مستشفى بنسليمان “الصخرة” تحفة معمارية تجمع بين الحداثة والأصالة تم الإستغناء عنها

مستشفى الصخرة الذي تم تشييده عام 1957 في مدينة بنسليمان


المصطفى الجوي – موطني نيوز

في مدينة بنسليمان الهادئة في ما مضى، والتي كانت تعرف سابقاً باسم “بولهو”، يقف مستشفى بنسليمان المعروف أنداك و الى يومنا هذا بلقب “الصخرة” شاهداً على إبداع معماري يجمع بين الوظيفية والجمال، بين الحداثة والأصالة. صمم هذا الصرح الصحي عام 1957 ليكون أكثر من مجرد مبنى طبي، بل تحفة فنية تنبض بالحياة وتتناغم مع محيطها بانسجام تام.

مدخل المستشفى

يتموضع المستشفى على منحدر شديد، حيث يتعامد محوره الرئيسي مع خط أقصى انحدار، فيما يتخذ اتجاهه شرقاً وغرباً، مما يسمح للجناحين الشرقي والغربي باستقبال أشعة الشمس الدافئة طوال اليوم خلال فصل الشتاء. هذا التصميم الذكي لا يضفي الدفء على الأروقة الداخلية فحسب، بل يخلق أيضاً بيئة صحية ملائمة للمرضى والعاملين على حد سواء. أما عندما يحل الصيف، فإن الستائر التي تغلق النوافذ المعرضة للشمس تحجب حرارتها، بينما تبقى النوافذ المقابلة مفتوحة لتحقيق تهوية عرضية طبيعية، مما يحافظ على برودة المبنى دون الحاجة إلى أنظمة تبريد معقدة.

مستشفى الصخرة عام 1957

عند الوصول إلى المستشفى، تستقبل الزائر مظلة كبيرة مغروسة في جدار الواجهة، معلقة بواسطة رواق خارجي قوي، تشكل المدخل الرئيسي لهذا الصرح. جدران المبنى، المشيدة من الحجر المحلي الذي تتنوع ألوانه بين البني المحمر والأصفر، تمنح الواجهة إيقاعاً بصرياً أخاذاً، حيث تتناقض خشونة الحجر مع نعومة الأسطح البيضاء للمظلات والعوارض الخرسانية، في لوحة فنية تجسد التناغم بين القوة والرشاقة. ولم تكن اللمسات الجمالية غائبة هنا، فسقف المظلة والنجارة الخارجية للأبواب والنوافذ تكتسي باللون الأزرق، وكأنها تقتبس زرقة السماء الصافية التي تظلل المنطقة.

الجهة الخلفية لمستشفى الصخرة في بنسليمان

على بعد خطوات فقط من المبنى الرئيسي، يتربع منزل الطبيب الرئيسي، الذي يشبه المستشفى في روحه المعمارية ومواده المستخدمة. بني هذا المنزل بالخرسانة والحجر والجص، مواد محلية تتناغم مع البيئة، فيما تكفل كاسرات الشمس الكبيرة والتراسات الواسعة ظلاً وبرودة خلال النهار، بينما توفر الجدران العازلة السميكة والسقف المتين دفئاً وهدوءاً في الليل. إنه ليس مجرد منزل، بل جزء لا يتجزأ من فلسفة تصميمية تجعل من العمارة خادماً للطبيعة والإنسان معاً.

منزل الطبيب الرئيسي

هكذا يظل مستشفى بن سليمان نموذجاً للعمارة الذكية التي تحترم بيئتها، حيث يتجلى الطراز البروتالي في صرامته الخرسانية، بينما تعكس المواد المحلية والألوان الترابية روح العمارة الإقليمية. إنه ليس مبنىً شُيد ليقدم الرعاية الصحية فحسب، بل هو قصيدة من حجر وخرسانة، تحكي قصة الانسجام بين الإنسان والأرض، بين الوظيفة والجمال. واليوم لم نعد نعلم عنه أي شيء، هل سيتم استغلاله في قادم الايام لغرضه الأصلي الذي شيد من أجله؟ ام ستعبث به أيدي تتحين الفرصة لإعدام كل ما له علاقة بالموروث الثقافي لهذه المدينة؟ 

منزل الطبيب المتصل بالمستشفى
الواجهة الجانبية للمستشفى
تصميم الداخلي للمستشفى كان بحمولة ازيد من 40 سرير
المستشفى من شرفة منزل الطبيب الرئيس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!