شعيب جمال الدين – موطني نيوز
هناك حكمة فرنسية بليغة أجزم أن أغلب رؤساء دول إفريقيا ممن تعرضوا للإنقلابات عسكرية بشكل غير متوقع،قد رددوها مع أنفسهم وإستلهموا منها الدروس رغم أنها على كل حال لن تنفعهم بعد زوال السلطة و الجاه وتقول “L’intelligence est une chose très importante et la plupartt du temps elle a ttiue bien trop tard “.
يبدو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وضع نصب عينيه هذه الحكمة وهو يبعث مدير مخابراته ورجل ثقته عباس كامل،إلى الدوحة في 28 نوفمبر 2023 للإجتماع مع وليام بيرنز مدير السي آي إيه و ديفيد بارنيع رئيس الموساد، في جلسة عمل عنوانها الإعلامي مناقشة صفقة للإطلاق أكبر عدد من الأسرى الإسرائيليين، في حين جدول أعمالها الغير معلن هو البحث عن حلول ميدانية للوصول إلى السنوار العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر الذي أصبح هدف ملح مطلوب تحقيقه في أسرع وقت ممكن من لدن مجموعة من الأجهزة الظاهرة في الصورة والمتعاونة من وراء الستار .
لماذا مخابرات السيسي حاضرة في هذا الإجتماع، وهي التي لا ثأتير لها على قرارت مسؤولي حركة حماس، إذا إفترضنا أن اللقاء ناقش ملف الأسرى الإسرائيليين،كما روج له إعلاميا فإن مخابرات قطر أولى بالمشاركة بحكم إحتضانها قادة الحركة إضافة إلى العلاقات القوية جدا التي تجمعها بهم.
الجواب هو أن مدير المخابرات العامة المصرية تم إستدعاءه من طرف مدير جهاز السي آي إيه للحضور عاجلا على طريقة “ورقة الإستدعاء التي ترسلها الشرطة إلى المطلوبين لديها”.
كان ضروري قدوم اللواء عباس كامل،للأنه ببساطة يعتبر أحد الصناديق المالكة للأسرار تحركات قادة حماس في غزة.
هذا الإجتماع الإستخباراتي،خلص في نهايته إلى تنفيذ عدة تدابير في مواجهة قادة حماس، من وجهة نظري أهمها على الإطلاق هو إعطاء الضوء الأخضر للإستخدام فوق سماء غزة و خان يونس طائرات إستخبارتية إلكترونية متطورة مهمتها إلتقاط نبرة الصوت المسجلة مسبقاً مثل صوت أبو عبيدة المتحدث الإعلامي لكتائب عزالدين القسام وتحديد مصدرها ثم إعطاء الإشارة لغرفة الحرب بقصف الموقع.
لهذا بدأت منذ أيام تحليق طائرة أمريكية إستخبارتية من نوع Gulfstreilin G551 و طائرة بريطانية الصنع نفس المهام من طراز RC-135 تابعة لسلاح الجو البريطاني.
سعي مخابرات تل أبيب إلى تصفية يحيى السنوار ليس مراده فقط التخلص من قيادي بارز مطلوب لديها كمتهم بالوقوف وراء هجوم السابع من أكتوبر، بل الهدف الرئيسي من إزاحة قادة الصف الأول لحركة حماس في قطاع غزة ،هو خلق فراغ وإرتباك في إدارة عملية الحرب،ففي ظل غياب ربابنة السفينة يمكن أن يتسبب ذالك في حدوث فوضى في الرؤية والتعامل بطريقة إستراتيجية مع العمليات العسكرية.
في واقع الأمر فإن المرء أحيانا يقف مشدوها عند الإستماع لتحليلات بعض خبراء العرب المتقاعدين في المجال العسكري المقيمين على مدار الساعة داخل بلاطو القنوات العربية وهم يتحدثون على أن قوات النخبة التابعة لكتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحماس والمكونة حسب تقديراتهم من عشرة آلاف عضو لم تدخل المعركة إلى حدود اللحظة ؟؟؟!!!.
وانا من جهتي أتساءل بإستغراب ماذا تنتظر هذه الفرقة حتى تخوض المعركة بعد إستشهاد أزيد من 17200 فلسطيني وتشريد آلالاف و تدمير غزة بشكل كامل.
المواطن العربي في 2023 غير مستعد نفسيا إلى تقبل تكرار نسخة محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي الذي أدار الحرب الإعلامية في حرب 2003 بل هو في حاجة ماسة إلى من يقول له الحقيقة بغض النظر عن طبيعتها، تلك الحقيقة التي نضطر إلى سماعها من أفواه الخبراء العسكريين الأجانب الموجودين فوق تراب أرض غزة وليس خلف الشاشات.
حيث وصف الوضع الميداني بدقة المؤرخ الأمريكي روبر بيب مؤلف كتاب “قصف حتى الفوز”، الذي صرح بأن حجم الدمار في غزة يساوي ما دمر في جميع المدن الألمانية كاملة خلال الحرب العالمية الثانية، مشير إلى أنه ستدرج غزة كمدينة تعرضت إلى”أعنف حملات القصف التقليدية في التاريخ” في الوقت الذي يختبئ فيه مقاتلي حركة حماس داخل الأنفاق و يتبادلون الإبتسامات والتحايا مع الأسرى الإسرائيليين على أساس تمرير رسالة جميلة و إيجابية عن حماس، إلى الشعوب الغربية وليذهب إلى الجحيم الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره و المتضرر الأول و الأخير من هذه الحرب الغير متكافئة التي لا يجرؤ أحد في العالم العربي على قول أن قادة حركة حماس من ورطته في هذا المستنقع.