المصطفى الجوي – موطني نيوز
كان صوته الرخيم يملأ آذان المغاربة ليالي الأربعاء والسبت على امتداد الثمانينيات والتسعينيات. فؤاد آيت القايد، الشاب الأسمر البشرة المتحدر من زاكورة، ومُلقب بـ”نجم الأثير”، كان يضرب موعدًا مع الآلاف من المستمعين ببرنامجه الشهير “سمير الليل”.
ذلك الصوت الحنون الذي كان يهمس في آذانهم، يقترب من معاناتهم الاجتماعية، ويجيب عن تساؤلاتهم، أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة المغاربة في زمن لم تكن القنوات الفضائية قد غزت بيوتهم بعد.
نشأ فؤاد في عائلة عريقة من منطقة درعة، حيث مارس أسلافه السلطة وإدارة المخزن لأكثر من ثلاثة قرون. والده محمد الشافعي كان أول مسؤول عن حزب الاستقلال بالمنطقة، وساهم في إنشاء مدارس منذ فجر الاستقلال.
بعد نجاحه الباهر في “سمير الليل”، واصل فؤاد مسيرته المهنية بجد واجتهاد. تخرج من المعهد العالي للصحافة، وحصل على جوائز أحسن منشط ومنتج برامج إذاعية. تنقل بين الإذاعة والتلفزيون، كما سافر للعمل في بريطانيا قبل العودة إلى المغرب.
في فبراير 1998، غادر فؤاد المغرب إلى ليبيا برفقة زوجته حسناء وابنيه لمياء ومحمد. عمل هناك بإذاعة “صوت أفريقيا”، لكنه ظل يحلم بالانتقال إلى لندن التي سُحر بمدنها وثقافتها. رغبته تلك تصادمت مع رفض زوجته خوفًا على الأبناء، ما أدى لتفاقم الخلافات بينهما حتى انتهت بالطلاق.
في 24 أبريل 2000، غادر فؤاد ليبيا في اتجاه مالطا كما أفادت زوجته. لكن منذ تلك اللحظة، اختفى أثره تمامًا ولم يعرف عنه شيء. هل وصل إلى وجهته أم اختفى في ربوع ليبيا؟ أسئلة لا حصر لها تركت الحقيقة معلقة.
مرت السنوات وعائلة فؤاد وأصدقاؤه ظلوا يبحثون عنه بلا كلل. تحروا في مالطا وليبيا دون جدوى. اختفى “نجم الأثير” كما لو أن الأرض انشقت وابتلعته. حتى جاءت تلك المكالمة الغامضة لإحدى شقيقاته عام 2017، حيث سمعت صوتًا مبحوحًا يقول: “أنا فؤاد، لا تزال الحياة بخير”.
هل كان فؤاد فعلاً من اتصل؟ وإذا كان كذلك، فأين يوجد الآن وماذا جرى له طوال تلك السنين الطويلة؟ تساؤلات تظل معلقة في انتظار إجابات، لكن الأمل بالعثور عليه لا يزال قائمًا.
ختاما أقول لكم وللجيل الذهبي الذي كان مدمن على شيء إسمه المدياع..حين يسدل الليل ستاره، دعنا نصعد إلى السماء بسلالم موسيقية عريقة اللحن. نبعثر النجوم ثم نعيد ترتيبها لنصنع وجها يشبهك ووجها يشبهني، يحكيان للكون عن أسطورتنا ويبعثان برسالة حب للعالم..