المصطفى الجوي – موطني نيوز
ياسر عرفات واسمه الحقيقي محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني. يُكنى بأبي عمار ويُلقب بالختيار. إزداد بتاريخ 4 غشت 1929 وتوفي بتاريخ 11 نوفمبر 2004، هو سياسي وعسكري فلسطيني لاجئ وأحد مؤسسي حركة فتح وجناحها المسلح “العاصفة” و “كتائب شهداء الأقصى”.
بعد مرور عدة سنوات على اغتياله عن طريق “سم البولونيوم” مازال العالم يتساءل حول هوية قاتل ياسر عرفات، حيث تعددت النظريات والفرضيات، وكثرت الاتهامات بين عدة أطراف.. هناك من يتهم زوجته سهى وهناك من يتهم قياديين في منظمة التحرير الفلسطينية وهناك من يتهم اسرائىيل … ولكن الحقيقة تبقى غامضة!
لم يكن عام 2004 بالنسبة للشعب الفلسطيني بالعام الاعتيادي مثل باقي الأعوام، بل شهد ثلاثة اغتيالات كبرى كانت كفيلة بتغيير الواقع الفلسطيني برمّته:
1- اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسّس حركة حماس في 22 مارس 2004. وبعده اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أحد مؤسّسي حركة حماس في 17 افريل 2004، .. والحقهم اغتيال الرئيس ياسر عرفات في 11 اكتوبر 2004، ثلاثة اغتيالات تبعها قرار إسرائيلي كبير جاء دون سابق إنذار في شهر آب 2005، وهو الانسحاب الكامل من غزّة!
الرواية الأولى لاغتيال عرفات تقول ان شارون وبوش تفاهمو على قتله: كشف الصحافي في جريدة معاريف الإسرائيلية دوري دان في كتابه الصادر باللغة الفرنسية بعنوان “أسرار شارون”، عن مكالمة هاتفية تمّت بين شارون والرئيس الأميركي جورج بوش الابن وهو ما يوحي بأنّه في ذاك اليوم حصل شارون على الضوء الأخضر للتخلّص من عرفات، شارون أبلغ بوش بأنّه لا يرى نفسه ملتزماً بعد اليوم بوعده السابق له في آذار 2001 بعدم المساس بعرفات، على خلفيّة العمليات التفجيرية في المدن الإسرائيلية، “عندئذٍ أجاب بوش أنّه ربّما من المفضّل أن يبقى مصير عرفات بيد الله”، فسارع شارون إلى الردّ “لكنّ الله يحتاج أحياناً إلى يد المساعدة”.
“لم يعقّب بوش على كلمات شارون هذه، ففُهم أن الصمت هو علامة الرضى”.
الرواية الثانية وتقول ان رد عرفات على وزير الخارجية الامريكي كولن باول ورفضه ايقاف الانتفاضة كانت سبب اغتياله: كشف نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية عند اغتيال عرفات أنّ وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول التقى الرئيس عرفات قبل أشهر من وفاته وقال له: “نرجو ألّا تكون هذه الزيارة الأخيرة لك، لا بدّ من اتّخاذ إجراءات” “لكنّ عرفات لم يكن عنده أيّ استعداد منذ كامب ديفيد للاستسلام أو التنازل عن ثوابته الفلسطينية أو القدس، وكانت هناك طلبات سياسية وأمنيّة لوزير الخارجية الأميركي من عرفات تؤدّي إلى وقف انتفاضة الأقصى وتسليم كلّ المطاردين، ثمّ اتّخاذ إجراءات عسكرية وأمنيّة تجعل عرفات مسيطراً على كلّ ما بين يديه، ولكن عرفات لم يتنازل ولم يوقف الانتفاضة ولم يقدّم أيّ تنازل، ولذلك كانت هناك مؤامرة إسرائيلية أميركية بأنّ عرفات يجب أن ينتهي عهده”.
الرواية الثالثة هي رواية او شهادة صحافي اسرائيلي معروف: زار الرئيس ياسر عرفات قبل ثلاثة أشهر من اغتياله، ويدعى “آمنون كابليوك”، وهو مقرّب منه، وقال له: “في إسرائيل يبحثون هل من المصلحة قتل عرفات أم لا، وجميعهم قالوا نعم.. لكنّ أحدهم قال: على ألّا نترك أيّ بصمات”.
ومايقوي هذه الفرضية هو اتصال الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالراحل عرفات ، قاله فيه: “أنصحك أن تسلّم السلطة وأنا أعرف عمّا أتكلّم”. و هذا الاتصال كان آخر اتصال من زعيم عربي بياسر عرفات قبل اغتياله”.
بالعودة إلى كيفية اغتيال عرفات استناداً إلى التحقيقات التي أجرتها عدة اطراف فلسطينية فقد تعدّدت الروايات، وفي إحداها من يقول إنّ السُّم وضع لعرفات في القهوة أو الشاي بشكل منفرد. فيما تمّ استبعاد أن يكون السُّم قد وضع له في الطعام لأنّه كان حريصاً دائماً أن يتناول الطعام مع مساعديه أو مع ضيوف يزورونه، أمّا الرواية الثانية فتقول إنّ السُّم وضع في خزّان ماء خاصّ بـعرفات كان يتوضّأ ويشرب منه وحده، وتمّ اكتشاف ذلك بعدما أصيب بحكّة في جسده.
وهناك عدة روايات أخرى عن مقتل عرفات بالنظر إلى أن الرغبة في التخلص من ياسر عرفات، لم تكن جديدة، وإنهاء حياة شخصية كبيرة مثله كان هدف لعدة اطراف داخلية وخارجية!
وتقول رواية تحكي عن المؤامرة الداخلية لاغتيال عرفات أنه بدأت أمريكا حملة شرسة ضد ياسر عرفات، وأوعزت إلى عملائها من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، كان من ابرز قادة الحملة ضد عرفات، محمد دحلان ومجموعة من ضباط الأمن الوقائي، واشترك في تلك الحملة شخصيات سياسية وثقافية مرموقة، وكان الغرض من تلك الحملة تشويه صورة عرفات من جهة، ومن جهة أخرى الضغط عليه لنزوع الصلاحيات وتسليم مجلس الوزراء لشخص واحد ممثلا في محمود عباس ابو مازن.
حيث أن غضبا كبيرا كان يعتري عرفات من شخص محمود عباس وتفطن لما كان يخطط له ومحاولة الانقلاب عليه بطلب من الإدارة الأمريكية، ولم يكن يتوانى في وصفه بـ”قرضاي فلسطين”، للدلالة على انه “عميل أمريكا”، ونفس الأمر مع محمود دحلان مسؤول الأمن الوقائي، الذي كان دوره وخدمته لأمريكا ظاهرا، ولهذا أطلق عليه وصف “الجاسوس”، ومن الأسماء المتورطة في عملية تشويه عرفات، مدير ديوان الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ومدير مكتبه رمزي خوري، ومسؤول المخابرات توفيق الطراوي، والغريب أن هذا الأخير تولى بعد وفاة عرفات لجنة التحقيق في ظروف وفاته.
بعد حملة التشويه وحرب نزع الصلاحيات، تحولت الأطراف الفلسطينية المكلفة بالقضاء على ياسر عرفات، إلى مرحلة ثانية بأوجه مختلفة، فقد فرض على عرفات، سلام فياض كوزير للمالية، وغرض ذلك التحكم في مصادر تمويل السلطة الفلسطينية، لتبدأ بعدها آخر مرحلة، حينما اخرج أعداء عرفات أوراقهم إلى العلن عبر سياسة الحصار، ثم عزله عربيا من قبل اسرائيل منذ 29 مارس 2002، حيث حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره.
اما زوجته سهى عرفات فتوجه اتهاما مبطنا لشخصيات في السلطة الفلسطينية بالتدبير لقتل ياسر عرفات، وهو ما تجلى في قولها “أبو عمار قال لي حالتي ليست طبيعية ويجب أن تعرفي ماذا أصابني. هذه ليست أعراض مرض اعتيادي”، وأضافت: “كان الدم يخرج من جسده ويتألم بشدة ويقول: اعملي أي شيء”، وتابعت “عندما كان يأتي أبو عمار إلى غزة، حيث كنت موجودة كان يأكل مما يجري طبخه وإعداده في البيت أما في رام الله، حيث كان محاصرا هو لم يكن يهتم بموضوع الطعام“.
تصريحات أرملة ياسر عرفات، لم ترق لرئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في ظروف استشهاد الرئيس ياسر عرفات، اللواء توفيق الطيراوي، وقال أنها هي المتهم الأساسي والأول والوحيد في اغتيال ياسر عرفات، وفي إسرائيل، اتهم مؤلفا كتاب “قتل ياسر عرفات” الصادر أوائل عام 2013 الدائرة المقربة من عرفات بالتورط في اغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل وتسميمه بواسطة البولونيوم المشع.
العقيد السابق في الاستخبارات الإسرائيلية مردخاي كيدار، اتهم سهى عرفات، بقتل زوجها عن طريق تسميمه، وقال العقيد السابق “إذا كانت هناك إثباتات لتسميم عرفات، فإن المرشحة الأولى لفعل ذلك هي أرملته سهى التي تريد اليوم إخفاء ما قامت به”، على حد قوله.
وأضاف كيدار “أن الكثير من الفلسطينيين يعلمون أن سهى عرفات، كانت تريد التخلّص من زوجها”ـ كما قال وتعليقاً على الاتهامات الموجهة إلى الإسرائيليين بهذا الخصوص، وصف كيدار هذا الاتهام بأنه “سخيف ومضحك”، معلّلاً ذلك بأنه لو أقدمت تل أبيب على هذا الفعل فمن المؤكد أنها كانت لتستخدم سماً يختفي ولا يترك أية آثار، كي لا يتم اكتشافها من قبل أي كان.
تبقى الإشارة إلى نقطتين:
1- خبراء روس أكّدوا أنّ وفاة ياسر عرفات لم تكن عمليّة مدبّرة بل كانت موتاً طبيعياً.
2- كشف معهد لوزان السويسري للتحاليل الإشعاعية في تحقيق عن وجود بولونيوم مشعّ في رفات عرفات، وسط تقديرات تقول إنّه مات مقتولاً بهذه المادّة السامّة.
وكلها فرضيات تخلي موت هذه الشخصية لغز محير..وفي الاخير نترحم على الرئيس الفلسطيني الراحل