من المسيرة الخضراء إلى الاعتراف الأمريكي..كيف كسر المغرب شوكة المؤامرة؟

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في خضم الضجيج الإعلامي الأخير حول قضية الصحراء المغربية، تبرز محاولات يائسة لإعادة كتابة التاريخ وتشويه الحقائق الثابتة. فالقضية ليست مجرد نزاع حدودي عابر، بل هي معركة وجودية بين دولة عريقة تدافع عن وحدتها الترابية، ومشاريع تفكيكية مدعومة من أنظمة تسعى لتصدير أزماتها الداخلية. الحقائق التاريخية والقانونية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الصحراء كانت دائماً جزءاً لا يتجزأ من المغرب، بدءاً من روابط البيعة التي تربط القبائل الصحراوية بالعرش العلوي، مروراً بالمطالبات المغربية المتكررة خلال فترة الاستعمار الإسباني، ووصولاً إلى رأي محكمة العدل الدولية عام 1975 الذي أعترف بوجود علاقات قانونية وتاريخية بين الصحراء والمغرب.

لكن لماذا تستمر الأزمة رغم كل هذه الأدلة الدامغة؟ الجواب يكمن في الدور المشبوه للنظام الجزائري الذي اختلق كيان “البوليساريو” من العدم عام 1973، محولاً قضية وحدة ترابية إلى ورقة ضغط سياسية. الجزائر، التي تعاني من أزمات عميقة، وجدت في دعم الانفصاليين وسيلة لإلهاء شعبها عن إخفاقات نظامها العسكري، ولضرب استقرار جارها المغرب. الدعم الجزائري لم يقتصر على الجانب السياسي، بل شمل التمويل العسكري واللوجستيكي، وتحويل مخيمات تندوف إلى مراكز لتدريب الميليشيات واستغلال المعونات الإنسانية في أنشطة مشبوهة. الأكثر إدانة هو تحالف هذا الكيان الوهمي مع أنظمة شمولية مثل كوبا وإيران وفنزويلا، مما يكشف الطبيعة الحقيقية لمشروع لا يهدف إلى “تحرير” بل إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.

في مواجهة هذه المناورات، قدم المغرب نموذجاً حضارياً للحل عبر مبادرة الحكم الذاتي عام 2007، التي تمنح الصحراويين سلطات إدارية وسياسية واسعة في إطار السيادة المغربية. هذه المبادرة الذكية حظيت بدعم دولي واسع، لأنها تجسد الحل الواقعي الوحيد القادر على إنهاء النزاع. المغرب لم يكتف بالطرح السياسي، بل حول الأقاليم الجنوبية إلى نموذج للتنمية من خلال استثمارات ضخمة في البنى التحتية والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، مما جعل هذه المناطق من بين الأكثر تطوراً في القارة الإفريقية. الإجماع الشعبي الصحراوي حول الانتماء للمغرب ظهر جلياً عبر المشاركة الواسعة في الانتخابات المحلية والبرلمانية، وهي حقائق تفضح زيف ادعاءات الانفصاليين.

على الصعيد الدولي، يشهد الموقف تأييداً متصاعداً للمغرب. فالقرار التاريخي للولايات المتحدة في ديسمبر 2020 بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه لم يكن سوى تتويجاً لمسار طويل من الدعم الأمريكي الثابت. أكثر من 40 دولة افتتحت قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بما فيها دول عربية وإفريقية، في خطوة تدحض كل المزاعم الانفصالية. حتى الأمم المتحدة، رغم تعقيداتها البيروقراطية، فشلت في منح “البوليساريو” أي شرعية دولية، بل شهدنا انسحاب عشرات الدول من الاعتراف بهذا الكيان الوهمي.

الحقيقة التي يجب أن تدركها كل الأطراف هي أن الصحراء المغربية ليست موضوعاً للمساومة. العالم بدأ يفيق من غبار الدعاية الانفصالية، ويدرك أن استقرار شمال إفريقيا مرتبط باحترام وحدة المغرب الترابية. المسيرة الخضراء لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل كانت وما زالت تعبيراً عن إرادة شعب يرفض التقسيم. المستقبل سيكتب فصلاً جديداً من انتصارات المغرب، بينما ستبقى مشاريع التفكيك مجرد فقاعة في سجل النزاعات المصطنعة. الصحراء مغربية بالأمس واليوم وإلى الأبد، وهذا هو التاريخ الذي لن تستطيع أي قوة تشويهه أو تغييره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!