المصطفي الجوي – موطني نيوز
في تطور دراماتيكي قد يعيد رسم خارطة العلاقات الأوروبية-المغربية، أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكماً مدوياً يوم أمس الجمعة 4 اكتوبر 2024، قضى بإبطال اتفاقيات الصيد والزراعة المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية منذ خمس سنوات. وجاء في حيثيات الحكم أن هذه الاتفاقيات أخفقت في استيفاء شرط أساسي: ضمان مشاركة سكان الصحراء المغربية في عملية صنع القرار.
وأكدت المحكمة، في قرارها النهائي الذي لا يقبل الطعن، أن الاتفاقيات التي دخلت حيز التنفيذ عام 2019 “كان ينبغي أن تتضمن رأي شعب الصحراء المغربية، وهو ما لم يحدث”. وشددت المحكمة على أن هذا الإغفال يشكل خرقاً صريحاً لمبادئ حق تقرير المصير المكفولة دولياً.
وفي خطوة لافتة، رفضت المحكمة الواقعة في لوكسمبورغ بشكل قاطع الاستئنافات المقدمة من المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، اللذين يمثلان الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة. ويأتي هذا القرار ليضع علامة استفهام كبيرة حول مستقبل العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بروكسل والرباط.
وعلى الرغم من إقرار المحكمة بأن مؤسسات الاتحاد الأوروبي قد أجرت مشاورات قبل إبرام الاتفاقيات، إلا أنها انتقدت بشدة نطاق هذه المشاورات. فقد اقتصرت على أشخاص متواجدين في منطقة الصحراء المغربية، دون التمييز بين من ينتمون إلى شعب الصحراء المغربية ومن لا ينتمون إليه. كما لفتت المحكمة الانتباه إلى حقيقة أن شريحة كبيرة من سكان الصحراء المغربية يعيشون حالياً خارج المنطقة، مما يثير تساؤلات حول شمولية وعدالة عملية التشاور.
وتكتسب هذه القضية أهمية خاصة نظراً للموقع الاستراتيجي للصحراء المغربية المطلة على المحيط الأطلسي، وثرواتها الطبيعية، خاصة الفوسفات. وقد أثار الحكم ردود فعل سريعة من قيادات الاتحاد الأوروبي، حيث صرحت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وجوزيف بوريل، منسق العلاقات الخارجية للاتحاد، في بيان مشترك أنهما “سيدرسان الحكم بعناية”، مؤكدين في الوقت نفسه عزمهما على “الحفاظ على العلاقات مع المغرب وتوسيعها”.
ويبقى السؤال المطروح: كيف ستتعامل بروكسل والرباط مع هذا التحدي القانوني الجديد؟ وما هي تداعيات هذا الحكم على مستقبل العلاقات الأوروبية-المغربية وقضية الصحراء المغربية؟ لا شك أن الأيام القادمة ستحمل المزيد من التطورات في هذا الملف الشائك.