المصطفى الجوي – موطني نيوز
في غياهب 2014، انطلق كارل هوفمان، صحفي مجلة ناشيونال جيوغرافيك، في رحلة مثيرة لكشف لغز غامض ظلّ مُخبّأً لأكثر من خمسة عقود. كان ذلك لغز اختفاء مايكل كلارك روكفلر، ابن حاكم نيويورك نيلسون روكفلر، خلال رحلة استكشافية في غينيا الجديدة (بابوا الغربية) عام 1961.
نشأ مايكل شابًا هادئًا وفنانًا، تخرج من جامعة هارفارد عام 1960، باحثًا عن مغامرة مختلفة. لم يكن يطمح إلى حياة الرفاهية التي توفرها له عائلته الثرية، بل كان شغوفًا بالفن البدائي والبحث عن قبائل نائية. دفعه هذا الشغف لرحلة استكشافية مع فريق إلى غينيا الهولندية، لجمع فن شعب “آسمات”.
واجه الفريق صعوبة في التعامل مع شعب “آسمات” الذين لم يروا رجلًا أبيض من قبل. سمحوا للفريق بتصوير طقوسهم، لكنهم رفضوا بيع أي قطعة ثقافية. كان شعب “آسمات” شعبًا غامضًا له عاداته وتقاليده الخاصة، وكانوا يرفضون الاختلاط بالعالم الخارجي.
لم يهدأ شغف مايكل بدراسة شعب “آسمات”، فعاد عام 1961، برفقة عالم أنثروبولوجيا، لدراسة شعب “آسمات” بشكل أعمق. كان مايكل مصممًا على فهم ثقافتهم وعاداتهم، وكان يأمل في جمع المزيد من القطع الفنية النادرة.
في 19 نوفمبر، واجه مايكل وفريقه عاصفة قوية أثناء رحلة بحرية. أدت العاصفة إلى انقلاب القارب، ووجد مايكل نفسه متمسكًا بقارب مقلوب بينما كان الشاطئ قريبًا. كان مايكل سباحًا ماهرًا، فقرر أن يسبح إلى الشاطئ، تاركًا فريقه على متن القارب.
قامت السلطات الهولندية بعمليات بحث مكثفة عن مايكل، لكن دون جدوى. استمرت عمليات البحث لمدة تسعة أيام، لكن لم يتم العثور على أي أثر له. أعلنت السلطات رسميًا عن وفاة مايكل، تاركةً عائلته وأصدقائه في حزن عميق.
في عام 2014، كشف كارل هوفمان، صحفي مجلة ناشيونال جيوغرافيك، عن أدلة على أن شعب “آسمات” قتلوا مايكل. زعيمهم قدم جمجمة زعم أنها تعود لمايكل، مما أثار الشكوك حول مصيره المجهول.
سافر هوفمان إلى أوتسيانيب، قرية شعب “آسمات”، متظاهرًا بكونه صحفيًا يوثق ثقافتهم. اكتشف هوفمان من خلال مترجمه أن هناك سرًا غامضًا حول سائح أمريكي مات هناك.
اعترف أحد أفراد القبيلة بقتل رجل أبيض، خوفًا من الانتقام. اتضح أن مايكل قُتل انتقامًا من قتـ،ل الهولنديين لأربعة من زعماء القبيلة عام 1957. كان شعب “آسمات” غاضبًا من الهولنديين، وكانوا يبحثون عن فرصة للانتقام.
واجه مايكل عند وصوله إلى الشاطئ أبناء القتلى، الذين طعنوه بالرمح وقـ،تلوه. تم تقطيع جثته، وأكل لحمه، وتحويل عظامه إلى أدوات. اعتقدوا أنهم يعيدون التوازن للعالم من خلال استهلاك جثة “مايكل”.
حكاية مايكل كلارك روكفلر، قصة مأساوية تُظهر وحشية بعض القبائل البدائية، وتُعلمنا دروسًا حول مخاطر الغوص في ثقافات غريبة دون فهم كافٍ. قصة تُثير التساؤلات حول أخلاقيات البحث العلمي، وتُجبرنا على إعادة النظر في علاقاتنا مع الشعوب المختلفة.