أسية عكور – موطني نيوز
في كتابه الوجود والعدم الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر كتب مشكلة يعتقد بأنها طاعون الحياة العصرية أسماها: الإعتقاد السيء “Mauvaise Foi”، يحدث الإعتقاد السيء عندما نكذب على انفسنا من أجل تجنيبها الألم على المدى القصير، لكننا بالتالي سنعاني من نقص نفسي على المدى الطويل، نحن نرغم انفسنا في سبيل الإعتقاد بشي نحن غير مقتنعين به لأنه سهل، يعتقد سارتر ان ما نكذبه باستمرار على انفسنا هو لكوننا لا نملك خيارات أخرى. نحن نكذب دائماً، لكن من الغرابة ان نطمئن حين نقول نحن لا نفعل ذلك، وهذا ما يدخلنا في ورطة، في أغلب الأحيان يحدث الإعتقاد السيء حول العمل، سارتر يمثل ذلك بنادل يقول لنفسه أنه مجرد نادل وهذا نصيبه ومصيره في الحياة، لذا أنه لا يملك خيار وهذا ما يجب أن يقوم به ولأنه يحتاج إلى المال، لكن هذا ليس صحيحاً، سارتر يقول كلنا احرار.
هناك لحظة خوف يسميها سارتر النشوة السلبية “Negative Ecstasy” والتي قد نشعر بها في وقت متأخر من الليل، عندما ندرك اننا في الواقع اكثر حرية مما نعتقد، يمكننا أن نتخلى عن الوظيفة، ونذهب للعيش في الغابة مثلاً، أو نعيد النظر في انفسنا، يمكن أن يكون هذا الإحساس مرعباً لأن علينا أن نعرف اننا قد نبدد حياتنا، وفي النهاية هذا سيعتبر خطأنا الخاص، غير أننا في أوقات أخرى نميل لإلقاء اللوم على ظروفنا أو على ناس آخرين، بعد ذلك نتخلى عن هذه الرؤية، وفي اليوم التالي نجبر أنفسنا على الإعتقاد بما نقوم به وما نفعله، والثمن من ذلك هو إغلاق الفرصة بوجه تغيير وتحسين حياتنا. سارتر يقول: كائنٌ يسبق الجوهر “Being precedes essence” هذه هي طبيعتنا لا يمكن حصرنا بعمل أو علاقة معينة، فوجودنا اكبر من ذلك بكثير، “كل الأشياء التي لا تكون موجودة في الحاضر، لكنها قد تصبح موجودة” في الإعتقاد السيء نحن نفكر في هذه الإحتمالات خارج عقولنا ونقول لأنفسنا ان هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن نكونه، بالتالي يقوم الإعتقاد السيء بغلق خيارات الحرية، عرف سارتر الإعتقاد السيء كظاهرة للعديد من العلاقات الغير سعيدة، ووصف أصولها في مواعيد مبكرة عندما يدرك الطرفان أنهما غير متوافقين مع بعضهما، ولكنهم بعد ذلك يرغمون أنفسهم على الإعتقاد بأنهم متوافقين ويستطيعون أن يصبحوا سعداء.
سارتر يمثل ذلك بامرأة تريد أن تكون محبوبة بسبب عقلها ولا تولي إهتمام للجانب الآخر عند شريكها، والذي هو في الحقيقة يهتم إهتماماً أكثر بجسدها، بالتالي الرجل يدرك تماماً أن المرأة غير مهتمة به من الناحية الجنسية ولكنه يواصل إخبار نفسه على إنها تهتم بذلك. لذا الأثنان يخدعان نفسيهما وهذا هو السبب الذي يدعوهما مع غياب السعادة لأنهاء علاقتهما. الإعتقاد السيء يؤدي بهما إلى إلقاء اللوم على بعضهم بالقول أن البرودة أو النقص في تطور الآخر هو المشكلة، لكن الواقع يقول السبب هو نتيجة أفعالهم. سارتر لم يكن يظن أن هذا الإعتقاد مفاجئة أو مشكلة غير إعتيادية بل انه مخرج طبيعي لكيفية عمل عقولنا، سارتر لا يريد لنا أن نشعر بالسوء، هو فقط يريد أن يذكرنا على أن نكون أحرار كما نحن.
هل العدم والوجود مرتبط في الحياة الانسانيه ام بجوانب اخرى