خيول العاديات..درس في الامتنان لله

العاديات ضبحا

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في سورة العاديات، يضرب الله تعالى لنا مثلاً عظيماً يجعلنا نستحي من أنفسنا ونتعظ به. فالقرآن الكريم يصور لنا صورة الخيول وهي تركض في ساحة المعركة، محترقة الصدور والأقدام، مضحية بكل شيء في طاعة قائدها، لتعلمنا كيف ينبغي أن نكون شاكرين لله تعالى وممتنين لنعمه الكثيرة.

ويقسم الله سبحانه وتعالى في أول السورة بالعاديات وهي الخيول، لكنه لا يقسم بها وهي واقفة ساكنة، بل يصفها بحالة “الضبح” وهو صوت أنفاسها المحترقة من شدة الركض. ثم يضيف صفة أخرى لها وهي “ٱلۡمُورِيَٰاتِ قَدۡحٗا”، أي التي تُحدث شرارة من احتكاك حوافرها بالأرض وهي تعدو بسرعة شديدة. فنار تحرق صدورها، ونار أخرى تحرق أقدامها!

فلا تركض هذه الخيول من أجل التسلية أو الترفيه، بل كما يقول تعالى “فالمُغيرات صبحاً”، أي تغير على الأعداء في ساحة المعركة نهاراً. فهي تعلم أنها في حرب وفي خطر، ومع ذلك لا تتراجع ولا تسخط على قائدها. بل “تُثير بركضها نقعاً” من الغبار، فيصبح الهواء الذي تستنشقه مختلطاً بالتراب، في تضحية عجيبة. و”توسط بهِ جمعاً” أي تقف في مركز المعركة وأخطر مقام.  

فبعد وصف هذا المشهد العجيب للخيول، ينتقل القرآن الكريم فجأة للحديث عن حال الإنسان مع ربه، واصفاً إياه بـ “الكنود”، أي الساخط على نعم الله تعالى عليه. فالخيول تضحي بكل هذا من أجل مجرد قائد يرعاها ويطعمها، ولم يخلق لها السمع والبصر أو حتى حافرها، ومع ذلك تظهر الامتنان له بالاستعداد للهلاك في طاعته. أما الإنسان فينسى نعم الله الكثيرة عليه ويشكو ويسخط عند أول امتحان يمر به!

إنه درس قرآني عظيم، يحثنا على شكر الله وامتنانه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. فكم نحن كنودون لربنا، بينما الخيول التي لا تعقل تظهر الاستسلام والطاعة المطلقة لمن لا ينعم عليها سوى بالرعاية والطعام فقط. اللهم ردنا إليك رداً جميلاً وأنر قلوبنا بالشكر والامتنان لنعمك التي لا تنقطع. الحمد لله على نعمه وآلائه الكثيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!