الشرطة الملكية خطوة تاريخية نحو مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في المغرب

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في خطوة تعكس إرادة قوية وحاسمة في مواجهة الفساد وحماية المال العام، أصدر صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أوامره بإنشاء “الشرطة الملكية لحماية المال العام”. هذه المبادرة ليست مجرد إضافة جديدة إلى الهياكل الأمنية والإدارية في المغرب، بل هي رسالة واضحة وقوية مفادها أن زمن الإفلات من العقاب والاختباء وراء الحصانة قد ولى، وأن حماية المال العام هي مسؤولية وطنية مقدسة لا تقبل المساومة. إنها خطوة تاريخية تعكس رؤية ملكية واضحة لبناء دولة حديثة تقوم على مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة.

ما يميز هذه الشرطة هو استقلاليتها الإدارية والمالية، حيث تعمل مباشرة تحت أوامر وتعليمات صاحب الجلالة الملك محمد السادس شخصيا. وهذه الاستقلالية تمنحها صلاحيات واسعة وقدرة على التحرك بسرعة وفعالية دون أن تكون عرضة للضغوط السياسية أو الإدارية او حتى التعليمات الهاتفية التي قد تعيق عملها. وهذا الأمر يعد نقلة نوعية في إدارة ملف الفساد، خاصة في ظل تعقيدات بيروقراطية وقانونية تجعل من الصعب محاسبة الفاسدين النافذين، لا سيما إذا كانوا من كبار المسؤولين. إن وجود جهاز مستقل وقوي مثل الشرطة الملكية يعني أن الفساد لن يكون له مكان في المغرب الجديد وعهده القادم في ظل حكم الحسن الثالث.

ومن بين المهام الرئيسية التي أوكلت إلى الشرطة الملكية هو تتبع كبار المسؤولين في البلاد، بما في ذلك الوزراء والنواب البرلمانيين والموظفين السامين. هذه الخطوة تعتبر بمثابة زلزال في المشهد السياسي والإداري المغربي، حيث إنها تضع الجميع تحت المجهر دون استثناء. و لطالما كانت هناك شكوك حول استغلال بعض المسؤولين لمناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المال العام، ولكن مع وجود جهاز قوي ومستقل مثل الشرطة الملكية، فإن هذه الممارسات لن تكون ممكنة بعد اليوم. إنها رسالة قوية مفادها أن القانون هو فوق الجميع، وأنه لا مكان للفساد في المغرب.

إضافة إلى ذلك، أعلن عن إنشاء منصة إلكترونية خاصة بالشرطة الملكية لتلقي شكاوى المواطنين حول قضايا الفساد. هذه المنصة ستكون أداة فعالة لضمان مشاركة المواطنين في مكافحة الفساد، حيث سيتمكنون من الإبلاغ عن أي حالات فساد يشهدونها، مع ضمان حماية هويتهم. هذه الخطوة تعكس وعيًا عميقًا بأهمية دور المواطن في الرقابة والمحاسبة بعدما قطع وزير العدل المغربي الطريق على جمعيات وهيئات حماية المال العام، كما أنها تشجع على ثقافة الشفافية والنزاهة. بحق إنها خطوة نحو تعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، حيث بات يشعر المواطن بأن له دورًا فعالًا في حماية المال العام.

ومن خلال هذه الإجراءات، يقطع صاحب الجلالة الملك محمد السادس الطريق على كل من تسول له نفسه سرقة المال العام أو استغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الدولة وماليتها. هذه الخطوة تعتبر ضربة قوية لكل من يعتقد أن منصبه أو نفوذه يمكن أن يحميه من المحاسبة. لإنها رسالة واضحة وقوية مفادها أن المال العام هو ملك للشعب، وأن أي اعتداء عليه هو اعتداء على حقوق المواطنين ومستقبل الأجيال القادمة. وبالتالي فإنها خطوة نحو بناء دولة تحترم فيها سيادة القوانين وتُحاسب فيها كل الجهات دون استثناء.

وما يجعل الشرطة الملكية لحماية المال العام جهازًا فريدًا من نوعه هو أنها الأولى من نوعها في المغرب، وربما في المنطقة العربية بدون منازع. لأن إنشاء مثل هذا الجهاز يعكس إدراكًا عميقًا لخطورة ظاهرة الفساد وتأثيرها السلبي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لطالما كان الفساد أحد أكبر العقبات والمعيقات التي تواجه الدولة المغربية، حيث إنه يستنزف الموارد ويقوض الثقة في المؤسسات الحكومية. وبإنشاء هذا الجهاز، يضع المغرب نفسه في طليعة الدول التي تعمل بجدية على مكافحة هذه الظاهرة و إقتلاعها من جذورها.

إن إنشاء الشرطة الملكية جاء نتيجة لتغول بعض المسؤولين وتجبرهم بل منهم من اصبح يتعالى على المؤسسة الملكية ويحتقر المواطنين، حيث أصبحت بعض الجهات تعتقد أنها فوق القانون بل حتى فوق سلطة الملك. هذا التغول أدى إلى تفشي الفساد في بعض القطاعات، مما أثر سلبًا على سمعة المؤسسات الحكومية وأضعف ثقة المواطنين فيها. من خلال هذه الشرطة، يتم إرسال رسالة قوية مفادها أن القانون هو فوق الجميع، وأنه لا مكان للفساد في المغرب الجديد. لإنها خطوة نحو استعادة الثقة في المؤسسات الحكومية وضمان أن تكون هذه المؤسسات في خدمة المواطن وليس العكس.

ولا شك أن إنشاء الشرطة الملكية سيترك تأثيرًا كبيرًا على المشهد السياسي والاقتصادي في المغرب. سياسيًا، ستعمل هذه الخطوة على تعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، حيث إنها تظهر أن الدولة جادة في محاربة الفساد. واقتصاديًا، ستساهم في تحسين مناخ الاستثمار، حيث إن المستثمرين يفضلون العمل في بيئة نظيفة وخالية من الفساد بدون زبونية أو محسوبية أو محاباة. لإنها خطوة نحو بناء اقتصاد قوي ومستدام يعتمد على الشفافية والنزاهة.

رغم كل هذه الإيجابيات، فإن الشرطة الملكية ستواجه عددًا من التحديات. أول هذه التحديات هو مقاومة التغيير من قبل بعض الجهات التي تستفيد من الوضع القائم. ثانيًا، هناك تحدي ضمان استقلالية الشرطة بشكل كامل وعدم تعرضها لأي ضغوط سياسية أو إدارية. ثالثًا، يجب أن تكون هناك آلية فعالة لضمان حماية المبلغين عن الفساد، حيث إنهم قد يتعرضون للتهديد أو الانتقام. إن التغلب على هذه التحديات يتطلب إرادة قوية وتعاونًا بين جميع الجهات المعنية.

ولا يمكن للشرطة الملكية أن تعمل بمعزل عن المجتمع المدني والإعلام طبعا. كما يجب أن يكون هناك تعاون وثيق بين هذه الجهات لضمان نجاح مهام الشرطة الملكية. فالمجتمع المدني يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في التوعية بأهمية مكافحة الفساد، بينما يمكن للإعلام أن يكون أداة فعالة في كشف حالات الفساد ومراقبة عمل الشرطة الملكية. لأنها شراكة ضرورية لضمان أن تكون الشرطة الملكية أداة فعالة في مكافحة الفساد.

وبالتالي، فإن إنشاء الشرطة الملكية لحماية المال العام هو خطوة تاريخية تعكس رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس في بناء مغرب حديث ومتقدم. هذه الخطوة ليست فقط وسيلة لمكافحة الفساد، بل هي أيضًا تعزيز لمبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة. وبالتالي رسالة قوية إلى الداخل والخارج مفادها أن المغرب جاد في حماية موارده وبناء مستقبل أفضل لأبنائه.

إن نجاح هذه الشرطة سيعتمد على مدى التزامها بمبادئ العدل والمساواة، وعلى دعم المواطنين والمجتمع المدني والإعلام. بإعتبارها خطوة في الاتجاه الصحيح، وخطوة نحو مستقبل أكثر إشراقًا للمملكة المغربية الشريفة.

حلم نرجو من الله ومن صاحب الجلالة أن يتحقق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!