شعيب جمال الدين – موطني نيوز
رسالة تعزية مقتضبة وكئيبة يلفها غموض غريب نشرها موقع وزارة الخارجية الجزائرية حول وفاة نجل رئيس الدبلوماسية أحمد عطاف، تفوح من سطورها رائحة الشكوك.
همسات خافتة ونظرات عيون صامتة تحمل بين طياتها رزمة من المعاني والإشارات المشفرة، إنها الصورة الدائرة حالية بين صغار وكبار مسؤولي نظام الجارة، لا أحد تحت سماء الجزائر يصدق أن يغيب الموت بشكل مفاجئ ،شاب في مقتبل العمر رياضي ملئ بالحيوية و النشاط لم يشاع عليه في محيطه أنه كان يعاني من مشاكل صحية أو لديه عدوات ، كما هو الحال مع خالد تبون الذي لا يجرؤ على التحرك بتاتاً داخل أو خارج الجزائر بدون حراس،بسبب تورطه في صراعات و منافسة مع بارونات عصابات المخدرات و الكوكايين،التي يعتبر نجل تبون أحد كبار تجارها ،حيث سجن في عهد الراحل الجنرال أحمد قايد صالح بتهم ثقيلة،قبل أن يفرج عليه في ظروف مشبوهة شهرين فقط بعد تولي والده منصب رئاسة الدولة.
التصفية في وهران، والأسباب الخفية تشتت خيوطها الرفيعة بين واشنطن و باريس والجزائر العاصمة في تحقيق صحفي شديد التعقيد، آخذ مني إعداده مجهود خيالي في مدة زمنية قصيرة لا تتعدى ثلاثة أيام،وهو ما يعتبر من طرف المختصين إنجاز صحفي إستقصائي غير مسبوق، قادني إلى سبر أغوار مايدور في الحديقة الخلفية من صراعات دموية بين صقور و أجنحة النظام الجزائري العسكري الإستبدادي.
عندما يجتمع حلم الطموح مع حب السلطة و اللعب مع الكبار، لا يمكن إلا أن تكون النهاية مأساوية في دولة يحكمها عجوز يفتقد للعقل والحكمة وبعد النظر، تجاوزه الزمن بسنوات ،يجر خلفه جسد منهك وملامح وجه متعبة مرهقة غير مدركة بعد للتحولات والتطورات الدولية المتسارعة، عقلية جامدة لازالت رهينة حقبة الستينات والسبعينات في زمن الألفية الثالثة!!!
خيوط القصة السرية في تصفية الشاب إبراهيم عطاف، بذأت من الزيارة الرسمية التي أجراها والده إلى الولايات المتحدة الأمريكية يومه الثلاثاء 8 غشت،حيث عاد من واشنطن حامل معه موافقة و دعم واشنطن للترشح لرئاسة الجزائر وخوض الإنتخابات الرئاسية المقبلة ديسمبر 2024.
ضوء أخضر أمريكي حرص وزير الخارجية أحمد عطاف على عدم كشفه للأي أحد، بإستثناء نجله الأكبر إبراهيم الذي يعتبر من المقربين إليه وتجمعهم علاقة قوية جدا، هذا الأخير لعلمه بكيفية تسيير شؤون دواليب الدولة المافيوزية من خلال ما يبوح له والده من أسرار حكايات تصفيات وإعتقالات جنرالات و ضباط الجيش،تنسج و تفبرك ملفاتها داخل المطبخ الداخلي لقصر المرادية والمؤسسة العسكرية، فقد تفتقت عبقريته على تنفيذ مخطط جهنمي إستباقي، سعى إلى إستخدامه كورقة إبتزاز وتهديد،من أجل حماية والده أحمد عطاف في حالة قرر شنقريحة الحاكم الفعلي للجزائر ،إعفاءه من وزارة الخارجية أو ممارسة ضغوط عليه حتى لا ينافس عبد المجيد تبون في غمار الإنتخابات الرئاسية المقبلة .
في شهر فبراير الماضي تفجرت في فرنسا فضيحة أخلاقية من العيار الثقيل بطلها شفيق شنقريحة الإبن الوحيد لسعيد شنقريحة،الذي فاحت رائحة ميولاته الجنسية المثلية بالجزائر بين أوساط الجنود بحكم تقلده رتبة ضابط أول داخل الجيش فقرر والده إبعاده بسرعة إلى ليون الفرنسية لمتابعة دراساته الجامعية التي لم يستطيع مجاراة مستواها العال ليتم تعيينه كموظف شبح بالقنصلية الجزائرية في باريس.
أثناء إقامته بالعاصمة باريس تعرف على شاب فرنسي مثلي إسمه سيباستيان في بدايات الثلاثينات من عمره يملك وكالة للسياحة بالعنوان : Rue Auber, 75009 Paris N13.
توطدت العلاقة بين الإثنيين لتتوج في نهاية المطاف بالزواج على طريقة “الباكس” مما يعني إعتراف نجل شنقريحة رسميا بمثليته الجنسية، حيث إستفاد من البنود الخاصة التي تتيحها القوانيين الفرنسية في هذا الشق.
نجح إبراهيم عطاف في إقناع ضابط بالأمن الخارجي يشتغل بمصلحة الإستعلام بالسفارة الجزائرية في باريس من أجل التعاون معه في إقتحام الشقة التي يقيم بها شفيق شنقريحة رفقة زوجه الفرنسي سيباستيان ،الكائنة في بلدية نانتير تبعد عن باريس نحو 11 كيلومتر بالضبط بحي لا ديفونس الراقي وذالك بهدف وضع كاميرات تسجيل صغيرة جدا متطورة في أماكن لا يمكن كشفها داخل غرفة النوم والصالون أثناء غيابهم عن الشقة وهو ما إستطعوا تحقيقه، بحيث عاد رفقة الضابط بعد عشرة أيام إلى الشقة للآخد التسجيلات التي وثقت طيلة تلك المدة مشاهد جنسية شاذة فاضحة.
يبدو أن هذه المعلومات وصلت بشكل أو بآخر إلى أذن السعيد شنقريحة الذي إستشعر خطورة الموقف على مستقبله فكلف اللواء جبار مهنا مدير الأمن الخارجي ذو السمعة السيئة خلال العشرية السوداء ،بضرورة التخلص من نجل وزير الخارجية أحمد عطاف في أسرع وقت ممكن.
أعتقد أن المخابرات الجزائرية إختارت أسلوب التسميم في عملية التصفية ،وذالك بدس جرعة قاتلة من البولونيوم -210 المشعة في مشروب قهوة أو عصير ومن مميزات هذه المادة الخطيرة الغير متاحة أنها لا تترك أي آثار داخل جسم الضحية حتى لو تم إجراء تشريح طبي دقيق على الجثة.
ظروف تصفية إبراهيم عطاف من وجه نظري الخاصة هي سر تغيير خطاب وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بخصوص قضية الصحراء المغربية،وذالك بمناسبة أشغال الندوة العاشرة حول السلم و الأمن في إفريقيا المنعقد منذ أمس الأحد في وهران حيث رفض أحمد عطاف تلبية ملتمس من شنقريحة بتكرار أسطوانة تقرير المصير أثناء إلقاء الكلمة.