
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في سابقة خطيرة تعكس حجم الفساد المستشري في قطاع استغلال المقالع بتراب جماعة سيدي يحيى زعير، كشفت تحقيقات ميدانية أجرتها “موطني نيوز” عن تورط مسؤولين محليين في التستر على مخالفات جسيمة وتجاوزات صارخة للقانون، في ظل غياب تام للمراقبة الحقيقية وتغاضي مفضوح من السلطات المحلية.
بعد أن سلطنا الضوء سابقاً على العلاقة التي تربط أحد نواب الرئيس المكلف بالرخص مع صاحب مقلع “بئر خليفة” والامتياز الذي حصل عليه بتشغيل ابنائه الثلاثة دفعتا واحدة، نعود اليوم لفتح ملف أكثر خطورة يتعلق بالتهرب الضريبي والتلاعب بمداخيل الجماعة، حيث أصبح صاحب المقلع المذكور يتصرف وكأنه فوق القانون، متحدياً كل السلطات والهيئات الرقابية.
وفي هذا السياق، نوجه سؤالاً صريحاً للسيد رئيس جماعة سيدي يحيى زعير: هل المستحقات المالية التي يؤديها مقلع “بئر خليفة” للجماعة تعكس القيمة الحقيقية لمداخيله؟ وما هي الآليات الشفافة التي تعتمدها الجماعة في احتساب هذه المداخيل؟
معلومات موثقة حصلت عليها “موطني نيوز” تكشف أن مداخيل المقلع تتراوح ما بين 500 ألف درهم ومليون درهم، أو أكثر، في حين أن المبالغ المصرح بها للجماعة لا تتعدى 20 ألف أو 30 ألف درهم، وهو ما يشكل تناقضاً صارخاً يستدعي التحقيق العاجل.
والدليل القاطع على ضخامة العمليات التي يشهدها هذا المقلع أن فاتورة استهلاك الكهرباء لشهر واحد تصل إلى 690 ألف درهم (حوالي 70 مليون سنتيم)، وهو رقم يكشف حجم الإنتاج الهائل الذي لا يتناسب مطلقاً مع المبالغ المصرح بها للجهات المعنية، لان سلسلة انتاج مقلع “بئر خليفة” تتأرجح بين (13 و 16) وهي ارقام يفهمها اصحاب الخبرة.
ففي تحدٍ سافر للقانون، كشفت مصادرنا الخاصة أن صاحب مقلع “بئر خليفة” قام بإقامة بناء عشوائي ضخم (مگازة) وسط المقلع دون رخصة او تصميم اوراي شيء، في مشهد يعكس ازدواجية المعايير في تعامل السلطات مع المواطنين.
فعلى ما يبدو، فإن السلطة المحلية التي لا تتوانى عن قمع المخالفات البسيطة للمواطنين العاديين، تقف عاجزة أمام أصحاب النفوذ والمال، وكأن هناك قانوناً للضعفاء وآخر للأقوياء.
وإزاء هذه التجاوزات الخطيرة، نحمّل مصالح الضرائب والهيئات الرقابية المسؤولية الكاملة عن هذا التسيب، ونطالب السيد عامل الصخيرات تمارة بإيفاد لجنة مختلطة ومستقلة للتحقيق في الرخص المسلمة والتحقق من حجم الإنتاج الحقيقي والمداخيل الفعلية.
كما ندعو الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وبتعليمات من السيد الوكيل العام، إلى فتح تحقيق شامل في ملف المقالع بسيدي يحيى زعير، خاصة في ظل معلومات موثوقة تشير إلى وجود شبكة شركات متداخلة تعمل تحت غطاء المقالع، في ما يمثل تهرباً ضريبياً صريحاً يستوجب المساءلة.
إن ما كشفناه اليوم ليس سوى غيض من فيض، وسنواصل تتبع هذا الملف بكل تفاصيله، وسنعود قريباً بمعلومات أكثر دقة حول حقيقة الشركات المتداخلة وحجم التهرب الضريبي وتورط مسؤولين محليين في التستر على هذه المخالفات.
ونؤكد أيضاً أن ثقتنا معدومة في اللجان الروتينية التي تزور المقلع سنوياً دون أي نتائج حقيقية، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من أعلى المستويات لوضع حد لهذا العبث بالمال العام والتلاعب بموارد الدولة.