المصطفى الجوي – موطني نيوز
الحب هو شعور قوي ومتعدد الأبعاد يتمتع به البشر في جميع أنحاء العالم. وبغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية أو الاقتصادية، فإن الأشخاص يبحثون دائمًا عن الحب والتقدير والاعتراف بالقيمة الخاصة بهم. ومع ذلك، فإن الأغنياء قد يكونوا مستهدفين لمن يسعون لإرضائهم والمتملقين لهم.
قد يتمتع الأغنياء بموارد هائلة وقدرات مذهلة حباهم الله بها دزن غيرهم، ولكنهم ليسوا مثاليين بأي شكل من الأشكال وأنا هنا لا أعمم فهناك أغنياء أعرفهم عن قرب وأرفع لهم القبعة. وبغض النظر عن نوع الشخص الغني الذي يتحدث عنه، فإنه من الواضح أن هناك بعض الأشخاص الذين يحبون المتملقين لأنهم يعتقدون أنهم يؤكدون قيمتهم وسلطتهم ونفوذهم. ومع ذلك، فإن هذا الحب ليس دائمًا صادقًا أو متجذرًا في الاحترام الحقيقي أو القيم الإنسانية الحقيقية، بل هي واجهة تخفي خلفها مصلحة فجة.
في الواقع، يمكن أن يؤدي الحب الزائف والمتملق إلى شعور الأغنياء بالنعاس والاستهانة بمن يتواصلون معهم بصدق وصراحة. وقد يكون من الطبيعي أن يشعروا بالإحباط تجاه الأشخاص الذين يتحدثون معهم بوضوح وشفافية، وخاصة إذا كان الحديث يدور حول الأمور التي لا تتناسب مع مصالحهم المالية أو الشخصية. لدرجة أنهم يصفون المتفوهون بها بالوقاحة وقلة الأدب.
الحب الزائف والمتملق ليس سوى محاولة للتلاعب بالآخرين والحصول على مزايا شخصية. ولكن الحب الحقيقي يتطلب الصدق والاحترام المتبادل والقبول المتبادل، وهي القيم التي يجب أن يتمتع بها الحب الحقيقي تتطلب الصراحة والشفافية والاحترام المتبادل والتقدير والتفاهم والتضامن. وبدلاً من تشجيع المتملقين، يجب على الأغنياء أن يبحثوا عن الأشخاص الصرحاء والذين يتحدثون بصراحة معهم، والذين يشاركونهم في القيم والأهداف والمصالح المشتركة. لا أن أكون ظهر الدابة التي يعتليها، أو الفوطة التي يمسح فيها يديه ورجليه.
وعلى الرغم من أن الأغنياء لديهم المال والسلطة والنفوذ وهذا فضل ونعمة من الله ندعوا الله أن يزيدهم من نعيمه ويغرقهم في فضله، إلا أنه يجب عليهم أن يتذكروا دائمًا أن الأشخاص هم المهمون، وأنه لا يمكن لأي شخص أن يتمتع بالسعادة والرفاهية إذا كان يعامل الآخرين بشكل سيء أو يستغلهم. أو ينظر لهم نظرة السيد للعبد، فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟.
وبشكل عام، يجب على الناس أن تتحلى بالصدق والشفافية والاحترام المتبادل، وأن يبحثوا عن العلاقات الحقيقية والتي تستند إلى الثقة والتفاهم والمصالح المشتركة. وعلى الأغنياء أن يتذكروا دائمًا أن المتملقين لن يؤكدوا قيمتهم الحقيقية، وأن الأشخاص الصرحاء هم من يستحقون الاحترام والتقدير والحب.
ويجب علينا جميعًا أن نتذكر أن الحب والتقدير والاحترام المتبادل هي الأساس الذي يقوم عليه العلاقات الإنسانية الصحية. وبدلاً من الانجذاب إلى المتملقين والمتحمسين للثراء والنفوذ، يجب علينا جميعًا أن نبحث عن الأشخاص الذين يشاركوننا القيم والأهداف والمصالح المشتركة، والذين يمكننا الاعتماد عليهم في اللحظات الصعبة والسهلة على حد سواء.
كما يجب علينا جميعًا أن نتذكر أن الحب والتقدير والاحترام هي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه العلاقات الإنسانية، وأنه يجب على الأغنياء أن يبحثوا عن الأشخاص الصرحاء والمخلصين الذين يشاركونهم القيم والأهداف والمصالح المشتركة، ويحافظون على هذه العلاقات على المدى الطويل. وأن يمدوا يد المساعدة للجميع لا للفئة التي تمدحهم في وجوهم واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا نكرهكم.
فعلاقة الأغنياء بالمتملقين تتميز بطابع من الاستغلال وعدم المساواة، إذ يقوم الأغنياء بتحديد مستوى العلاقة الاجتماعية مع المتملقين بناءً على مدى الفائدة التي يستطيعون الحصول عليها منهم. وغالباً ما يستخدم الأغنياء المتملقين لتعزيز مكانتهم ونفوذهم في المجتمع، وذلك من خلال تقديم الخدمات والمساعدة المادية للمتملقين وتقديم الهدايا والدعوات للمناسبات الاجتماعية والحفلات والأحداث الأخرى.
وفي هذه العلاقة، يستمد المتملقون قوتهم ونفوذهم من الأغنياء، ويتحولون إلى أدوات لخدمة أغراضهم ومصالحهم. ومن جهتهم، يستمد الأغنياء رضاهم النفسي والاجتماعي من تحكمهم في العلاقة مع المتملقين، ومن استخدامهم لهم كوسيلة لتأكيد سيطرتهم والحفاظ على نفوذهم في المجتمع.
ويتسم هذا النوع من العلاقات بالانحياز الواضح لصالح الأغنياء، حيث يتم التعامل مع المتملقين بطريقة تجعلهم يشعرون بالاهتمام والتقدير، وذلك عن طريق تلبية متطلباتهم ومنحهم الأفضليات في المجتمع. ويترتب على هذا الانحياز عدم احترام الأشخاص الصرحاء الذين لا يتوافقون مع أهدافهم ومصالحهم، والذين يعتبرونهم تهديدًا لنفوذهم وسيطرتهم.
وفي النهاية، تشكل علاقة الأغنياء بالمتملقين علاقة متوازنة من الاستغلال والتبادل، وتعكس مدى الفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء في المجتمع. وبالرغم من أن هذه العلاقة لا تزال موجودة في كثير من الثقافات والمجتمعات، إلا أنها تعد ظاهرة سلبية وغير صحية وتسبب الكثير من الانحرافات والتشويهات في المجتمع.
لذلك، يجب على الأغنياء تحمل مسؤولياتهم الاجتماعية والانفتاح على الأشخاص الصرحاء والتعاون معهم، وعدم الاستناد فقط على المتملقين في تحقيق أهدافهم وتعزيز مكانتهم في المجتمع. وعلى المجتمع بأسره أن يتحلى بالمساواة والعدالة والتقدير للأشخاص الصرحاء وهذا راجع لهم طبعا، وأن يعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية العادلة للجميع، حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من فرص النمو والتقدم في الحياة، بغض النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو مكانتهم المادية.
يجب أن نفهم أن المتملقين هم أشخاص يتعمدون الاقتراب من الأغنياء وتمليكهم بعض الأوهام الزائفة، من أجل الحصول على المزيد من الفرص والمنافع الشخصية وما أكثرهم في مجتمعنا. وهذا يعتبر شكلاً من أشكال العلاقات السلبية المبنية على الاستغلال والتلاعب والمصلحة الذاتية، وقد يؤدي إلى تفاقم الفجوة الاجتماعية وزيادة العدم المساواة بين الأفراد في المجتمع.
ومن المهم أن نذكر أن هذا النوع من العلاقات يؤثر بشكل سلبي على الأغنياء أيضًا، حيث يتعرضون للكثير من الضغوط والتلاعب من قبل المتملقين، وبالتالي يمكن أن يفقدوا الثقة في الناس ويشعروا بالعزلة والارتباك، وهو ما وقع بالفعل في العديد من المناسبات. ومن الواضح أن الأغنياء يمتلكون نفوذًا وقدرة على تحويل هذه الظاهرة إلى شيء إيجابي، عن طريق العمل على تحقيق المساواة والعدالة في المجتمع، ودعم الأشخاص الصرحاء وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي للجميع.
بشكل عام، يجب على الجميع العمل على تحقيق المساواة والعدالة وتفادي العلاقات السلبية المبنية على الاستغلال والتلاعب والمصالح الذاتية، حتى يتمكن المجتمع من التقدم والنمو بشكل مستدام وعادل للجميع، وتحقيق السلام والاستقرار والتعايش السلمي بين جميع أفراده.
يشير القرآن الكريم إلى أن الثراء والنفوذ لا يعتبران أساسًا للكرامة والشرف والقيمة الإنسانية، بل يعتمد ذلك على التقوى والأخلاق والأعمال الصالحة. وفي القرآن الكريم يذكر الله عز وجل عن الأغنياء وكيف ينبغي أن يكون تعاملهم مع المجتمع، وذلك في الآيات التالية :
بسم الله الرحمان الرحيم “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” (النساء: 10)، ويقول عز وجل كذلك، “وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا” (الإسراء: 37). وفي صورة القصص الأية 77 نبههم الله بقوله “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا”. بالاضافة الى قوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَلْهَكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” (المنافقون: 9).
ومن هنا، يجب على الأغنياء أن يكونوا متواضعين ومحبين للخير والإحسان، وعدم الاستغلال والتلاعب بالآخرين، وعلى المجتمع بأسره أن يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق توازن بين الثروات وتوزيعها بطريقة عادلة ومنصفة، وتوفير فرص العمل والتعليم والخدمات الأساسية للجميع، بما يساهم في تحسين مستوى المعيشة ورفع مستوى الوعي والتحصيل الثقافي للفرد والمجتمع بأسره.
ويقول القرآن الكريم: “وَلَا تَمَنَّنْ تَسْتَكْثِرُ” (الحديد: 23)، وهذا يدل على أن الانسان لا ينبغي له أن يتملق الأغنياء ويسعى للتفاخر بثراءه، بل يجب عليه الاعتماد على الله وأن يسعى لتحقيق المساواة والعدالة والنهوض بالمجتمع.
وفي الختام، يجب على الأغنياء والأثرياء وكل الناس عموماً الالتزام بالأخلاق والقيم الإنسانية، والعمل على تحقيق التقوى والاعتماد على الله، وأن يكون التعامل بين الناس على أساس المحبة والتعاون والاحترام المتبادل، وتجنب الانجرار وراء الفخر والتفاخر بالثروة والنفوذ، وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ.