شعيب جمال الدين – موطني نيوز
في الوقت الذي سلطت وسائل الإعلام الضوء على اللقاء الذي جرى الخميس 26 أكتوبر 2023 بين مسؤولي حركة حماس موسى أبو مرزوق وباسم نعيم مع ميخائيل بوغدانوف نائب وزير خارجية روسيا والممثل الخاص لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، كان هناك إجتماع آخر عقد بشكل سري للغاية في نفس اليوم بالعاصمة موسكو بين القياديين الإثنيين وسيرغي ناريشكين رئيس المخابرات الخارجية الروسية بحضور علي باقري نائب وزير خارجية إيران الذي إنتقل إلى روسيا تزامنا مع سفر مسؤولي حماس من الدوحة.
هذا الإجتماع الهام الذي أعتبره السبب الرئيسي وراء البلاغات المشفرة التي حملت بين طياتها عبارات غضب وقلق واشنطن وتل أبيب من قبول فلاديمير بوتين إستقبال قادة حماس في هذه الظروف التي تشهد شن إسرائيل حرب على حماس.
إذا كانت محادثات القياديين الفلسطينيين مع ميخائيل نائب وزير خارجية روسيا ناقشت طلب الإفراج عن أسماء ثمانية أسرى إسرائيليين حامليين للجنسية الروسية وإدخال روسيا كوسيط وحيد في هذه الحرب الفلسطينية الغير متكافئة.
فإن المباحثات السرية للقياديين مع سيرغي ناريشكين رئيس المخابرات الخارجية الروسية تضمنت الإتفاق على تنفيذ عدد من الأجندة الإستراتيجية التي عرضت على طاولة الإجتماع نضعها تحت مجهر التحليل في هذا التقرير الحصري :
1) قادة حماس في قطر تحت حماية المخابرات الروسية :
ثلاثة أجهزة إستخباراتية عالمية نزلت بكل ثقلها للضغط على النظام القطري من أجل هدف واحد لا غير إبعاد قادة المكتب السياسي لحركة حماس المقيمين في هذه الإمارة الخليجية يتعلق الأمر بالسي آي إيه والموساد و إم آي 6 البريطاني، وإن كان الواقع يؤكد أن قادة حماس ليس أمامهم خيارات عديدة غير الوجهة الإيرانية التي طرحتها كحل المخابرات الأمريكية ورفضها قادة حماس بعدما فطنو أنها مجرد فخ إستخباراتي له أبعاد سياسية ودينية ستضعهم في مواجهة مع متطرفي المذهب الشيعي على التراب الإيراني، الذين تربطهم بالمذهب السني صراع عميق له جذور تاريخية.
وفي ظل توجس قادة الحماس من تعرض المخابرات القطرية للأي إختراق خارجي يشكل تهديد لحياتهم بحكم أنها المكلفة حاليا بحمايتهم،كان الحل الأمثل بنسبة لحماس هو الإستنجاد بالمخابرات الروسية بوساطة إيرانية وضوء أخضر من النظام القطري وتنسيق وترتيب مع قصر الكرمليين.
2) ملف الأسرى الإسرائيلين في غزة ورقة بيد روسيا :
من شروط و قوانيين ممارسة لعبة الشطرنج تلك الرقعة ذات بعد إستراتيجي أن يتميز المتنافسين بالذكاء الحاد والمهارة الفكرية والعلمية و إيجاد فن المناورة، هذا بالضبط ما يقوم به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قضية حرب قطاع غزة حيث تفتقت عبقريته على نزع ملف الأسرى الإسرائيليين و الأجانب من حركة حماس لصالحه في صفقة متبادلة المصالح الجيوإستراتيجية ستخدم أهدافها كلا الطرفين.
فتحركات قادة حركة حماس ستحظى بحماية أمنية روسية دعم حماس سياسيا و ديبلوماسيا داخل المنتظم الدولي في صراعها مع أمريكا وإسرائيل والدول الغربية ،كما سيتم وضع رهن إشارة حليفتها إيران قاعدة حميميم الجوية العسكرية الروسية تقع جنوب شرق محافظة اللاذقية سوريا، من أجل صد هجمات إسرائيل على مستوى جبهة جنوب لبنان حيث ينشط عناصر حزب الله اللبناني .
دون نسيان القاعدة العسكرية الأمريكية المتواجدة في حقل العمر النفطي شرق سوريا التي ستصبح في مرمى الصواريخ الإيرانية إضافة إلى تقديم المساعدة العسكرية والتكنولوجية و الإستخباراتية للإيران في الشرق المتوسط وعلى حدودها مع أذربيجان في حالة حدوث أي تطورات في فلسطين تجر دول المنطقة إلى حرب إقليمية موسعة.
في حين ستلعب موسكو بورقة 229 أسير إسرائيلي عسكري ضمنهم أجانب مدنيين مع واشنطن و تل أبيب، أي أن عملية التفاوض ستكون بين اللاعبيين الكبار، مقابل تحقيق مصالح جيوسياسية وجيو إستراتيجية يستفيد منها فلاديمير بوتيين في الحرب الأوكرانية و على حلبة الصراع المحتدم الأن في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.