بقلم شعيب جمال الدين – موطني نيوز
عندما يتأمل المرء بعمق كبير هذا الضجيج الإعلامي الفرنسي المثير للشفقة والإستغراب في آن واحد حول عدم تقبل رفض المغرب للمساعدات الفرنسية بخصوص تداعيات فاجعة الزلزال المغربي وما يصاحبه من تحليلات سطحية وتعليقات عدائية تجمع بين الهجوم الممنهج على شخص الملك محمد السادس و تمرير المغالطات والأكاذيب حول طرق عمل فرق الإنقاذ المغربية بمختلف أنواعها و أشكالها، يتأكد لنا بما لا يدع مجال للشك أن الزمن في الجمهورية الخامسة في إرتباطه مع المملكة الشريفة قد توقف فعلا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بحيث لم تستطيع الدولة العميقة الفرنسية و لا جهازها الإستخباراتي التقليدي أن تستوعب ولا أن تدرك أن الرسائل الإبتزازية والإشارات التهديدية و الظغوطات المشفرة التي تحاول جاهدة تمريرها عن طريق الأذرع الإعلامية المرئية و المكتوبة لم تعد تجدي مع أسلوب تفكير محمد السادس.
تعامل المغرب الرسمي الذكي المتجاهل كليا للهجمة الإعلامية الفرنسية الغير مهنية ولاأخلاقية والفاشلة عموما التي عنوانها المتكرر منذ أسبوعين هو إنتقاد بشدة والإستهزاء من رفض المغرب الدعم الفرنسي المقترح في حين أن الحقيقة المخفية وراء كل هذا توجد داخل أروقة مكتب أليكسي كولر الأمين العام لقصر الإليزيه الحاكم الشبه فعلي والعقل الذي يفكر به إيمانويل ماكرون الذي وصلت إلى جدرانه الأثار القوية للزلزال المغربي فإنقلبت الآية بصراحة إلى إحتياج فرنسا للمساعدة المغربية العاجلة أكثر منها حاجتنا إليهم الغير مطلوبة أصلا، وطبيعة ما يريده السيد أليكسي كولر بلسان ماكرون المتسول هو منح اللوبي الإقتصادي النافذ صفقات إعمار منطقة الحوز مناصفة مع إسبانيا و الإمارات و قطر و بريطانيا.
من وجهة نظري أرى أن الوقت قد حان لكي تقرر فرنسا تغيير نظاراتها القديمة التي تعود إلى حقبة الثمانينات و التسعينات و إستخدام أخرى حديثة تتلائم مع تطورات الجيوسياسية و الإستراتيجية الحالية حتى تستطيع الرؤية بشكل جيد إلى الواقع الإقليمي والدولي ومدى علاقته بالتحولات التي عرفتها السياسة الخارجية للمملكة منذ سنة 2016.
فبقدر ماكان المغرب حريصا جذا على مد يديه إلى فرنسا منذ
دجنبر 2020 ثم جدد هذا الخيار في خطاب عيد العرش 29
يوليوز 2021 ،فإن فرنسا ظل فكرها و عقيدتها رهينة العقلية الإستعمارية الرافضة نفسيا بالدرجة الأولى و إستراتيجيا بأن تختار الرباط إستراتيجية تنويع شركائها الدوليين.
هذا الطموح المغربي السيادي بطبيعة الحال أشعر الفرنسيين بأن وصايتهم بذأت تفلت من بين أيديهم بشكل أدخلهم في حالة من القلق و التوجس و الإرتباك من قوة محور : المغرب، أمريكا و إسرائيل، إضافة إلى تطور العلاقات الثنائية مع الصين الشعبية و روسيا وتحسنها بشكل ممتاز مع الجارة إسبانيا التي كانت من نتائجها الإيجابية إعتراف هذه الأخيرة بالسيادة المغربية على صحرائه.