قنطرة واد شراط رمز هندسي وتاريخي استمر لأزيد من قرن

قنطرة واد شراط عام 1917

المصطفى الجوي – موطني نيوز

تُعد قنطرة واد الشراط، الواقعة على الطريق الوطنية رقم واحد بين مدينتي الرباط والصخيرات في المغرب، واحدة من الأعمال الهندسية البارزة التي تجمع بين الجمال المعماري والأهمية الاستراتيجية.

هذه القنطرة الحديدية المعلَّقة، التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1917، تُجسّد إرثًا تاريخيًا وهندسيًا يعكس براعة التصميم في بدايات القرن العشرين. صممها المهندس الفرنسي “فردينوند أرنودين”، وهو اسم ارتبط بالعديد من الجسور المعلقة التي اشتهرت بمتانتها وأناقتها، حيث استخدم في بنائها مواد متطورة لعصرها، مثل الحديد الصلب والأسلاك الحديدية المتينة والصفائح المعدنية، مما جعلها نموذجًا للقوة والاستدامة بفضل توزيع متوازن للأحمال يسمح لها بتحمل الضغوط الناتجة عن حركة المرور والعوامل البيئية على مر السنين.

قنطرة واد شراط

تقع القنطرة في نقطة جغرافية ذات أهمية كبيرة، حيث تفصل بين منطقتي زعير والشاوية، ويُشكل وادي الشراط الحد الطبيعي بينهما، مما جعلها معبرًا حيويًا للتنقل ورمزًا للربط بين مختلف أجزاء المغرب، وبفضل موقعها على الطريق الوطنية رقم واحد، أصبحت شريانًا أساسيًا يدعم الحركة التجارية والاجتماعية بين المدينتين.

على الرغم من قوتها الهندسية، لم تكن بمنأى عن آثار الزمن والاستخدام المستمر، فخضعت لعدة عمليات صيانة وتجديد لضمان استمراريتها وأمانها، منها تلك التي جرت في عام 1958 والتي ساهمت في تعزيز هيكلها الحديدي، وكذلك فترة التجديدات بين عامي 1976 و1977 التي ركزت على تحسين قدرتها على مواجهة التحديات البيئية والحركية، وهي جهود تُظهر التزام السلطات المغربية بالحفاظ على هذا الإرث كجزء من البنية التحتية الوطنية.

قنطرة واد شراط

إلى جانب وظيفتها العملية، تُمثل القنطرة شاهدًا على تطور الهندسة المعمارية في المغرب خلال فترة الاستعمار الفرنسي، فهي ليست مجرد جسر يربط بين ضفتين، بل رمز للتقدم التكنولوجي والتفاعل الثقافي بين المغرب وأوروبا في تلك الحقبة، حيث جعلها تصميمها المميز واستخدامها للحديد المعلَّق محط اهتمام المهندسين وعشاق التاريخ على حد سواء.

مع مرور الوقت، وفي ظل التطورات الحديثة في مجال النقل والبنية التحتية، تواجه القنطرة تحديات تتعلق بقدرتها على استيعاب حركة المرور المتزايدة، مما قد يتطلب تدخلات أكثر تطورًا في المستقبل مع مراعاة الحفاظ على طابعها التاريخي والهندسي الفريد.

لتظل قنطرة واد الشراط أكثر من مجرد هيكل حديدي؛ إنها جزء من هوية المنطقة وتاريخها، وبتصميمها المبتكر وموقعها الاستراتيجي، تُجسّد مزيجًا رائعًا من الفن الهندسي والوظيفة العملية، ومع استمرار جهود الصيانة والتجديد، يبقى الأمل قائمًا في أن تظل شاهدة على ماضي المغرب وحاضره لأجيال قادمة، رغم خروجها من الخدمة عام 2025 لتكون هذه القنطرة قد صمدت في وجه التحديات لأزيد من قرن وتحديدا 108 سنوات ولا هزال شامخة كإرث حضاري في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!