المصطفى الجوي – موطني نيوز
عند الحديث عن فساد القضاء في المغرب والاعتقالات التي طالت مجموعة من القضاة والمحامون وسماسرة المحاكم، يتطلب النظر في الوضع القانوني والسياسي في البلاد وتحليل ما تم الكشف عنه في الأعوام الأخيرة. بحيث يعد القضاء ركيزة أساسية في أي دولة تحترم حكم القانون وحقوق المواطنين. ومع ذلك، فإن وجود فساد في القضاء يؤثر سلبًا على مبدأ استقلالية القضاء وعلى نظام العدالة بشكل عام.
لهذا تشير العديد من التقارير والدراسات إلى وجود تجاوزات وفساد في القضاء المغربي لم يسبق له مثيل، أو لربما كان لكن التكنلوجيا الحديثة هي التي غابت أنداك. ويتضح أن هناك تلاعبًا بالعملية القضائية وتأثيرًا سلبيًا على حياة المواطنين. وتشمل هذه التجاوزات اتهامات بشراء الأحكام والتلاعب بالإجراءات القضائية لتحقيق مصالح شخصية أو مالية.
ففي الأعوام الأخيرة، شهد المغرب عزل بعض القضاة لكنها لم تصل الى ما وصلت اليه اليوم من اعتقالات لعدد من القضاة وسماسرة المحاكم وحتى المحامون وقضاة النيابة العامة، وهو أمر يعكس القلق المتزايد من انتشار الفساد في النظام القضائي. لأن هذه الاعتقالات تمت بعد إطلاق الدولة لتحقيقات واسعة النطاق يديرها القصر الملكي بناءا على معلومات استخباراتية وتطبقها السلطات المختصة، لأن السيل وصل الزبى. وقد تم توجيه اتهامات متنوعة تتعلق بقبول الرشاوى والتلاعب بالأحكام القضائية والتآمر على تقديم العدالة، الى درجة تكوين عصابة إجرامية.
ويترتب على هذه الفضائح تأثيرات سلبية على المجتمع وثقة الناس في النظام القضائي. فقد يؤدي الفساد في القضاء إلى تقويض سيادة القانون ويفقد المواطنين الثقة في المحاكم والقضاة. يصبح الناس عرضة للظلم والتلاعب في قضاياهم الشخصية والمهنية، مما يؤدي إلى تدهور العدالة وانعدام الثقة في النظام القضائي. وهو بالفعل ما يقع حاليا، فحتى لو كنت مظلوما وبحوزتك كل الادلة والشواهد الطبية فإنك تتوجه الى المحكمة وكلك خوف ورعب. لن الذي يحكمونا بإيم القانون لا يخشون الله في عباده، بل سيدهم هو مراكمة ثروات على حساب معاناة و مصير أسر بكاملها.
ومن الجوانب المهمة لفهم فساد القضاء في المغرب، يجب أن نلقي الضوء على عوامل محتملة تسهم في هذه المشكلة. أحد هذه العوامل هو التدخل السياسي في العمل القضائي. قد يتعرض القضاة لضغوط من السلطة التنفيذية لصالح مصالح سياسية أو اقتصادية معينة. يؤدي ذلك إلى فقدان استقلالية القضاء وتأثير سلبي على قرارات المحاكمة والأحكام الصادرة. بل منهم من يتم طرده من منصبه لا لشيء سوى أنه قاضي نزيه ويخاف الله ويحكم بما يمليه عليه ضميره المهني النقي، ورغم التضييق فهناك الكثير من هذه الفئة لا تزال تعيش بيننا وتعيد الحقوق لأصحابها.
علاوة على ذلك، قد يكون الفساد في القضاء نتيجة لنقص في التدريب المهني والأخلاقي للقضاة. فعلى الرغم من أن معظم القضاة يمتلكون المؤهلات القانونية اللازمة، إلا أنه يجب تعزيز القيم الوطنية والمبادئ الأخلاقية في ممارسة مهامهم. كما يجب أن يكون هناك رقابة ومراقبة دقيقة لسلوك القضاة وتعزيز الشفافية والمساءلة في العمل القضائي.
ولمكافحة فساد القضاء في المغرب، ووقف هذا النزيف الذي نعيشه اليوم من اعتقالات بالجملة لسماسرة المحاكم وقضاة وكل من يسبح في فلكهم. يلزم تبني إجراءات صارمة ومستدامة. ينبغي تعزيز استقلالية القضاء وضمان أن يتم تعيين القضاة بناءً على معايير المهارة والكفاءة والنزاهة. كما يجب أيضًا توفير التدريب والتأهيل المهني للقضاة لتعزيز مستوى الكفاءة والأخلاق القضائية العالية.
بالإضافة إلى ذلك، يتعين تعزيز الرقابة والمساءلة في النظام القضائي. يجب إنشاء هيئات مستقلة لمراقبة سلوك القضاة والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بالفساد القضائي. يجب أن يكون هناك نظام متكامل للإبلاغ عن التجاوزات والفساد في القضاء، وضمان حماية المبلغين وتشجيعهم على الكشف عن أي أعمال غير قانونية تحدث داخل المحاكم. ولتحقيق ذلك لابد من إنشاء آليات خاصة للإبلاغ وتوفير ضمانات للمبلغين بالحفاظ على سرية هويتهم وحمايتهم من أي تعسف أو انتقام. بدل تمتيع القضاة بحصانة تجعلهم فوق القانون، كما ينص على ذلك الدستور.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز التوعية والتثقيف حول حقوق المواطنين والإجراءات القانونية، بحيث يتمكن الناس من الدفاع عن أنفسهم والتعبير عن مخاوفهم إذا واجهوا أي تجاوزات من قبل القضاة أو سماسرة المحاكم. فالمواطن المغربي بات يقمع داخل المحاكم امام دفاعه، وإن هو حاول ان ينتفض أو يعبر عن قناعاته دون خدش أو تطاول فإن قانون “اهانة موظف” ينتظره للزج به في السجن، وهي رسالة صريحة “إما ان تلتزم الصمت وتقبل بالظلم أو ستواجه ظلما أقوى مما ذقته”.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتعاون الجهات المعنية، مثل وزارة العدل والهيئة الوطنية للقضاء والمجتمع المدني و الاعلام، للعمل معًا في مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في القضاء. ينبغي تعزيز التعاون الدولي أيضًا لتبادل الخبرات والمعلومات وتعزيز المساعدة المتبادلة في مجال مكافحة الفساد.
في النهاية، يجب أن يكون هناك التزام قوي من قبل الحكومة والمؤسسات القضائية لمكافحة الفساد وتحقيق الشفافية والنزاهة في النظام القضائي المغربي. والقطع مع سنوات الرصاص وأيام كان القواد يحكمون الجهات والقبائل. إن تحقيق العدالة وحماية حقوق المواطنين يتطلب نظام قضائي مستقل ونزيه يستند إلى مبادئ حكم القانون والأخلاق القضائية. لا الى قانون “ساكسونيا”.
وبالتالي ففساد القضاة وتدخل سماسرة المحاكم له تأثير كبير على منظومة العدالة وحماية حقوق المتقاضين في المغرب والادلة كثيرة وكلها لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية “مغاربة يقضون عقوبة سجنية مقابل ديك بلدي”. ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى عدة عوامل :
تأثير الفساد على استقلالية القضاء : عندما يتورط القضاة في أعمال الفساد، يتعرض استقلاليتهم للتهديد. يكونون معرضين للتأثير والضغوط من الأطراف الخارجية، مثل السياسيين أو الأشخاص ذوي النفوذ الذين يسعون لتوجيه القرارات القضائية والأحكام لصالحهم. هذا يعرض نزاهة القضاء ونظام العدالة للخطر ويتسبب في تقليص حماية حقوق المتقاضين.
تأثير سماسرة المحاكم : يعمل سماسرة المحاكم كوسيطين غير رسميين يسعون للتأثير على سير القضايا ونتائجها بواسطة رشوة وتلاعب. قد يستخدمون علاقاتهم وروابطهم في النظام القضائي لتسهيل الوصول إلى القضاة والتأثير على قراراتهم. يعملون عادةً مع الأطراف المعنية، سواء كانوا متقاضين أو محامين أو حتى قضاة فاسدين، ويقومون بتقديم رشاوى مالية أو خدمات غير قانونية مقابل تسهيل العملية القضائية أو الحصول على قرارات مفضلة.
مما يجعل هذه الممارسات الفاسدة يكون لها تأثيرا مدمرًا على منظومة العدالة وحقوق المتقاضين. فالمواطنون يعتمدون على القضاء لحماية حقوقهم وتحقيق العدالة، وعندما يكون القضاء مرتشيًا وفاسدا أو يتعرض لتأثير خارجي، فإن ثقتهم في النظام القضائي تنخفض ويتعرضون للظلم والتلاعب في قضاياهم. يتأثر حق الدفاع وحق الوصول إلى العدالة، حيث يمكن للفساد وتدخل السماسرة أن يجعلوا العملية القضائية غير عادلة وغير شفافة.
بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الفساد في القضاء وتدخل السماسرة إلى ضعف مكافحة الجرائم وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب. إذ يمكن للمتهمين الثريين وذوي النفوذ أن يستغلوا الفساد والتدخل لتجنب المساءلة القانونية والخروج من قضاياهم دون عقاب. وهذا يؤثر سلبًا على نظام العدالة ويفتقر إلى تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. لهذا تجد البعض ممن يحتمون بالقضاة الفاسدين عندما يتكلم معك أول ما يقوله لك هو “واش معرفتيش معامن كتدوي؟”، “أنا لي غادي نربيك”، “غادي نرسلك للحبس” وبالفعل وبمكالمة واحدة يطبق عليك كل التهديد و الوعيد.
لمكافحة فساد القضاء والتدخلات غير القانونية، يجب اتخاذ إجراءات فعالة وحازمة. ينبغي تعزيز نزاهة القضاء وتطوير آليات رقابة فعالة للكشف عن التجاوزات ومعاقبة المتورطين. يجب أن تكون هناك آليات للإبلاغ السري والحماية للمبلغين، وتشجيع المجتمع المدني ووسائل الإعلام على المساهمة في رصد الفساد وتوجيه الضوء على هذه القضية.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب مكافحة فساد القضاء تعزيز الشفافية والحوكمة القضائية، وتعزيز استقلالية القضاة من خلال تحسين ظروف عملهم وتوفير التدريب المهني والأخلاقي. يجب تعزيز التوعية القانونية والتثقيف للمواطنين بحقوقهم وواجباتهم في العدالة، وتشجيع المشاركة المدنية في مراقبة وتقييم أداء القضاء.
إن تحقيق العدالة ومكافحة الفساد في القضاء يتطلب تعاون وجهود مشتركة من جميع الأطراف المعنية. لذا، ينبغي أن تتخذ الحكومة والهيئات القضائية إجراءات قوية وفعالة لمحاربة الفساد وضمان حماية حقوق المتقاضين. إليك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها :
تعزيز استقلالية القضاء : يجب ضمان أن يتم تعيين القضاة بناءً على معايير المهارة والكفاءة والنزاهة، وأن يتم حمايتهم من أي تدخل سياسي أو ضغوط خارجية. يجب أن يكون للقضاة حرية اتخاذ القرارات القضائية بناءً على القوانين والأدلة، وبعيدًا عن أية تأثيرات غير قانونية.
تعزيز الرقابة والمساءلة : يجب إنشاء هيئات مستقلة لمراقبة سلوك القضاة والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بالفساد القضائي. ينبغي أن تكون هذه الهيئات ذات سلطة قوية وموارد كافية للقيام بمهامها بشكل فعال. يجب أن يتم تعزيز الشفافية في عمل القضاء وتوفير آليات لتقييم أداء القضاة وتقديم الشكاوى والملاحظات.
تعزيز التدريب والأخلاق القضائية : يجب توفير التدريب المهني والأخلاقي المستمر للقضاة، وذلك لتعزيز مستوى الكفاءة والنزاهة في أداء مهامهم. ينبغي أن تشمل هذه التدريبات القوانين والأخلاقيات القضائية، وكذلك التوعية بأهمية حماية حقوق المتقاضين ومكافحة الفساد.
تشديد العقوبات على الفساد والمفسدين : يجب أن تكون هناك عقوبات صارمة ورادعة للقضاة المتورطين في الفساد، بما في ذلك العزل والمحاكمة العادلة والمسائلة الجنائية. يجب أن يتم محاكمة القضاة الفاسدين أمام هيئات قضائية مستقلة ونزيهة، وأن تكون هناك إجراءات قضائية سريعة وفعالة للتحقيق والمحاكمة.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز ثقافة النزاهة والأخلاق في القضاء وتعزيز الوعي بأهمية حماية حقوق المتقاضين وتحقيق العدالة. ينبغي أن يتم تعزيز القيم الأخلاقية والأخلاق القضائية في التدريب والتعليم، وتشجيع القضاة على الالتزام بمعايير النزاهة والشفافية في أداء مهامهم.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام في رصد وتوجيه الضوء على حالات الفساد في القضاء. يمكن للمنظمات غير الحكومية والصحفيين الاستقصاءيين والنشطاء المدنيين أن يلعبوا دورًا هامًا في كشف الفساد والتوعية بأهميته، وضغط الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحته.
في النهاية، يجب أن تكون مكافحة فساد القضاء أولوية قصوى للحكومة والمؤسسات القضائية في المغرب. يتطلب تحقيق نظام قضائي نزيه ونزاهة في المغرب، تعاون وتكاتف الجهود من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والهيئات القضائية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والمواطنين، من أجل محاربة الفساد وتعزيز حقوق المتقاضين وبناء نظام قضائي يستند إلى مبادئ العدالة والشفافية.
مقال جميل ورائع، وشامل بعنوان أجمل ….. كل التقدير للصحغي كاتب المقال السي مصطفى ومتمنياتي لك بمزيد من التوفيق.
فاعل حقوقي
اين الجأ في حالة ظلم من ظرف القاضي. علما ان لدي ما يثبت برائة وان ظرف الاخر ينتمي لحزب