مماليك نابليون..فرسان الصحراء في ساحات أوروبا

مماليك نابليون

المصطفى الجوي – موطني نيوز

اذا ذكرت نابليون والمماليك فلن يخطر على البال الا مادرسناه عن الحملة الفرنسية ومعركة امبابة ومعركة اسكندرية ثم معركة شبراخيت والاهرام كانت 4 مواجهات انهتها المدافع الفرنسية التى لم يعرفها المماليك وانهزموا وهربوا الى الصعيد ليحاولوا بعدها فى ثورة القاهرة الاولى والثانية لكنهم فشلوا…

هذا مادرسناه فى كتب التاريخ ولكن مالم تذكره كتب التاريخ المدرسي هو مايلي.

فى المعارك بين المماليك ونابليون الذى كان يراقب الصراع كقائد وخبير عسكرى انبهر بشجاعة المماليك الذين يقاتلون بسيوفهم بقوة وبسالة واعجبته ملابسهم فقد كان الفارس المملوكى يذهب الى المعركة وهو يلبس افخم الملابس الملونة والمجوهرات والأحجار الكريمة التى قد تكون كل ثروته فى الحياة فيأخذها معه لكى يدافع عن كل مايملكه فى الحياة اما انتصر او انهزم فيخسر حياته وكل مايملكه فيها.

واحب نابليون براعتهم فى ركوب الخيول العربية الرائعة وبسبب كل تلك الاعتبارات وبعد نهاية المعارك وهزيمة المماليك رحب نابليون عندما اهداه الشيخ البكرى احد المماليك الشباب وهو (رستم) وقرر تعيينه حارسا شخصيا له وظل ملازما له وينام خلف باب غرفته طوال حياته الأمبراطورية واصبح لقب رستم (مملوك نابليون) وفيما بعد عندما رجع نابليون فرنسا اراد تعيين حارس ثانى له مع رستم فأختار احد افراد خدمة الخيالة الفرنسيين واسمه (لويس سان دونيه) وألبسه لبس المماليك واكثر من ذلك اطلق عليه اسم (علي) وصار مملوك نابليون الثانى و لايناديه الا علي.

رستم رضا

فى سبتمبر 1799 بعد مغادرة نابليون مصر قام خليفته كليبر بتشكيل فرقة عسكرية من 300 جندى مكونة من جنود من المماليك والعثمانيين والشراكسة الذين بقيوا فى القاهرة واسماهم (مماليك الجمهورية) وعند مغادرة الحملة الفرنسية مصر سنة 1801 خرج اعضاء هذه الفرقة وغادروا مصر مع الجيش الفرنسى خوفا من انتقام المصريين منهم لخيانتهم ولكن كان اندماجهم فى المجتمع الفرنسى صعبا ايضا لأنهم كانوا ذوي وضع متميز فى مصر بينما هناك اصبحوا مجرد رعايا اجانب.

فى 13 اكتوبر سنة 1801 امر نابليون بتشكيل فيلق عسكري من فرسان المماليك وتم تشكيله بقيادة الجنرال (راب) مكونا من 13 ضابط و155 جندي وفارس واصبح هذا الفيلق هو اساس الحرس الامبراطوري بعدما تحول نابليون لأمبراطور واشترك فى معارك نابليون فى المانيا وروسيا واسبانيا وبلجيكا ومع انخفاض عدد المماليك نتيجة للأصابات والضحايا فى المعارك بدأ نابليون بتعويضهم بفرنسيين مع الباسهم ملابس المماليك لأن نابليون كان يتفائل بها بل وقام بزيادة عدد الفيلق ليصبح 583 رجل منهم 374 فرنسيين.

وكان مماليك نابليون حتى الفرنسيين يلبسون العمامة ويتوسطها اعلى الجبهة الهلال الذى يتوسطه النسر الامبراطوري الفرنسى وبعد الانتصار فى معركة (اوسترليتز) عام 1807 ونظرا لبطولات فرقة المماليك فى تلك المعركة تم تسليمها علما خاصا بها عام 1813 فكانت اول فرقة عسكرية تحمل العلم المكون من الثلاثة تقسيمات الرأسية بالثلاثة الوان المعروفة للعلم الفرنسى الحالى الذى لم يصبح علما رسميا لفرنسا الا سنة 1830.

ولكن بعد خلع نابليون وعودة الملكية سنة 1815 فقد تم جمعهم وتركيزهم فى مدينتى مرسيليا وميولان كلاجئين مصريين ثم امر الملك لويس الثامن عشر بنفيهم الى جزيرة سانت مارجريت الواقعة بالبحر المتوسط بل وحبسهم فيها وفي عام 1817 استطاع حوالي 50 منهم الهرب بباخرة واتجهوا عائدين الى مصر وعند وصولهم أمر محمد علي بأعتقال واعدام اي مملوك منهم يدخل مصر باعتبارهم من الخونة.

موسى الكوسة أو موسى زمارة

اضطرت تلك المجموعة الهاربة من الأضطهاد الفرنسى للعودة الى مارسيليا بفرنسا ليعيشوا فيها حياة بائسة حيث حصلوا بعد فترة على مقابل ضئيل كمعاش لخدمتهم بالجيش الفرنسى كما استطاع قلة منهم الأنضمام مرة اخرى للجيش الفرنسى لكن ليس للقتال بل للعمل كمترجمين لجيش الاحتلال الفرنسى للجزائر ويتبقى لنا قصة (موسى زمارة).

اسمه الأصلي (موسى الكوسة) مولود بمدينة عكا بفلسطين عام 1791 لكنه سمي موسى زمارة عندما انضم لجيش نابليون وكانت مهمته فى البداية النفخ فى النفير لإخطار قادة الفرق بأوامر نابليون الحربية اثناء المعارك فأطلق عليه زملائه من المماليك لقب (زمارة) وتم تسجيله فى السجلات الفرنسية بهذا اللقب ليكون اسمه الدائم (Moise Zumero).

بعد وفاة اسرته فى يافا بفلسطين وقت هجوم نابليون عليها هرب وهو طفل فى الثامنة من عمره الى مصر حيث كان يعمل والده محصل بجمارك ميناء بولاق وعندئذ ولأنبهاره بقوة الجيش الفرنسى بالمقارنة بالجيش العثمانى طلب موسى الانضمام لقوات نابليون مع مجموعة المماليك التى انضمت له وبعد عدة محاولات تم بالفعل تجنيده وهو فى الثامنة ليبدأ تدريباته العسكرية ثم رحل مع القوات الفرنسية عن مصر وهو عمره 11 سنة ثم تم تثبيته ضمن قوات فرقة المماليك بالجيش الفرنسي.

اعجب نابليون بموسى وتم تعيينه بفرقة الحرس الامبراطوري مع تكليفه بمهمة النفير فى البداية ثم وصل الى تولى قيادة قوات الحرس الامبراطوري فى المعارك العسكرية وحارب ببسالة فى معارك روسيا واسبانيا واخيرا فى معركة ووترلو الشهيرة ضد انجلترا وكان موسى قد فقد أصابع قدميه من تأثير برودة الجو فى سهول روسيا المثلجة لكنه لم يتوقف عن القتال بشراسة كما انه اصيب عدة مرات فى مختلف المعارك وكان نابليون منبهرا بشجاعة كل فرق المماليك التى رافقته وكان لبسهم المصري الملون زاهيا وجميلا فى كل استعراضات القوات المسلحة فى باريس اثناء الإحتفالات الوطنية.

ظل موسى زمارة مرافقا لنابليون فى كل تحركاته حتى النهاية وبعد خلع نابليون استقر موسى فى مدينة لافور بمقاطعة التارن حيث تزوج وانجب ابنا وابنة وعمل بها مديرا لمكتب البريد ولكن نتيجة العنصرية عاش موسى متألما ولم يحصل على نيشانه العسكرى وجوقة الشرف الا عام 1854 اما والده الذى كان يرافقه والذى حاول ايضا الحصول على الجنسية الفرنسيبة فقد رفضوا طلبه وظل مقيما بفرنسا كلاجىء مصرى بلا اى حقوق اجتماعية وقبل وفاته قال موسى مبررا ارتباطه بفرنسا :” لكل انسان وطنان وطن مولده وفرنسا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!