المغرب..طموح عالمي في صناعة القنب الهندي العلاجي

القنب الهندي العلاجي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في ظل سعي المغرب لتنويع اقتصاده وتوسيع مجالات نشاطه، أصبحت صناعة القنب الهندي العلاجية واحدة من الركائز الجديدة التي تعول عليها المملكة كثيرًا. فبعد أن كانت زراعة القنب غير المشروعة منتشرة في المنطقة الشمالية الشهيرة بإنتاج هذه المادة، قررت الحكومة المغربية اغتنام الفرصة وتشريع هذه الصناعة لأغراض علاجية.

القنب الهندي العلاجي

النقاش الدائر والتشريع الجديد

لم يكن التشريع الجديد الذي يسمح بزراعة القنب لأغراض علاجية بمنأى عن الجدل والنقاش في المغرب. فقد تناولته وسائل الإعلام المحلية والعالمية بشكل مكثف، وكأنه ثورة العقد الحالي. وهي بالفعل ثورة بالنسبة للمغرب الذي لن يكون رائدًا عالميًا في مجال الفوسفات فحسب، بل سيبرز كذلك في عالم صناعة الأدوية.

بعد نقاشات مطولة ومعقدة، تم التصويت على مشروع القانون في عام 2021 ليصبح بإمكان المغرب إنتاج القنب لأغراض دوائية. وبموجب هذا القانون، تم إنشاء وكالة وطنية لتنظيم وترخيص هذه الصناعة، حيث تتولى مهمة مراقبة جميع مراحل سلسلة الإنتاج بدءًا من استيراد البذور واعتماد النباتات وصولاً إلى تسويق المنتجات النهائية.

القنب الهندي العلاجي

اختيار منطقة الريف كبؤرة للإنتاج

لم يكن اختيار منطقة الريف بمدنها الثلاث الحسيمة وشفشاون وتاونات كمركز لإنتاج القنب العلاجي اختيارًا عشوائيًا، إذ تعتبر هذه المنطقة الشمالية أكبر منتج للراتنج القنب في العالم حسب تقديرات الأمم المتحدة. لذلك، فقد كان من الطبيعي الاستفادة من الخبرة المتراكمة لدى مزارعي تلك المناطق في زراعة هذا النبات.

في بداية الأمر، تم منح 10 تراخيص لمختبرات صيدلانية ومنشآت زراعية صناعية للانخراط في هذا المشروع وتطوير الإنتاج. وبحلول عام 2026، يُتوقع أن تصل قيمة سوق القنب العلاجي العالمية إلى أكثر من 90 مليار دولار، وهو ما يجعل المغرب أمام فرصة كبيرة للريادة في هذا المجال.

زيت القنب الهندي العلاجي

منافسة شرسة ولكن بمزايا فريدة

على الرغم من أن المغرب سيواجه منافسة شرسة من دول رائدة أخرى مثل إسرائيل والولايات المتحدة وكندا في سوق القنب العلاجي، إلا أن لديه العديد من المزايا التي تضعه في موقع متفوق:

1. يُعتبر المغرب بالفعل أكبر منتج للراتنج القنب في العالم حسب الأمم المتحدة، الأمر الذي يمنحه خبرة واسعة في زراعة هذا النبات.

2. تسمح ظروفه المناخية بزراعة القنب في الهواء الطلق، على عكس منافسيه الذين يضطرون للزراعة الداخلية نظرًا لقساوة الظروف الجوية لديهم.

القنب الهندي العلاجي

3. أشرك المغرب العديد من الشركات الصيدلانية والصناعية في هذا المشروع منذ البداية، تجنبًا للمشكلات التي واجهتها دول أخرى بسبب غياب مثل هذه الجهات المتخصصة.

4. تم تنظيم هذه الصناعة الجديدة بشكل جيد من خلال إنشاء وكالة تنظيمية للإشراف على جميع مراحل الإنتاج.

القنب الهندي العلاجي

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية

لا شك أن تطوير صناعة القنب العلاجي سيكون له تأثيرات إيجابية عميقة على المغرب من النواحي الاقتصادية والاجتماعية. فعلى المستوى الاقتصادي، ستمنح هذه الصناعة الواعدة والسريعة النمو المغرب مكانة مرموقة في سوق عالمي جديد، ما سينعكس بدوره على الاقتصاد الوطني بشكل إيجابي.

أما على المستوى الاجتماعي، فستشهد منطقة الريف التي ستكون البؤرة الرئيسية لهذا المشروع طفرة كبيرة في توفير فرص العمل على المدى الطويل مع ظروف عمل مستقرة من حيث الرواتب والتغطية الصحية وغيرها. كما ستكتسب هذه المنطقة شهرة دولية كمركز لصناعة واعدة، الأمر الذي سيجذب السياح والمستثمرين إليها.

القنب الهندي العلاجي

في ضوء كل هذه المعطيات، يبدو أن المغرب متجه بخطى ثابتة نحو الريادة العالمية في مجال إنتاج وتصنيع القنب العلاجي. فبفضل المزايا المتعددة التي يتمتع بها والتنظيم الجيد لهذه الصناعة الجديدة، تملك المملكة فرصة حقيقية لاقتناص حصة كبيرة من سوق تُقدر قيمتها بنحو 90 مليار دولار بحلول عام 2026.

لكن في المقابل، لا بد من الإشارة إلى أن نجاح هذا المشروع الطموح سيتوقف على عدة عوامل، أبرزها قدرة المغرب على المحافظة على جودة منتجاته وتطويرها باستمرار لتلبية المعايير العالمية، إلى جانب ضمان استمرار التزام الشركاء المحليين والأجانب بالالتزامات التعاقدية وعدم الانجرار وراء أهداف ربحية قصيرة الأجل.

القنب الهندي العلاجي

كما سيكون من الضروري التعامل بحكمة مع المخاوف البيئية والاجتماعية المحتملة المرتبطة بزراعة القنب، وذلك عبر وضع ضوابط صارمة وآليات رقابة فعالة للحفاظ على توازن النظام البيئي في مناطق الإنتاج وحماية المجتمعات المحلية من أي آثار سلبية محتملة.

في النهاية، إذا نجح المغرب في إدارة هذا المشروع بشكل سليم وتجنب العقبات المحتملة، فسيكون قادرًا على تحقيق طفرة اقتصادية واجتماعية حقيقية، خاصة في المناطق الفقيرة التي ستشهد توفير آلاف فرص العمل الجديدة وانتعاشًا للأنشطة الاقتصادية المحلية. وعلاوة على ذلك، ستتمكن المملكة من تعزيز مكانتها الدولية كلاعب رئيسي في قطاع صناعة الأدوية العلاجية الحديثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!