أسية عكور – موطني نيوز
مرت سبع سنوات منذ أن تمكن يوزار من دحر شقيف وحيوانه البحري..وخلال تلك الفترة، تزوج من الجنية زينة، فأنجبت له (نوح) الذي كبر بسعادةٍ في ظل والديه..وفي إحدى الليالي..وبينما كان يوزار في بيته القروي قرب شواطئ ساران، إذ زاره زحل.. فرحب به يوزار ثم قال له :
إذا جئت لتدعوني مرة أخرى للعيش في مملكتك السامية فوق السحب فانسى الأمر…أنا تعجبني حياتي كما هي..
لكن زحل رد عليه بالقول :
كلا يا بني..فنحن أيضاً هناك في مملكتنا تعجبنا حياتكم، بل ونحسدكم عليها..لكن الذي جلبني إليك الليلة هو أمر مختلفٌ تماما..
جلس يوزار وأصغى الى زحل وهو يقول :
لقد ظهر في الآونة الأخيرة إبنٌ لشقيف يدعى (عسّاف) ويلقب بـ (شيطان الحروب) لكونه مولع بافتعال الحروب وخوضها..كان شقيف يخفيه عنا منذ ولادته..ويدربه لدى الشياطين سراً ليهيئه لمثل هذا اليوم..
تسائل يوزار :
يهيئه لأي غرض ؟؟
أجاب زحل :
ليساعده في تحرير (الجورجون)..
يوزار :
ومن هو الجورجون ؟؟
رد زحل :
إنه شيطان العالم القديم..وهو محتجزٌ في أعماق العالم السفلي..كان أجدادنا قد تمكّنوا منذ ألف عام من التغلب عليه..وبسبب عجزهم عن قتله، فقد قام أولئك الاجداد باحتجازه عن طريق طقوسٍ معينة..وشددت تلك الطقوس على أن تحرير الجورجون من سجنه يتطلب موافقة فردين من جن الاقدار..وبما إننا نحن الإخوة الثلاثة هم الوحيدون المتبقون من سلالتنا، وأنا وأخي أطلس نرفض تحرير الجورجون رفضاً قاطعا..لذا عمد شقيف الى إخفاء ولده عنا الى أن أصبح عساف شريراً بالغاً حتى يحظى بموافقته على إطلاق سراح الشيطان من حبسه..
قال يوزار :
إنها قصة ما قبل النوم جميلة..والآن عن إذنك فسآوي الى النوم..
قال زحل :
إعلم يا يوزار، أن الجورجون لو تحرر..فلن تظل حياتكم على حالها..بل ستختفي البهجة والسعادة من العالم بأسره..وما إن قال زحل ذلك حتى اختفى من أمام ناظري يوزار… فظل الأخير يفكر بكلمات زحل حتى وقتٍ متأخر..
وبعد عدة أيام..
كان يوزار يراقب زوجته وهي تصقل سلاحها بواسطة حجرٍ أملس..
فقال لها :
أما زلتي تحتفظين بهذا السلاح ؟؟
أجابت زينة :
نعم..إنها حربة شقيف التي استخدمها في طعني معتقداً أنه قتلني..لكنه لم يتسبب سوى في فكّ اللعنة عني..وبعد أن حطمتها أنت، قمت أنا بجمعها مجددا..
قال هو :
أرى أن تتخلصي منها..
قالت :
لكنها سلاح ذو فعالية مذهلة..
وفجأة..شهد الجميع انفجار قمة جبل ساران..حيث أخذ الجبل يطلق من جوفه كراتٍ نارية..وقعت إحدى تلك الكرات الضخمة في قرية يوزار..فانبثق من جوفها وحشٌ فظيع…عبارة عن حيوانٍ بجسد ثورٍ مجنّحٍ وله ثلاث رؤوس، هي لأسدٍ وتنينٍ وكبش..أما ذيله فعبارةٌ عن ثعبانٍ فتاك !!!
أخذ ذلك الوحش يجول في القرية ويرهب السكان بإطلاقه النيران من منقار التنين..فيحرق البيوت ويمزق من يعترض طريقه..حتى استنجد القرويون بيوزار..فحمل الفتى رمحه وطارد الوحش ثم رماه بالرمح…لكنه لم ينجح سوى بإغضاب الوحش أكثر وأكثر..فالتفت المخلوق نحو يوزار وأصبح هو الصياد و يوزار هو الطريدة..فطارده حتى أوشك الوحش ان يدركه ويفترسه..لكن في تلك الأثناء..ظهر نوح ابن يوزار وهو يحمل مقبض سيف والده والذي كان يوزار قد دفنه عميقاً في أرضية البيت لاعتقاده أنه لن يستعمله مرة أخرى..لكن ظهور الوحش في القرية هذا الصباح دفع بزوجته زينة الى نبش التراب وإخراج السلاح، والذي حمله نوح وهرع به الى أبيه..فلما بلغه رماه نحوه فتلقفه يوزار فشع منه النصل الرهيب فسارع الى ضرب الوحش فقطع منه عنق الكبش..
وهنا انقض نحو يوزار الذيل الثعبان فالتفّ حول جسده وقيّد حركته..ثم اقترب منه رأس الاسد وفتح فكّيه بمصراعيهما ليلتقم وجه يوزار..لكن في تلك اللحظة..تدخلت زينة وضربت الذيل بحربتها فقطعته عن زوجها..ثم أسرع يوزار وأغمد سيفه في حلق الأسد فأخرجه من دماغه فقضى عليه..تلا ذلك ان ضرب الوحش زينة بجناحه فطرحها بعيدا..فغضب يوزار وضرب جناح الوحش ففصله عن جسده..ثم هرع الى زوجته ليطمئنّ عليها..لكن الوحش نفخ صدره واستعد لنفث النار عليهما، فوضع يوزار زينة خلف ظهره وتأهب لعاصفة اللهب..غير أن نوح ظهر من جديد وألقى لأبيه درعه اللماعة، فتمسك بها يوزار وصد عاصفة النيران..ثم وثب على ظهر الوحش وأمسك رمحه وأغمده في ظهره..فحاول الوحش الطيران لكنه لم يفلح..فتخبط وحاول إلقاء يوزار من على ظهره..لكن الفتى تشبث بالرمح بشدةٍ ولم يسقط..تلا ذلك إن طوّح يوزار برأس الوحش الأخيرة فقضى عليه تماما..
بعد تلك المعركة الشاقة..تأكد ليوزار صحة كلام أبيه زحل..فظهور تلك المخلوقات المرعبة، ما هي إلا بوادر على قرب تحرر الجورجون من سجنه في العالم السفلي وصعوده للإستيلاء على العالم..لذا قرر يوزار قبول خوض المعركة وإحباط مؤامرة شقيفٍ وولده عساف..وهكذا رحل يوزار لوحده تاركاً زوجته وولده في مكانٍ آمن ريثما ينتهي من مهمته..وصل يوزار الى قصر ملك ساران .. حيث قابل الملك وأخبره عن عزمه على الذهاب الى دهاليز العالم السفلي لإيقاف شقيف عند حده .. وطلب من الملك مساعدته في ذلك..وبينما هما يتناقشان في تلك المسألة، وإذا ببعض الحرس يدخلون على الملك ويبلغونه خبر وصول جيشٍ جرار لاحتلال المملكة !!!صدم الملك مما سمع .. وتسائل عن هوية صاحب الجيش، فأخبروه أن اسمه (عساف)..
ذهل يوزار وقال :
كنت أعتقد أن عساف برفقة شقيفٍ في العالم السفلي وهما يشرعان بطقوس تحرير الجورجون..ولكن ما الذي يفعله عساف هنا ؟؟
أراد الملك أن يتحاور مع عساف..لكن الظاهر أن عساف لم يأتي من أجل الحوار أوالتفاوض..بل هدفه هو اقتحام المملكة مهما كلف الأمر..وسلاحه في ذلك هو جيشه المرعب المكون من خليطٍ من الشياطين ومرتزقة الجن والبشر… وعفاريتٍ عمالقة يكتسحون كل ما اعترض طريقهم بهراواتهم المعدنية الضخمة .. بالإضافة الى وحوش الثيران المجنحة الثلاثية الرأس كالتي قاتلها يوزار..جيش كهذا من شأنه أن يثير الرعب في أوصال كل من يواجهه .. لذلك كان عساف ينتصر في كل حروبه ولم يسبق له أن انهزم من قبل..باشر عساف بالهجوم ، ولم ينتظر رد الملك بالإستسلام..فأرسل أولاً عفاريته العمالقة فشرعوا بتحطيم أسوار المملكة..ورغم رشقهم بآلاف النبال التي جعلت العفاريت كالقنافذِ حتى سقط بعضهم صرعى.. لكنهم نجحوا أخيراً في فتح معبرٍ تمكّن من خلاله جيش عساف من الولوج الى داخل أراضي المملكة..وما إن فعلوا ذلك..حتى تطاحن الجيشان واشتبكا في قتالٍ عنيف..لكن الغلبة مالت في النهاية الى جيش عساف..فاضطر جيش ساران الى الإنسحاب والتراجع الى خلف أسوار المملكة..يوزار شارك في القتال أيضاً وأجهز على العديد من الأعداء..لكن التعب نال منه في النهاية فاضطر هو الآخر الى الإنسحاب مع المنسحبين..وبعد ساعات..دهش الجميع وهم يشهدون انسحاب عساف وجيشه من المملكة بعد سويعاتٍ قليلةٍ على احتلالها !!!
فقال يوزار :
لابد أن عساف قد حصل على ما جاء لأجله ولذلك غادر..
دخل يوزار البلاط الملكي فشاهد الأميرة الحسناء (دَيانا) إبنة الملك والتي سبق له ان أنقذها من مارد البحار…شاهدها وهي تحتضن جثة أبيها ودموعها تُسكب بغزارة..فتأثر يوزار واقترب منها وقام بتعزيتها بمصابها بأبيها الملك..
فالتفتت إليه الأميرة وقالت :
لقد قبض عليّ عساف وهدد أبي بذبحي أمام عينيه لو لم يسلمه (قوس هارون)..
ورغم أن أبي قد فعل ما طلب منه، لكن عساف اللعين قام بذبحه قبل انسحابه..
فسألها يوزار عن مدى أهمية قوس هارون، الى درجة أن عساف قد تجاسر على احتلال مملكةٍ كاملة وذبح ملكها من أجل الحصول عليه..
فأجابت الاميرة :
لقد سمعت ابي يقول..إنه منذ زمنٍ طويلٍ جدا..حدثت حربٌ طاحنة في مملكة السماء، بين فصيلتين من أمم الجان..وهما جن الأقدار، والجن الذين يطلقون على أنفسهم إسم (جن العمالقة)..وخلال المعركة..فُقد سلاح يشكّل قوةً هائلة لمن يحمله..وهو قوس (هارون)..وكانت نتيجة تلك الحرب هو انتصار جن الأقدار وتوليهم زعامة أمم الجان..أما الخاسرون وهم (العمالقة) فقد تم حبسهم داخل قفصٍ فولاذيٍ مسحور، وتم إيداع ذلك القفص داخل قلب جبل الهلاك..ومنذ ذلك الوقت..وجن العمالقة محتجزون داخل الجبل..والسلاح الوحيد الذي يضمن تحريرهم هو قوس هارون..وقد توارث أسلافي ذلك القوس واحتفظوا به سراً داخل سراديب هذا القصر، حتى علم به عساف وأخذه غصباً وظلما..
يوزار :
لكن لماذا يريد عساف تحرير جن العمالقة ؟؟ ما الداعي لذلك ؟؟ لاسيما وهو على وشك تحرير الجورجون ؟؟
قالت :
أنا لن انتظر الإجابة على تلك التساؤلات..بل سأذهب للقضاء على عساف قبل أن يتمكّن من تحرير العمالقة..
رد يوزار بذهول :
أنتي ؟؟؟
قالت :
نعم أنا… فأنا الآن قد أصبحت الملكة وأريد الثأر من عساف لما فعله بالمملكة وبأبي..وهذا قراري ولن يردعني أحد..
قال :
هذا صحيح…فأنتي الملكة ومطالبتكِ بالثأر من حقك…ولكن دعيني أرافقك..فعساف هو مهمتي أيضا..بالإضافة الى أن جبل الهلاك هو المدخل الى العالم السفلي..
قالت :
حسنا…طريقتك بجعل الجبابرة يصطدمون ببعضهم كما صنعت سابقاً قد تنفعنا..
وهكذا ارتدت الملكة ديانا لباس الحرب ثم انطلقت برفقة يوزار وعشرة من الجنود الأشداء الى جبل الهلاك..
في الطريق الى الجبل..ركب المرتحلون قارباً حربياً وخاضوا به البحر حتى بلغوا أرضاً غريبة يطئونها لأول مرةٍ في حياتهم ..فساروا فيها بحذر..وهم لا يعلمون ماذا تخبئ لهم تلك الاراضي الموحشة من مفاجئات.
بقية الأحداث الممتعة غدا إن شاء الله في الجزء الأخير انتظرونا…يتبع