المصطفى الجوي – موطني نيوز
في قلب إقليم بنسليمان، تتفشى ظاهرة مقلقة تهدد النسيج الاجتماعي والبنية التحتية للمدينة على حد سواء. إنها ظاهرة تخريب الممتلكات العامة، التي باتت تشكل تحديًا حقيقيًا للسلطات المحلية والمجتمع ككل. فما الذي يدفع بعض أفراد المجتمع إلى تدمير ما يفترض أنه ملك لهم وخدمة لهم؟ هل هي صرخة احتجاج صامتة أم انعكاس لثقافة متجذرة من اللامبالاة والتخريب؟
لعل المشهد الأكثر إيلامًا هو رؤية الحدائق العامة وقد تحولت إلى ساحات مهجورة، والمقاعد المحطمة في الشوارع، وجدران المباني العامة المشوهة بالكتابات والرسومات العشوائية والقائمة طويلة. هذه المظاهر ليست مجرد أعمال تخريب عابرة، بل هي أعراض لمشكلة أعمق تضرب جذورها في صميم المجتمع.
يرى البعض في هذه الأفعال تعبيرًا عن حالة من السخط والإحباط تجاه أداء السلطات المحلية. فالشعور بالتهميش وغياب التنمية الحقيقية قد يدفع بعض الأفراد إلى التعبير عن غضبهم بطرق غير بناءة. ومع ذلك، فإن هذا التفسير وحده لا يبرر حجم الدمار الذي يلحق بالمرافق العامة.
من جانب آخر، تبرز فرضية أخرى تشير إلى وجود ثقافة متأصلة من عدم احترام الملكية العامة. فغياب التربية على المواطنة وضعف الشعور بالانتماء للمجتمع قد يكونان من العوامل الرئيسية وراء هذه الظاهرة. إن عدم إدراك قيمة المال العام وأهمية الحفاظ عليه يشكل تحديًا كبيرًا يتطلب جهودًا حثيثة في مجال التوعية والتثقيف.
لا يمكننا أيضًا تجاهل العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تغذي هذه الظاهرة. فارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، وغياب فرص الترفيه والأنشطة الهادفة، والادمان على المخدرات قد يدفع البعض إلى التفريغ السلبي لطاقاتهم من خلال أعمال التخريب. لأن توفير فرص عمل حقيقية وخلق مساحات للإبداع والتعبير قد يكون جزءًا أساسيًا من الحل. خاصة وان المسؤولين عن قطاع الشباب لا وجود لهم ولم يساهموا في شيء لهذه الفئة.
كما أن ضعف تطبيق القانون وغياب العقوبات الرادعة يساهم في استفحال المشكلة. فعندما يرى المخربون أن أفعالهم تمر دون عقاب، فإن ذلك يشجعهم على الاستمرار في نهجهم التدميري. لذا، فإن تفعيل آليات الرقابة وتطبيق العقوبات بحزم قد يكون ضروريًا لردع مثل هذه السلوكيات.
إن معالجة ظاهرة تخريب الممتلكات العامة في بنسليمان تتطلب نهجًا شموليًا يجمع بين التوعية والتنمية والردع. فمن الضروري تعزيز الحوار بين السلطات والمواطنين، وتنفيذ برامج تنموية حقيقية تلبي احتياجات السكان، مع التركيز على تعزيز قيم المواطنة والانتماء.
وبالتالي، إن مستقبل بنسليمان وجمال مدينتها يعتمد على مدى قدرة المجتمع على تجاوز هذه الأزمة. فهل سيتمكن أبناء المدينة من تحويل طاقاتهم نحو البناء بدلاً من الهدم؟ وهل ستنجح الجهود المشتركة في غرس ثقافة احترام الممتلكات العامة في نفوس الأجيال القادمة؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد ما إذا كانت بنسليمان ستتحول إلى نموذج للتنمية المستدامة في ظل هذا الحراك بمناسبة استضافة بلادنا لكأس العالم، أم ستظل أسيرة لدوامة التخريب والإهمال لأن العقلية ونوعية البشر الذي يعيش بيننا متشبع بثقافة الهدم والتخريب.