أسباب فشل صفقة تحرير رهائن غزة..المخابرات الأمريكية تفاوض بملف فارغ

يحيى السنوار المطلوب رقم واحد للاستخبارات العالمية

شعيب جمال الدين – موطني نيوز 

الزمان: الأربعاء 14 فبراير 2024

المكان: شارع مصر و السودان كوبري القبة مقر المخابرات العامة المصرية محافظة القاهرة الجمهورية المصرية. 

الحدث: مدراء أربعة أجهزة إستخباراتية يجتمعون للبحث عن صيغة متوافق عليها للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار بقطاع غزة. 

من الدوحة إلى القاهرة مرورا من وارسو البولندية ثم باريس قبل العودة مرة أخرى إلى القاهرة، خمسة إجتماعات ماراثونية إنتهت من دون الإعلان عن التوصل للإتفاق نهائي للتهدئة في قطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين. 

أغلب هذه اللقاءات كانت رباعية شارك فيها مدراء المخابرات المصرية والإسرائيلية و الأمريكية في حين مثل حركة حماس محمد بن عبد الرحمن رئيس وزراء قطر.

تعد المفاوضات السياسية أو في حالة الحرب من أولى وسائل حل المنازعات الدولية وهى وسيلة تقتصر في أغلب الأحوال على أطراف النزاع أنفسهم وإن كان في بعض الأحيان يمكن التفاوض بواسطة طرف ثالث، لكن في الحالة الفلسطينية بما أن المشكلة لديها تداعيات تصل إلى دول في الشرق الأوسط كان من الضروري مشاركتها في إيجاد حل يحمي مصالحها الجيوسياسية في المنطقة. 

أولا قبل كل شيء يجب أن نعطي مفهوم لكلمة التفاوض الذي هو في الحقيقة لديه عدة مفاهيم مختلفة لكن يظل مدلولها واحد لا يختلف كثيراً مع بعضه. 

التفاوض: من أجل التوصل إلى حل نزاع ثنائي والوصول إلى تسويات مقبولة من قبل الأطراف المشاركة. 

التفاوض: تفاعل بين الأطراف المتنازعة بهدف التوصل إلى إتفاق بشأن القضايا المطروحة. 

التفاوض: تبادل الأفكار و الأراء و الإقتراحات حول موضوع معين لتجاوز الخلافات بين طرفي النزاع. 

التفاوض: عملية تواصلية من أجل التفاهم حول إيجاد صيغة مرضية للأطراف بخصوص موضوع الخلاف. 

تقوم معظم الإجتماعات التفاوضية في المجال السياسي أو في حالة الحرب على إستراتيجيات رئيسية تختلف طبيعتها و حسب ظروف النزاع كان دولي أو إقليمي أو داخلي في حالة الحرب الأهلية السودان نموذج حي . 

هناك إستراتيجية الهيمنة تتضمن تكتيكات تعتمد على الضغط و الإنهاك و الإستنزاف في محاولة للسيطرة وإخضاع الطرف الأخر كما هناك إستراتيجية الخنوع تتضمن تقليص الأهداف و المطالب المطروحة على مائدة المفاوضات و المبادرة بتقديم تنازلات بهدف سرعة حسم المشكلة وإنهاء المفاوضات سريعا. 

توجد كذالك إستراتيجية التسويف وهي الأكثر إستخدام في نزاعات الحروب و المعارك ،تعمل على المماطلة وكسب الوقت وتفويت فرص الحلول من أجل تعطيل المفاوضات أو إطالة أمدها إلى حين تحقيق أهداف معينة على أرض المعركة.

الولايات المتحدة الأمريكية تتحرك في ملف حرب غزة على عدة مستويات دبلوماسيا وإستخباراتيا :

الأول يقودها وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي أجرى جولته الخامسة في الشرق الأوسط بذأت في الرابع حتى الثامن فبراير الجاري، على مستوى الإستخباراتي تحت رئاسة وليام بيرنز مدير السي آي إيه، شارك في خمسة إجتماعات منذ أواخر شهر نوفمبر 2023 إلى 14 فبراير 2024.

إذا تمعنا بشكل عام في التحركات الأمريكية،نجده لا فرق بين وزير الخارجية و مدير وكالة المخابرات المركزية. 

الإثنين يحملنا قبعة ديبلوماسية، الأول بشكل رسمي و الثاني تائه بين منصبه الإستخباراتي الذي يتطلب إستخدام أدوات و مهارات معينة في التفاوض و ماضيه في العمل الدبلوماسي الذي يمتد إلى ثلاثة عقود كاملة. 

إذا أطلعنا على النتائج التي حققها وليام بيرنز مدير السي آي إيه خلال جولاته الخمسة في التفاوض، سنجد أنه كان دائما ما يخرج خاوي الوفاض بدون الوصول إلى مخرجات إيجابية تنهي مشكلة الرهائن الإسرائيليين في غزة، الذي يعتبر محور الإجتماعات التي تعقد بين الفينة والأخرى.

السبب في فشل مدير وكالة المخابرات المركزية، لا يكمن في نقص الخبرة والتجربة و الكفاءة التي بدون شك متوفرة لديه بل الإشكالية في إستخدامهم في إطار لا يتناسب مع طبيعة ملف النزاع الفلسطيني الدائر الأن بين قادة فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل الذي يحمل حمولة أمنية و إستخباراتية أكثر منها سياسية أو شئ أخر، بعد هجوم السابع أكتوبر. 

وليام بيرنز مدير السي آي إيه خلال مشاركاته في المفاوضات يتناسى أو ربما يضع عمدا قبعته الإستخباراتية جانبا و يركز على طرح تجربته الدبلوماسية الطويلة فوق مائدة الحوار مما يجعل من المفاوضات مجرد لقاءات لتبادل الأراء في قضية تتطلب إشهار أوراق ضغط ذات صبغة جيوأمنية.

يمكن حصر أسباب فشل مهمة وليام بيرنز مدير السي آي إيه في المفاوضات التي شارك فيها في أربعة نقط :

أولا: مشاركته بملف فارغ يتضمن فقط إقتراحات يتم طرحها على الطرف القطري ممثل حركة حماس والإسرائيلي.

ثانيا: عدم إمتلاكه أوراق ضغط قوية التي من المفروض في رجل الإستخبارات أن يتوفر عليها في مثل هذه الحالات.

ثالثا: دخوله المفاوضات بدون إستراتيجية واضحة محددة الأهداف الرئيسية المرجو تحقيقها. 

رابعا: غياب رؤية ذكية في التعامل مع الأطراف المشاركة في المفاوضات، وهنا أقصد أنه كان يجب على أمريكا بحكم أنها لاعب رئيسي في المفاوضات، أن توجه إنتباهها إلى الجانب القطري الذي يحتضن على أرضه قادة حركة حماس بدل من تشتيت المجهودات على مصر و إسرائيل.

القوة الحقيقية في التفاوض، لا تأتي من الموقف الراهن فقط أو بناء على إختلاف كفة موازين القوة العسكرية والإقتصادية بل من المعلومات الإستخباراتية الإستراتيجية المتوفرة على الطرف الأخر مما يمنحك قوة تفاوضية من موقع مريح. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!