المغرب يرفع سقف طموحاته العسكرية بخطة تصنيع متطورة

القوات المسلحة الملكية

المصطفى الجوي – موطني نيوز

حتى وقت قريب، كان الجيش المغربي قويًا، لكن ليس بالقدر الذي يمكّنه من مقارعة الكبار، لكن على ما يبدو بات هذا جزءًا من الماضي. فالمملكة المغربية تستعد لدخول عالم الأقوياء، وتستعد لمفاجأة الجميع بحسب موقع “جلوبال فاير باور” العالمية المعني بتصنيف الجيوش حسب قواتها. فإن الجيش المغربي في آخر تصنيفاته، احتل المرتبة السادسة والخمسين على مستوى العالم، يعني أن 55 جيشًا في العالم تفوقوا على جيش المملكة المغربية. ومن بين هذه الخمسة والخمسين قوة عسكرية، تفوقت دول عربية عدة عليها، على رأسها مصر صاحبة الترتيب الأول عربيًا وإفريقيًا، حيث حلّت بالمرتبة الثانية عشرة، وخلفها عربيًا السعودية التي تحتل المرتبة العشرين على مستوى العالم. وأيضًا في إفريقيا، فقد حلّت جنوب إفريقيا في المرتبة السادسة والعشرين خلف مصر في القارة السمراء كأقوى الجيوش، ثم جاءت الجزائر مالكة ثالث أقوى الجيوش عربيًا والثالثة أيضًا إفريقيًا. العراق بالمرتبة الرابعة والثلاثين، والإمارات بالمرتبة السادسة والثلاثين، ثم سوريا بالمرتبة 47، ثم المغرب في المرتبة السابعة عربيًا. أما إفريقيًا، فخلف الجزائر صاحبة الترتيب الثالث، تأتي نيجيريا المصنّفة 35 عالميًا، ثم المغرب ليحتل المرتبة الخامسة على مستوى القارة السمراء.

القوات المسلحة الملكية

والآن، قد تصبح كل هذه الترتيبات والتصنيفات جزءًا من الماضي، فخطة المغاربة للعام الجديد لم يسبق لها مثيل، حيث رفعت الرباط موازنتها العسكرية للعام 2023 لتتجاوز الـ 17 مليار دولار، ولم تكن هذه هي خطوتها الوحيدة، فقد عملت على تطوير جيشها وما تملكه من قوة. فهي أيضًا أطلقت برنامجًا متقدمًا بهدف جعل المغرب واحدة من الدول العسكرية المصنّعة للسلاح، خطوة قد تنقل البلاد إلى ما هو أبعد. وبدأت الفكرة لدى المغاربة حين بدأوا بالعمل على تحديث أسطولهم الجوي من الطائرات الأمريكية “إف-16″، حيث تم تعديلها بما يؤهّلها للتوافق مع احتياجات المغرب الساعية لدخول عالم الحروب الإلكترونية.

القوات المسلحة الملكية

فاستفادت المغرب من تحالفاتها وعلاقاتها الخارجية، سيما تلك القديمة والراسخة مع واشنطن، وكذلك مع الأوروبيين، وهي مؤخرًا أن فتحت المغرب كثيرًا على إسرائيل والصين، ما يعني حرصها على الاستفادة من كافة ما وصلت إليه هذه الدول في عالم الصناعات العسكرية. وهي خطوة جادة بدأت المغرب فعليًا، وذلك بحسب كلام الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني المغربي عبد اللطيف الوديدي، الذي أعلن رسميًا دخول بلاده نادي البلدان المصنّعة للأسلحة الدفاعية، وأضاف أن بعض الأنشطة الصناعية في هذا المجال بدأت بالفعل، على غرار صناعة الأسلحة والذخائر، وصناعة الطائرات المسيّرة القادرة على أداء مهام الاستخبارات والاستطلاع والهجمات المسلحة، وصيانة الطائرات العسكرية.

القوات المسلحة الملكية

أما الخطوة الأبرز والتي المغرب بصددها، فهي دخول نادي الدول المصنّعة للمسيّرات، خاصة الانتحارية منها، وهي المسيّرات التي أثبتت كفاءة عالية في حروب اليوم، خاصة في الحرب الدائرة بين الروس وجيرانهم في أوكرانيا، حيث ولّدت المسيّرات إرهابًا صعبًا قادرًا على تدمير الأهداف المرجوة من دون خسائر تُذكر. فهذه المسيّرات تتحول لحظة إطلاقها إلى طائرة تحمل أسلحة وتضرب، وبعضها يؤمّن انتحاريًا، حيث تتفجر حين تصل هدفها لضمان تدميره. كما أن مثل هذه المسيّرات قد تسد فراغًا كبيرًا في القدرات العسكرية المغربية التي تواجه عددًا من التحديات، على رأسها قضية الصحراء وجبهة البوليساريو الانفصالية، والتي تدخل حربًا مفتوحة مع المغرب. لذا، فإن أمور المراقبة وغيرها مما يتعلق بالعملية الاستخباراتية والعسكرية، ستوكل جميعها للمسيّرات التي ينوي المغرب تصنيعها، بعد أن سبق له اشترى منها العديد، تحديدًا من الصين وإسرائيل وحتى تركيا. 

القوات المسلحة الملكية

وقد صرّحت شركات إسرائيلية بأنها عبّرت عن استعدادها لعقد صفقات مع الشريك المغربي لبناء مصنع لإنتاج طائرات مسيّرة، ما سيوفر على الرباط فقط ضخمة بمليارات الدولارات. وبحسب موقع “هسبريس” المغربي، تعمل إسرائيل والمغرب حاليًا على مشروع إنتاج المسيّرة الانتحارية “كام كاس”، وإسرائيل واحدة من كبار المنتجين لطائرات الدرون بدون طيار التي تعرف بفاعليتها مقارنة بالمسيّرات الإيرانية أو التركية.

القوات المسلحة الملكية

أما النقلة الأخرى في خطة المغرب للنهوض عسكريًا، فتتمثل بالمفاوضات التي عقدتها الرباط وبكين، بحسب موقعي “تكتيكو ريبورت” المتخصص في المعلومات الاستخباراتية حول الشرق الأوسط، لحيازة نظام جديد يتعلق بصواريخ وقنابل دقيقة التوجيه تحمل رؤوسًا حربية تقطع كيلومترات عدة قبل أن تصل إلى الأهداف العسكرية المنشودة. أي أن المغرب، وعلى الرغم من علاقاته الوثيقة مع الولايات المتحدة، إلا أنه يسعى بقوة لتنويع خبراته العسكرية، وهذا يعطي خطته جدية أكبر، أي السعي نحو تعزيز قدراته الحربية والتصنيع العسكري.

القوات المسلحة الملكية

ونقل الموقع الإخباري المغربي عن نبيل الأندلسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، قوله إن دخول المغرب مرحلة التصنيع المحلي للمعدات العسكرية ينდرج في إطار توجهه الاستراتيجي من أجل تحقيق ثلاثة أهداف أساسية: أولها يتعلق بتعزيز الأمن القومي ومواجهة المخاطر المحدقة بالمغرب، وثانيها يتعلق بتحقيق الحد الأدنى من الاستقلالية في قطاع الصناعة وإنتاج الأسلحة والعتاد وتجهيزات الأمن والدفاع التي يحتاجها الجيش المغربي، أما الهدف الثالث فيتمثل في التقليل من تكاليف صفقات التجهيزات العسكرية التي تستنزف ميزانية مهمة بسبب الأوضاع الجيوسياسية المتوترة وغير المستقرة إقليميًا ودوليًا.

القوات المسلحة الملكية

وبلغة أخرى، يريد المغرب الاستجابة للمتغيرات التي جرت حوله، خاصة بعد أن بات العالم كله يسعى لتحديث وتطوير منظوماته العسكرية بعد الحرب الروسية، والتي أعادت الأذهان إلى النزاعات والصراعات والحروب. والمغرب تحديدًا يواجه كثيرًا من التحديات التي نقلته إلى هذه الخطوة، على رأسها التنافس مع الجزائر الجارة، والتي هي الأخرى خصصت للعام الجديد ميزانية هي الأضخم في تاريخها.

القوات المسلحة الملكية

وتحديات أخرى تواجه المغرب بالتأكيد قضية الصحراء والانفصاليين، كما أن هناك تحديات أبعد من ذلك تكمن في قضية الجماعات الإرهابية التي تنتشر في الدول المجاورة وفي الصحراء وجنوبها، وهذه الجماعات أرهقت الدول شمال القارة كثيرًا، ومكافحتها تتطلب جهودًا كبيرة. كما أن طول الحدود المغربية وتنوعها بين الجبلية والصحراوية والبحرية فرضت عليهم امتلاك جيش كبير ومتنوع القدرات والمهام لكي يتمكن من حماية هذه الحدود الطويلة.

القوات المسلحة الملكية

حتى أن عبد اللطيف الوديدي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، أكد أنه تم تعبئة نحو 50,000 عسكري بشكل دائم لحراسة ومراقبة الحدود، كما تم تعبئة الموارد المالية اللازمة لتسهيل حركتهم، بما في ذلك تدريبهم وتكوينهم، وصيانة نظام المراقبة الإلكترونية للحدود برًا وبحرًا وجوًا. ويبلغ طول الحدود البرية المغربية قرابة ثلاثة آلاف وثلاثمائة كيلومتر، في حين تمتد سواحله على مسافة 3,500 كيلومتر تقريبًا، وهذه المسافة جميعها وتأمينها هي ضمن أولويات المغرب في العام 2023، ما يعني أن المغاربة على موعد من نسخة جديدة أكثر تطورًا ربما لجيشهم وقوتهم العسكرية، قد تساهم في جعل جيش بلادهم رقمًا بين جيوش العالم الكبيرة.

القوات المسلحة الملكية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!