هل ستنجو حكومة “أخنوش” من أعاصير الأزمات المتلاحقة؟

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

بعد انقضاء العطلة الصيفية الوزارية، ستعقد الأمانة العامة للحكومة أول اجتماع حكومي يوم الخميس 22 غشت الجاري. وستواجه حكومة عزيز أخنوش العديد من الملفات الشائكة التي لم تتمكن من حلها خلال نصف الفترة الحكومية الأولى، في ظل استمرار الإضرابات والاحتجاجات في القطاعات الاستراتيجية مثل الصحة والتعليم والعدل.

وقد استفاد الوزراء من “الراحة” الصيفية التي دامت لأكثر من أسبوعين، حسب جدول أعمال كل وزير. ومن المتوقع أن يبدأ الوزراء العمل الرسمي مباشرة بعد الاحتفالات بالذكرى المرتقبة لثورة الملك والشعب في 20 غشت وعيد الشباب في 21 غشت.

حيث ستواجه الحكومة، التي وُصفت بحكومة “الكفاءات”، في النصف الثاني من ولايتها التشريعية، تحديات حارقة ومستعجلة تتطلب حلولاً فورية ومبتكرة، خاصة في ظل الاحتجاجات والإضرابات التي تطال القطاعات الحيوية. هذه الاحتجاجات تعكس التدهور المستمر في الأوضاع المعيشية وردود الفعل الشعبية ضد التدابير الحكومية التي لم تلبي التطلعات الكبيرة. تأتي هذه الاحتجاجات أيضاً في ظل انتقادات المعارضة حول “الاستخفاف بالمؤسسة التشريعية” وضعف تفاعل الحكومة مع المبادرات البرلمانية وتراجع حضور الوزراء في الجلسات العامة، إلى جانب الإجابات الفضفاضة عن الأسئلة المطروحة.

ومن أبرز القضايا العالقة التي تنتظر الحكومة في بداية العام الدراسي الجديد هي أزمة طلبة الطب. فبعد فشل الحكومة في احتواء الغضب الطلابي وتحقيق توافق مع التنسيقيات وتمثيليات الطلبة، يتواصل الإضراب بنسبة 100% منذ شهر دجنبر 2023 في مختلف كليات الطب في المملكة. ويواجه نحو 15 ألف طالب مصيراً غامضاً بعد رفض وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عقد جلسات جديدة مع ممثليهم.

من جهة أخرى، يستعد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، لدخول مدرسي “ساخن”، خاصة بعد تهديدات التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين بالاحتجاج إثر توقيف سبعة أساتذة دون تسوية أوضاعهم. كذلك، يواجه الوزير انتقادات بسبب الاقتطاعات المالية “غير المشروعة” التي تعرض لها الأساتذة وملف الحركة الانتقالية الذي أثار استياءً واسعاً.

وفي ميدان العدل، تسبب مشروع قانون المسطرة المدنية الذي أقره وزير العدل عبد اللطيف وهبي في موجة من الاحتجاجات بين المحامين الذين وصفوا المقتضيات الجديدة بأنها “رجعية”. وقد أحيل مشروع القانون إلى المحكمة الدستورية بناءً على طلب رئيس المؤسسة التشريعية، ومن المتوقع أن تواجه الحكومة ضغوطاً كبيرة قبل انتهاء العام.

وزارة التجهيز والماء، برئاسة نزار بركة، هي بدورها تواجه تحديات جسيمة تتعلق بأزمة الجفاف وشح المياه، في ضوء الخطاب الملكي الأخير. وقد تم وضع “خارطة طريق شاملة” لمواجهة هذه الأزمة تتطلب من الوزير سرعة التنفيذ في ظل هذه الظروف غير المسبوقة.

كما أن وزير المالية، فوزي لقجع، بمعية وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أمام تحديات إعداد قانون المالية لسنة 2025 الذي حددت فيه الحكومة أولويات تشمل تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، وتوطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل، إلى جانب الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية والحفاظ على استدامة المالية العامة.

ومن القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجهها الحكومة أيضاً، أزمة الغلاء وارتفاع تكلفة المعيشة التي باتت تهدد الطبقة المتوسطة. وفقاً لتصنيف “أغلى الدول للعيش لسنة 2024″، فقد احتل المغرب مرتبة متقدمة ضمن قائمة أغلى البلدان، مما زاد من حدة الاستياء الشعبي.

وقد أشار رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، في الرسالة التأطيرية لمشروع قانون المالية 2025 إلى تخصيص دعم للسلع الأساسية من أجل الحد من تأثيرات الأزمة على القدرة الشرائية للمواطنين، مع التأكيد على الإسراع في إعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز وتنفيذ برامج اجتماعية واقتصادية تدعم الفئات الأكثر هشاشة. بحيث تضع الحكومة ضمن أولوياتها أيضاً تعزيز السيادة المائية والغذائية والطاقية، ودعم الاستثمار الخاص والمنتج، استجابةً للتحديات الراهنة التي تواجه المملكة.

ففي ظل هذا الوضع الكارثي الذي تشهده البلاد، بين ضربات الطبيعة الغاضبة وتداعيات الأزمات البشرية المتفاقمة، يقف الوطن على حافة هاوية لا يمكن تجاوزها إلا بتكاتف الجهود وتحمل المسؤوليات. إن لم يتحرك عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس ومعه القيادة السياسية بقرارات جريئة وإجراءات حاسمة، فإن الثمن الذي سيدفعه الشعب سيكون باهظاً ومكلفا، لا تتحمله أجيال الحاضر ولا المستقبل. لأن البلاد تحتاج إلى تغيير جذري في السياسات، وفهم عميق للأزمات التي نعيشها، وإلا فإن الأعاصير القادمة لن تترك لنا مجالاً للنجاة. نحن أمام مفترق طرق؛ فإما أن نتخذ الخيار الصحيح وننتصر، أو نستسلم للقدر ونشهد انهيار ما تبقى من أسس هذا الوطن.

فقد كانت للمغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه جرأة الاعتراف بكون السكتة القلبية تهدد المغرب، ولذلك سارع إلى التغيير وهندسة حكومة التناوب التوافقي. والتي أريد لها أن تكون ناجحة -ولو ظاهريا- ، قصد الخروج من الوضعية السياسية والأزمة الخانقة التي تسببت فيها سنوات عجاف.

 وبالفعل، فبوفاة الملك الراحل الحسن الثاني وجلوس الملك محمد السادس على عرش أسلافه يكون قد ورث عن فترة حكم والده وتسلم منه هدية ملغومة، ويتعلق الأمر بالمجال الاجتماعي ( البطالة، الفقر، الأمية، تدهور قطاع التعليم، الصحة، السكن…) وقضية الصحراء، هذا إلى جانب المعضلات المجتمعية (الرشوة، المحسوبية، الفساد السياسي والأخلاقي…) وأزمة القضاء وعلاقات المغرب بالدول المجاورة، هذا دون إغفال القضية الأمازيغية، والقائمة طويلة، زاد قصيدة توالي سنوات الجفاف وشح المياه بيتا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!