسية معرفة طرق إمداد القوات الأوكرانية بصواريخ إف جي أم – 148 جافلن و صواريخ ستينغرFlM -92 Stinger التي لعبت دور
كبير في الحرب و كبدت القوات الروسية خسائر هائلة لا تعد ولا تحصى في الأرواح و العتاد العسكري معظمها أرقامها الحقيقية مخفية عن وسائل الإعلام الدولية .
إضافة إلى كل هذا عجزت المخابرات الروسية و الجيش على مجاراة العملية الهندسية التي نهجها جنود الجيش الأوكراني بدعم أمريكي وأقصد هنا أسلوب الإخفاء و التمويه و التظليل وكان لها دور في تقليص الخسائر البشرية.
المخابرات الأمريكية غياب الفاعلية و النجاعة
1) الجيوش تزحف على بطونها مقولة عسكرية شهيرة تظهر مدى أهمية توفير الطعام الكافي للجنود على أرض المعركة، هذا العامل شكل معاناة قصوى للقوات البرية الروسية بسبب ضعف الدعم اللوجستي الذي واجهته روسيا في إمداد قواتها بحاجياتها الغذائية وذالك راجع لعدم إتخادها تدابير إستباقية إحتياطية للإعتقادها أن العملية العسكرية الخاصة بأوكرانيا لن تطول كل هذه المدة، لهذا كان الحل الوحيد أمام فلاديمير بوتيين لسد هذا الخصاص الطارئ هو الإستعانة بالحليف الصيني الذي لبى طلب موسكو من خلال إمداده بالمساعدات بشكل سري عبر إستخدام مسار جوي ينطلق من مطار بيكيين الدولي مخترق ستة مقاطعات صينية ثم يمتد إلى هوهوت عاصمة دولة مانغوليا الداخلية التابعة للصين و تحظى بحكم ذاتي مستقل ثم تعبر أجواء دولة مانغوليا الخارجية الموالية لروسيا الإتحادية قبل أن تحط بأرضية مطار بولكوفور الدولي بمدينة سانت بطرسبورغ الروسية.
رحلات جوية منتظمة تأخذ هذا المسار الجوي بحيث كان لها دور محوري بل و رئيسي في مواصلة القوات الروسية خوض المعارك القتالية بمعنويات جد عالية.
ليظل السؤال الأبرز أين الأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية و طائرات الإستطلاع الإستخباراتية المتطورة على مختلف أنواعها المختصة بجمع المعلومات الجوية و الأرضية التي لو تدخلت من أجل عرقلة تدفق المساعدات الصينية لا كان من الممكن أن تخلق مشاكل لا حصر لها للجانب الروسي و تحول دون سيطرته على عدة مناطق شرق أوكرانيا.
2) من ضمن أخطاء أجهزة الإستخبارات الأمريكية هو عدم قدرتها على إعداد تقييمات دقيقة و صائبة بشأن الأزمات الدولية في السياسة الخارجية،فقد فشل مجتمع الإستخبارات الأمريكي في توقع سيناريو الحرب الأوكرانية ،حيث توقعوا سقوط كييف أمام الغزو الروسي في ظرف أسبوع.
فشل يتحمل مسؤوليته ثلاث أجهزة أمريكية تملك إمكانيات ضخمة وهي مكتب الإستخبارات الوطنية (DNI) و وكالة الإستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع(DlA) المخابرات المركزية المعروفة إختصار ب(CIA).
من وجهة نظري الخاصة هذا الفشل يعود إلى وجود خطأ في المنهجية التي تشتغل عليها الأجهزة الأمريكية يواكبه خلل عميق في أسلوب التحليل التشخيصي (Diagnostic Analytics) للأحداث الدولية.
3) البروباغندا الإعلامية (الدعاية الكاذبة) لطالما تميز الإعلام الأمريكي بنهجه هذا الأسلوب التقليدي في ظروف الحروب أو أثناء إحتدام صراعات و نزاعات دولية بين أمريكا و اقطاب عالمية أو دول شرق أوسطية بإيعاز من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ،لكن في الحرب الروسية الأوكرانية إفتقد عقل مجتمع المخابرات الأمريكية لميزة الإبداع و الإبتكار في نسج أخبار و قصص ذات ثأتير على نفسية فلاديمير بوتيين وخلق تشويش فكري في محيطه المقرب وقادة الجيش.
فكل الاخبار المسربة في إطار البروباغندا السوداء منذ بدء الغزو العسكري الروسي للأوكرانيا لم تعطي أي نتيجة حقيقية فبين ترويج إصابة بوتيين بمرض السرطان ووجود شبيه له، يستقبل الرؤساء نيابة عنه كل هذا تم دحضها في الحين ولم تمنح لها الفرصة طويلا للترويج إعلاميا و تقوية مفعولها .