الحب في ميزان المال..رؤية معاصرة لتحديات الزواج في عصر المادة

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في عالمنا المعاصر، تتشابك خيوط العلاقات الإنسانية بنسيج معقد من المشاعر والطموحات والواقع الاقتصادي. وفي قلب هذا النسيج، تبرز قضية جوهرية تمس جوهر المجتمع: العلاقة بين الحب والمال، وتأثيرها على مؤسسة الزواج.

لقد أضحى جليًا أن الظروف المادية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل العلاقات العاطفية. فالحب، ذلك الشعور السامي، يجد نفسه في صراع مستمر مع متطلبات الحياة اليومية. وكأن قدر العاطفة أن تتصادم مع صخرة الواقع الاقتصادي الصلبة.

في هذا السياق، نشهد ظاهرة مثيرة للاهتمام: تزايد معدلات العنوسة في المجتمع. وهنا يبرز سؤال جوهري: هل حقًا اختفى الرجال، أم أن معايير الاختيار قد تغيرت؟ الواقع يشير إلى أن مفهوم “الرجل المناسب” في نظر الكثيرات قد ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرة المالية والمكانة الاجتماعية. أو ما يعرف في ديننا الحنيف بالقوامة.

ولكن، هل يمكننا إغفال التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها مجتمعنا؟ فخروج المرأة إلى ميدان العمل، وهو تطور إيجابي بلا شك، قد أحدث تغييرات جذرية في ديناميكيات سوق العمل وبالتالي في العلاقات الاجتماعية.

ومن المفارقات اللافتة أن ارتقاء المرأة في سلم التعليم والمهنة قد يضعها أمام تحديات جديدة في مسألة الزواج. فكلما ارتفعت مكانتها العلمية والمهنية، ازدادت صعوبة العثور على شريك يتوافق مع طموحاتها وتطلعاتها. وهنا نجد أنفسنا أمام معادلة صعبة: كيف نوفق بين طموح المرأة المشروع في التقدم العلمي والمهني وبين رغبتها في تكوين أسرة؟

في خضم هذا المشهد المعقد، نشهد ما يشبه سباقًا محمومًا بين النساء للظفر بقلب الرجل الميسور. وهنا تتجلى استراتيجيات متنوعة، تختلف باختلاف العمر والخبرة والمؤهلات. ولكن، أليس من الحكمة أن نتساءل: هل هذا السباق يحقق السعادة الحقيقية لأي من الطرفين؟

وفي النهاية، نصل إلى حقيقة جوهرية: إن العلاقات الإنسانية الحقيقية والدائمة تُبنى على أسس أعمق من مجرد الظروف المادية. فالحب الحقيقي، والتفاهم المتبادل، والاحترام المشترك، هي القيم التي تصمد أمام تقلبات الزمن وتحديات الحياة.

وبالتالي لا تبحثوا عن الحب فقط..ابحثوا عن السند..عمن يحنو مودة ويدنو رحمة..عن ساتر العيوب بما تحملون من ميزات..عن غافر الزلات بما تحاملتم من أعذار..عن الأمان الذي لا يعقبه خوف والدفء الذي لا يتبعه برد..ابحثوا عمن تتخطون معه عتبات الحب الى منزلة المودة والرحمة

لذا، فإن الدعوة موجهة للجميع، رجالًا ونساءً، للتفكير مليًا في جوهر العلاقات الإنسانية، وإعادة النظر في معايير الاختيار، والسعي نحو بناء مجتمع يقدر القيم الإنسانية الأصيلة فوق كل اعتبار مادي زائل.​​​​​​​​​​​​​​​​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!