
المصطفى الجوي – موطني نيوز
لطالما تساءلنا، نحن ساكنة بنسليمان، عن السبب الحقيقي وراء هدم مسجد القائد العربي الزيادي، ذلك الصرح الذي كان شاهداً على تاريخ المنطقة وقوة بنيانها. هل كانت حالته الهيكلية فعلاً تستدعي الهدم؟ أم أن قراراً متسرعاً اتخذ دون دراسة أو تفكير؟ يبدو جلياً أن ترميمه كان خياراً أكثر حكمة من هدمه واستبداله بما نشهده اليوم مبنى هش يعاني من اختلالات لا حصر لها، تكشف عن فشل ذريع في التخطيط والتنفيذ. هذا المسجد الجديد، الذي كان يفترض أن يكون رمزاً للعبادة والاعتزاز، تحول إلى فضيحة معمارية تثير السخرية والاستياء، والمسؤول الأول عن هذا الإخفاق هو المندوب الإقليمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ببنسليمان، ذلك الغائب الحاضر الذي ترك الأمور تسير في مهب العشوائية والإهمال.

ولا يمكن أن نغفل هنا تهاون السلطات المحلية التي كان من المفترض أن تراقب أشغال إعادة البناء وتضمن جودتها، لكنها بدلاً من ذلك تركت المجال مفتوحاً للارتجال والفوضى. كان الجميع ينتظر افتتاح المسجد مع حلول شهر رمضان المبارك، لكن ما الذي حصل؟ مبنى يفتقر لأبسط مقومات الاستعمال! هل سمعتم يوماً بمسجد بلا مجاري للصرف الصحي؟ نعم، هذا هو واقعنا في بنسليمان! بعد تغيير مكان الوضوء، أُهمل ربطها بالشبكة الرئيسية، فأصبحت المياه راكدة تنتظر من يشفق عليها. وماذا عن الأمطار التي هطلت على سقف المسجد؟ بقيت حبيسة مكانها لعدم وجود مجرى لتصريفها، فتحول السقف إلى بركة ماء تكشف حجم الكارثة حتى تم حفر ثقف لمرور المياه. والقائمة تطول، فكل زاوية في هذا المسجد تحكي قصة تقصير واستهتار.

والأنكى من ذلك، أن السيد المندوب، في غياب أي رقابة حقيقية من السلطات، سارع إلى تفريش المسجد بالزرابي وكأن ذلك سيخفي العيوب الهيكلية! لكن أعمال النجارة والبناء لم تكتمل بعد، فكانت النتيجة زرابي متسخة ومبنى غير صالح للاستخدام. هذه العشوائية المقيتة والارتجالية المرفوضة يتحمل مسؤوليتها المندوب وحده، فهو من أشرف على هذا المشروع المشوه، وهو من فشل في ضمان تنفيذه وفق المعايير المطلوبة. لذلك، نرفع أصواتنا عالياً لنطالب السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالتدخل العاجل، وإرسال لجنة تفتيش للوقوف على حقيقة هذه الأشغال. هل تخضع فعلاً لدفتر التحملات والتصاميم المعتمدة والتراخيص الرسمية؟ أم أننا أمام فضيحة جديدة تضاف إلى سجل الإهمال بمدينة السيبة؟

مسجد القائد العربي الزيادي لم يكن مجرد حجارة، بل رمزاً للهوية والتاريخ، فهدمه كان اعتداءً صارخاً، وإعادة بنائه بهذا الشكل الهزيل انطلاقا من الصومعة التي تم تقليص طولها إهانة لا تُغتفر. وفي انتظار كشف المزيد من الاختلالات التي تتكشف يوماً بعد يوم، لنا عودة لهذا الموضوع، فلن نسكت حتى تُحاسب الجهة المسؤولة عن هذا العبث، وعلى رأسها المندوب الإقليمي الذي أدار ظهره لمسؤولياته وتركنا نعاني تبعات فشله وللسلطة التي لم تواكب أشغاله حتى اصبحوا اليوم يشتغلون بالحلول الترقيعية كل يوم.