جدعون الجاسوس الاسرائيلي الذي كاد ان يصبح رئيس وزراء سوريا

ايلي كوهين

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

 كاد ان يصبح رئيس وزراء سوريا ينظر الإسرائيليون إليه على أنه “بطل قومي أسطوري قدّم لبلده الكثير”، حتى إن إسرائيل أصدرت طابعاً بريدياً تذكارياً حمل اسمه وصورته بذلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة “جهودا” لاستعادة رفات الجاسوس فمن هو ايلي كوهين ؟

ولد ايلي كوهين عام 1924 في مصر الإسكندرية لأسرة يهودية من أصول سورية حلبية و قد لعب دوراً ثانوياً في القضية المسماة “فضيحة لافون” نسبة لوزير الدفاع الإسرائيلي بنحاس لافون عام 1954 .

عندما بلغ العشرين انضم إلى منظمة الشباب الصهيوني اليهودي في الإسكندرية التي عملت على حث اليهود هناك للانتقال إلى دولة إسرائيل في العام 1948 بعد قيامها. وفي حين غادر والده وإخوته الثلاثة إليها عام 1949 بقي هو في القاهرة ليشارك في مهمات أمنية للاستخبارات الإسرائيلية.

تم القبض عليه للمرة الأولى،في عام 1954.إلا انه تمكن، بطريقة ما،من اقناع المحققين المصريين ببراءته،فتم الإفراج عنه ونجى من السجن في المرة الثانية في عام 1956،وذلك بعد أن تم القبض عليه بعد العدوان الثلاثي.بعد أن تم إطلاق سراحه للمرة الثانية،هاجر إيلي كوهين إلى (إسرائيل)عام 1957.

ايلي كوهين

بدأ يعمل لفترة كمحاسب في بعض الشركات الخاصة،ثم انتقل للعمل لدى وزارة الدفاع كمترجم، وفي عام1959 تزوج من يهودية من أصول عراقية في هذه الأثناء قررت الموساد تجنيده لمهمة تجسسية في دمشق،فباشروا في تدريبه بدايةً على اللهجة السورية،التي لم تكن صعبة عليه نظراً لإتقانه اللغة العربية، وبدأوا يساعدونه على بناء شخصية مزيفة، تحت اسم كامل أمين ثابت، رجل الأعمال السوري المسلم، والمقيم في الأرجنتين، كما تعلم القرآن وتعاليم الدين الإسلامي، من أجل إتقان دوره كمسلم، وحفظ اسماء جميع الشخصيات السورية البارزة آنذاك، من سياسيين، وعسكريين، ورجال أعمال.

يقول امين الحافظ أن كوهين سافر إلى إسرائيل حيث جند بالمخابرات ثم أرسل إلى الأرجنتين عام 1961.

ونفى الحافظ مقابلة كوهين خلال تواجده بالأرجنتين، موضحاً أن الجاسوس الإسرائيلي دخل سوريا في أوائل العام 1962، وكان – هو – مغادراً لسوريا في نهاية العام1961.

كانت مهمة (إيلي) تتجلى في اختراق المجتمعات العربية الموجودة في (بوينوس آيريس) والتوغل فيها، فوضع هذا الهدف نصب عينيه وأصبح يرتاد بصورة معتدلة جميع الأحداث والحفلات التي كانت هذه المجتمعات في المهجر تقيمها وتستضيفها، ومن أجل لفت الانتباه إليه ..

ضباط الموساد

ومن أجل لفت الانتباه إليه، قام (إيلي) بنجاح بالترويج لنفسه على أنه ذلك الشخص فاحش الثراء الذي يرتدي أفخر الثياب والحلي وينفق بسخاء بتقديم نفسه على أنه تاجر كبير؛ كان [إيلي] قادرا على الالتقاء بأشخاص قاموا بدورهم بتقديمه إلى شخصيات مهمة على الصعيد السياسي والعسكري في سوريا. كنتيجة على ذلك؛ تمت دعوته لحضور عدة أحداث وحفلات متنوعة كانت تحضرها في نفس الوقت شخصيات بارزة في المجتمع العربي هناك .

مكّنت معرفة (إيلي) الأخيرة برئيس الصحيفة الآنفة الذكر من حضور عدة أحداث وحفلات استقبال على مستوى السفارة السورية في (بوينوس آيريس)، وهناك التقى بالجنرال أمين حافظ المسؤول العسكري السوري في سفارة الأرجنتين، والذي سيصبح رئيس الجمهورية السورية في المستقبل.

استقر (إيلي) في العاصمة السورية دمشق في سنة 1962، حيث استفاد كثيرا من شبكة المعارف وجهات الاتصال التي جمعها هناك في الأرجنتين، ومن أبرز الشخصيات التي أثبتت نفسها مفيدة له هو الجنرال أمين حافظ الذي اعتلى سدة الحكم في عملية انقلاب عسكري نفذها في سنة 1963..

ايلي كوهين رفقة عائلته

مدح (ليفي إيشكول)، الذي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بين سنتي 1963 و1969، (إيلي كوهين) كثيراً، وقال بأن الفضل يعود إلى مجهودات ايلي: ”إنقاذ أرواح الكثير من الجنود الإسرائيليين بينما ثبت أن المعلومات التي قدمها كانت لا تقدر بثمن وساعدت البلد في إحراز نصر عظيم في حرب الستة أيام انتهت تلك الحرب باحتلال إسرائيل للضفة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان وصحراء سيناء !!

يقول حلبي:”إن التقارير التي تشير بأن (إيلي كوهين)كاد يصبح رئيس الجمهورية السورية هي عبارة عن أسطورة متداولة لا أساس لها قامت المخابرات الإسرائيلية بابتداعها ونشرها من أجل الترويج لنفسها،وكذا رسم صورة لها تبدو فيها وكأنها تلك الهيكلة النافذة القادرة على اختراق أي نظام.

دخل مباشرة إلى عالم الأعمال التجارية تؤمن له تمويلاً ذاتياً وحضوراً في المجتمع الراقي. بذلك أقام علاقة أساسية مع معزى زهر الدين ابن شقيق اللواء عبد الكريم زهر الدين رئيس الأركان بعد الانفصال ووزير الدفاع أيضاً، ما سهل له الوصول إلى التحصينات العسكرية السورية على جبهة الجولان.

حتى أنه بعد انقلاب البعث حلّ ضيفاً على الإذاعة السورية، حيث كان على علاقة وثيقة مع الصحافي جورج سيف الذي يعمل فيها. في الأثناء، اقترب كثيراً من معرفة مكان الضابط النازي ألويس برونير مساعد أدولف إيخمان الذي اختطفه الموساد من الأرجنتين إلى تل أبيب حيث نفذ فيه الإعدام عام 1962.

ايلي كوهين

كان يبعث برسائله المشفرة إلى مشغليه في بلاده في وقت محدد يومياً، وبحكم موقعه في حي السفارات حصل تشويش على رسائل السفارة الهندية في الوقت نفسه، فأعلمت السلطات السورية التي بدأت البحث مستعينة بجهاز روسي لتعقب إشارات الإرسال ..

لتعقب إشارات الإرسال حتى حُدّدت، فاقتحمت عناصر من الاستخبارات السورية الشقة وقبضت عليه، متلبساً. وبواسطة إشارات أرسلها، عَلِم الموساد بالأمر. هكذا كانت بداية نهاية الرجل الذي اعتبر صناعة جاسوسية إسرائيلية ونموذجاً في العمل الأمني.

أحمد سويداني رئيساً للمكتب الثاني السوري المشرف مباشرة على الاعتقال والذي طُرد في العام 1968 بعد الخلاف بين حافظ الأسد وصلاح جديد واعتُقِل في المطار عام 1969 ليوضع سجنَ المزة 25 عاماً بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري ولم يطلق سراحه إلا قبل وقت قليل من وفاته في العام 1994.

ايلي كوهين

بعد محاكمة سريعة استعراضية مغطاة إعلامياً، نُفّذ حكم الإعدام شنقاً بكوهين في ساحة المرجة في دمشق في 15 مايو 1965، ودُفن في مكان لم يعلن عنه.

قبل إعدامه شكلت إسرائيل ضغطاً دولياً لتفادي حكم من هذا النوع، لكنها فشلت. ثم حاولت استعادة جثته ونقلها عبر الحدود اللبنانية لكن من دون جدوى، ما استدعى من النظام دفنها في مكان سرّي. بعد اندلاع الثورة في سوريا منذ 15 مارس 2011 والتدخل الروسي.

استمرت محاولات تل أبيب لاسترجاع الرفات، من دون نتيجة. لكن في يوليو 2018 أعلنت استعادتها الساعة التي كانت في معصم يده قبل إعدامه وسلمتها لزوجته في مايو.

كان حافظ أسد أبرز الضباط المقربين من كوهين لدرجة و كان يجزل العطايا لحافظ أسد لما وجد فيه نهم لحب المال فكان يطلب من كوهين بلا استحياء لدرجة أنه بعد كل دعوة عشاء يطلب منا مابقي منه ليأخذه معه ..

الفيلم الذي يتحدث عن الجاسوس ايلي كوهين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!