شعيب جمال الدين – موطني نيوز
بنيامين نتنياهو يلقبه بهتلر الصغير و رئيس الموساد ديفيد بارنيع يصفه بالعدو الخطير و مدير الأمن الداخلي رونين بار ينعته بوزير دفاع حركة حماس، إنه يحيى إبراهيم السنوار القائد العسكري و السياسي لحركة حماس في قطاع غزة منذ 2017 و العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر 2023، المطلوب الأول إسرائيليا في قائمة الإغتيالات و المدرج من طرف أمريكا في شتنبر 2015 على لائحتها السوداء “للإرهابيين الدوليين”.
قضى ثلاثة وعشرين سنة بالسجون الإسرائيلية قبل أن يفرج عليه في صفقة ضخمة في 18 أكتوبر 2011 سمتها المقاومة “وفاء الأحرار” شملت 1027 أسير فلسطيني من حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي مقابل مجموعة من الأسرى أبرزهم الجندي الصغير جلعاد شاليط الذي أسر في 26 يونيو 2006 ودفعت تل أبيب من أجله كل هذا الثمن لدرجة وصفه الرأي العام الإسرائيلي “بإبن الجميع” وأطلق إسمه على الصفقة.
أصر قادة المقاومة الفلسطينية خلال جلسات المفاوضات مع إسرائيل على إدراج إسم يحيى السنوار ضمن المفرج عليهم في الصفقة، وإستطعات فعلا إنتزاع هذا المكسب الهام بعدما قدم ظباط الإستخبارات الإسرائيلية قراءة خاطئة بخصوصه معتقدين أن 23 سنة من السجن قد أنهكته صحيا ولم تعد له القدرة الفكرية والقوة والنشاط البدني على أداء مهام ميدانية وبالتالي من وجهة نظرهم لم يعد الرجل يشكل تهديد حقيقي خصوصا وأنه أجرى عمليتين جراحيتيين الأولى على شبكة العين والثانية على الدماغ تحت إشراف أطباء إسرائيلين بعد نقله في حالة خطيرة من السجن إلى مركز سوروكا الطبي في بئر السبع ،قبل أن يؤكد المستقبل سوء تقدير أجهزة مخابرات تل أبيب التي ندمت اليوم أشد الندم على إطلاق سراحه.
هناك “قناعة”غير مفهومة خلفياتها داخل مجتمع الإستخبارات الإسرائيلي بأن القيادي يحيى السنوار مختبئ في أنفاق قطاع غزة، في حقيقة الأمر لا أعرف مصدر هذه “القناعة” هل بناءا على معلومات دقيقة مؤكدة، في هذه الحالة سيكون لازم أن نطرح سؤال بسيط، لماذا لم تنجح إسرائيل إلى حدود اللحظة في الوصول إليه، أما أنها لازالت لم تستطع تحديد أي نفق من الأنفاق الكثيرة يتواجد به يحيى سنوار ،إذا إفترضنا هذا الأمر فإن هذه “القناعة” تتهدم مباشرة على رؤوس أصحابها وتفقد صلابتها وقوتها وتصبح مجرد إستنتاج أو توقع لايمت بصلة إلى معايير المعلومة الإستخباراتية ،للأنه لا يمكن للأي جهاز إستخباراتي كيفما كان نوعه، يشتغل بإحترافية ومستوى عال أن يدافع عن “قناعة” تتعلق بقضية أوحادثة معينة، بناءا على معطيات ناقصة غير مكتملة العناصر الأساسية.
يبدو من خلال خلاصات الإستخبارات الإسرائيلية حول مكان إختباء يحيى السنوار، أنه إعتمد على منهجية خاطئة تسمى (Predictive Analytics) لا يمكن على كل حال أن يعتد بها في إتخاد قرارات حاسمة أو طرح تقييما سليم.
في حين أن الظروف المحاطة بوضعية يحيى السنوار تتطلب نهج إستراتيجية(Diagnostic Analytics) التي هي العمود الفقري للتحليل الشامل والمعمق وتحدد الإتجاهات التي تقود إلى الوصول للنتائج المرجوة، وهي الوحيدة الكفيلة بالإجابة عن الأسئلة المحيرة وتفكيك الشفرات وأعتبرها الأكثر تفصيلا و فعالية من باقي أنماط وأنواع التحليلات.
الإعتقاد بوجود قائد حركة حماس يحيى السنوار مختبئ في مكان ما داخل حدود قطاع غزة، أعتبره غباء في التفكير المنطقي والإستراتيجي وفشل في التحليل الإستخباراتي، فلا يمكن إطلاقاً لمقاتل متشبع بالعقيدة الأمنية الحذرة ويرجع له الفضل في تشكيل الجناح العسكري لحركة حماس منتصف الثمانينات ،ثم أنشأ أول جهاز أمني داخلي سنة 1989 مكلفة بتتبع المخبريين و الجواسيس،أن يحاصر نفسه بنفسه داخل إطار حدود 365 كم المساحة الإجمالية لمدينة غزة، فلا أنفاق ممكن أن تكون حاجز سميك يمنع الوصول إليه عند الإجتياح البري ولا المباني السكنية و المؤسسات الحكومية ملجأ آمن في ظل القصف اليومي المكثف.
إذا إستخدمنا التحليل التشخيصي، وقمنا بفحص بشكل أعمق لسلوك وطريقة تفكير شخصية مثل يحيى السنوار و دراسة خلفيته السياسية و الإيديولوجية التي يتبناها، فيمكن الجزم بنسبة مئوية تتجاوز 90٪ أنه مختبئ بإحدى القرى و البلدات المتخامة للحدود اللبنانية الفلسطينية، وأقصد هنا قرية ميس الجبل بمحافظة النبطية وقرية عيترون تابعة لنفس المحافظة وقرية بليدا من محافظة صور التي أغلبية سكانها شيعة من الموالين لحزب الله حليف حركة حماس.
القاسم المشترك بين كل هذه القرى أنك ممكن الوصول برا إلى العاصمة بيروت في أقل من ساعتين، للأنها جميعها لا تتجاوز المسافة 130 كيلومتر ،و لك عدة خيارات بإستعمال مجموعة من الطرق الثانوية دون اللجوء إلى الطرق الرئيسية التي بها حواجز مراقبة لعناصر الجيش اللبناني.