شعيب جمال الدين – موطني نيوز
خلف زيارات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى دول الشرق الأوسط، هناك عمل كبير تقوم به السي آي إيه من وراء الستار بعيدا كليا عن أي تنسيق مع جهاز الموساد، فالتدخل الإستخباراتي عند وقوع أحداث ذات بعد جيوسياسي والجيو أمني إقليمي تكون له فعالية حقيقية أكبر بكثير من التحرك الدبلوماسي الذي ينحصر دوره في الجانب التقني الذي ينتهي بإعلان إتفاقيات و تفاهمات ثنائية لا تعدو سوى خلاصات لما أتفق عليه داخل الغرف المغلقة بين رؤساء أجهزة إستخبارات البلدان المعنية بالأمر، ففي الأعراف البروتوكولية لا يجوز بتاتا حدوث تواصل مباشر بين أي مدير مخابرات أجنبي و رئيس الدولة المستهدفة ،وهذا الأمر يطبق حتى في أصعب الظروف حينما تتعلق المسألة بمعلومات إستخباراتية مؤكدة عن قرب تعرض رئيس دولة صديقة إلى محاولة إنقلاب عسكري فإن مهمة التبليغ تتم بين قائدي البلديين دون اللجوء إلى إشعار جهازه الإستخباراتي الذي يصبح متجاوز.
1) دعم إسرائيل مقابل تأييد اللوبي اليهودي للديمقراطين :
على بعد أقل من سنة فقط من الإنتخابات الرئاسية الأمريكية يراهن الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي ينتمي إليه الرئيس جو بايدن على كسب دعم اللوبي اليهودي النافذ بشكل خطير في جميع القطاعات الحيوية الأمريكية بدواليب صناعة القرار السياسي و الإقتصادي والمالي و الإعلامي .
لهذا فإن التحرك العسكري الأمريكي الثقيل من إرسال أقوى وأغلى حاملة طائرات “جيرالد فورد” إلى شرق بحر المتوسط المطل على غزة التي وصلت منذ يوميين ،في ترقب وصول حاملة الطائرات الأمريكية الثانية ” دوايت أيزنهاور” في أجل اقصاه عشرة أيام، وذالك بغاية”ضمان أمن إسرائيل” حسب تصريحات وزارة البنتاغون، لكن الحقيقة الساطعة أن القرار صدر بضغوط من مراكز القوة المسيطر عليها اللوبي اليهودي مقابل توفير كل الدعم للحزب الديمقراطي في الإنتخابات الرئاسية نوفمبر 2024 ضد منافسه الحزب الجمهوري.
2) السيسي ولاية ثالتة مقابل تنازلات إستراتيجية :
في الوقت الذي تركز فيه وسائل الإعلام العالمية و الجمهور العربي على قضية الضغوط الأمريكية و الأوروبية على مصر من أجل الموافقة على إستقبال الآلاف من ساكنة قطاع غزة في سيناء ورفح وإنشاء مخيمات بتمويل دولي، حيث يعتقد الكل أن هذه الورقة الوحيدة التي تضغط بها أمريكا وإسرائيل على القاهرة، في حين توجد مطالب أخرى جيوإستراتيجية تسعى واشنطن إلى إستغلالها بشكل يخدم مصالحها خصوصاً مع إقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية المصرية.
من أهم الأوراق المطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتقديم تنازلات حولها قرار مصر تعويض إسرائيل بتركيا في الإسثتمار في حقل الغاز الطبيعي في الشرق المتوسط، مقابل الإستفادة من التكنلوجية الصناعية التركية.
كذالك رغبة مصر إزالة أو التخلي قريبا عن فيتو على موضوع ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين وتركيا مما سيتسبب في وقوع إنقلاب جيوسياسي في المنطقة وهو ما تعتبره أمريكا محاولة من القاهرة بالتلويح بورقة الإستقلال الإستراتيجي.
إضافة إلى وجود مخطط ننفرد بالكشف عنه حصريا سيقوم بعرضه الرئيس الأمريكي جو بايدن على كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي و الملك الأردني عبد الله الثاني على هامش الإجتماع الذي سيعقد في الأيام القادمة، بحيث سيتم طرح فكرة دخول قوات مصرية وأردنية إلى قطاع غزة بتنسيق مع قوات السلطة الفلسطينية(حركة فتح) بعد القضاء تماما على الجناح العسكري لحركة حماس والسماح لها بالتواجد سياسيا، فقط هذه المقترحات تنتظر الموافقة عليها من مصر و الأردن في أفق تطبيقها بعد نهاية عملية الإجتياح البري والبحري والجوي المحدود لقطاع غزة.
3) إشعال حرب قرب الحدود الشمالية الإيرانية :
قرار أمريكا إعطاء الضوء الأخضر لإشعال الحرب على الحدود الشمالية الإيرانية بين أذربيجان و أرمينيا، ليست وليدة اليوم بل تعود الإستعدادات العسكرية و الأمنية و اللوجستية إلى بداية سنة 2020 بحيث زودت إسرائيل حليفتها أذربيجان بأسلحة حربية ضخمة متنوعة تقدر ب خمسة مليارات دولار تكلفت بنقلها طائرات تابعة لشركة سيلكوي من مطار عوفدا جنوبي إسرائيل إلى مطار حيدر علييف بالعاصمة باكو.
علما أن دولة أذربيجان أتاحت لجهاز الإستخبارات الخارجية الإسرائيلي الموساد إقامة مكتب و محطة عالية المستوى قادرة على رصد و تعقب ما يجري داخل إيران.
شخصيا يمكنني الجزم بأن إشعال حرب على الحدود الشمالية الإيرانية ما هي إلا مسألة وقت وستكون قاعدة سيتالشاى العسكرية الإسرائيلية الواقعة على بعد 500 كيلوميتر من الحدود الإيرانية،موقع إنطلاق لشن ضربات جوية دقيقة ضد البرنامج النووي الإيراني تزامنا مع إنشغال الأخيرة بتطورات الحرب المتعمدة بين أذربيجان و أرمينيا.(التفاصيل الكاملة لأسباب إشتعال الحرب في التقرير السابق).
4) صفقة أمريكا مع بوتيين مقابل مواقف حيادية:
كل ما يسعى إليه حاليا فلاديمير بوتين و محيطه المقرب هو إيجاد صيغة مناسبة تحفظ ماء وجهه أمام شعبه و المنتظم الدولي للخروج بشكل مشرف من ورطة غزو أوكرانيا، بعدما حقق جزء من أهدافه لكنه عموما لم ينجح في تحقيق كل ما كان يخطط له من إسقاط نظام كييف والحكومة و إرساء نظام موالي لموسكو على شاكلة دولة بيلاروسيا.
بالنسبة للمخابرات الروسية وكبار مستشاري قصر الكرمليين فالحرب الحالية بقطاع غزة وما سترتب عليها من تداعيات شرق أوسطية فهي تعتبر فرصة ذهبية لصالح روسيا من أجل إجبار واشنطن على الجلوس على طاولة المفاوضات السرية لعقد صفقة سياسية فوق دماء الفلسطينيين، في نطاق تبادل المصالح الجيوإستراتيجي، تلعب من خلاله واشنطن دورا في إيقاف الحرب الأوكرانية أو على الأقل المساهمة في تحقيق هدنة يتم تجديدها كل فترة حسب طبيعة بنود الإتفاق ،مقابل إلتزام موسكو بمواقف حيادية إتجاه المخطط الأمريكي في الشرق الأوسط خصوصاً فيما يتعلق بالحرب المتوقعة قريبا على الحدود الشمالية الإيرانية.