شيك على بياض..خيانة أمانة تعرض صاحبه للمتابعة القضائية

شيك على بياض

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في عالمنا التجاري المعاصر، يعتبر الشيك من أكثر الأوراق التجارية رواجًا، إلا أن استخدامه بشكل غير قانوني قد يعرض المتعاملين لمساءلات قانونية خطيرة. وتشير التقارير القضائية إلى ازدياد حالات التلاعب بالشيكات الموقعة على بياض، وهو ما يُعد خيانة للأمانة وفقًا للقانون المغربي.

وفي هذا السياق، أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش حكمًا مهمًا في 16 مارس 2004، يؤكد على أن تسلم شيك موقع على بياض ثم ملؤه بتدوين المبالغ أرقامًا وكتابةً بالحروف إضرارًا بصاحب الشيك يدخل في نطاق جريمة خيانة أمانة ورقة موقعة على بياض، المنصوص عليها في الفصل 553 من القانون الجنائي المغربي.

وتفصيلًا لهذه القضية، تقدم شخص بشكوى ضد وكالة كراء سيارات كان قد وضع لديها شيكًا على بياض كضمان حتى إعادة السيارة المكتراة. إلا أن الوكالة، بعد تعرض السيارة لحادثة سير بسيطة، قامت بملء هذا الشيك بمبلغ 45000 درهم دون موافقة صاحبه.

وأدانت محكمة الاستئناف ممثلة الوكالة بجريمة خيانة أمانة ورقة موقعة على بياض، وألزمتها بتعويض مالي للضحية قدره 5000 درهم.

ويؤكد خبراء قانونيون أن القضاء المغربي والمقارن يحفل بالعديد من الأمثلة التي تجسد الإدانة لمرتكبي جريمة خيانة أمانة التوقيع على ورقة بيضاء. حيث يُعاقب القانون من يتسلم ورقة موقعة على بياض بعقد أمانة كالوكالة أو الوديعة، ثم يقوم بملئها بسوء نية بالتزامات أو إبراءات تضر بالموقع.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي حرص على تجريم فعل إصدار الشيك على سبيل الضمان أو الشيك المؤجل، سواء كان لصاحبه رصيد أم لا، وذلك حماية للثقة في الشيك باعتباره أداة وفاء تحل محل النقود واجبة الدفع بمجرد الاطلاع.

لذلك، ينصح الخبراء المتعاملين بالشيكات بضرورة توخي الحذر والحيطة عند التعامل مع الشيكات الموقعة على بياض، والتأكد من جدية الطرف الآخر وحسن نواياه، تجنبًا للوقوع في شرك المتابعات القضائية والعقوبات الصارمة المترتبة على ذلك.

وفقًا للمادة 544 من القانون الجنائي المغربي، فإن “من أصدر شيكًا بشرط ألا يُصرف فورًا وأن يُحتفظ به كضمانة يُعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرة الأولى من المادة 540 على ألا تقل الغرامة عن قيمة الشيك”.

كما ينص الفصل 553 من نفس القانون على أنه “من أُتمن على ورقة موقعة على بياض ثم خان أمانتها، بأن كتب بسوء نية فوق التوقيع التزامًا أو إبراء أو أي تصرف يمكن أن يمس شخص الموقع عليها أو ذمته المالية، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس وغرامة من مائتين إلى خمسة آلاف درهم”.

وبالتالي، فإن قبول شيك على سبيل الضمان أو ملء شيك موقع على بياض بسوء نية يعرض المتورطين للمتابعة القضائية وفق هذه الفصول القانونية الصريحة.

وتجدر الإشارة إلى أن المادة 316 من مدونة التجارة المغربية تنص أيضًا على عقوبة لمن “قام عن علم بقبول تسلم شيك مزور أو مزيف أو بتظهيره أو ضمانه ضمانًا احتياطيًا”.

لذا، فمن الأهمية بمكان الالتزام بأحكام القانون واحترام قواعد التعامل بالشيكات، حفاظًا على سلامة المعاملات التجارية وتجنبًا للوقوع تحت طائلة العقوبات الجنائية والمدنية الرادعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!