المصطفى الجوي – موطني نيوز
تعد ظاهرة انتشار شهود الزور وسماسرة المحاكم من المشاكل الخطيرة التي تواجه المجتمع المغربي في الفترة الحالية. لإن انتشار هذه الظاهرة يشكل تهديدًا حقيقيا للعدالة وسلامة النظام القضائي ككل، وبالتالي يعكس ضعفًا في النظام القانوني والإداري.
كما يعتبر شهود الزور أو الشهود الكاذبون أشخاصًا يقدمون شهادات زائفة أو مضللة أمام المحاكم مقابل أجر قد يكون سمينا أو زهيدا لا فرق عندهم، وغالبًا ما يتم توظيفهم من قبل الأطراف المعنية لتحقيق أهدافهم الشخصية وهنا يتعدد الشركاء. فهؤلاء الشهود يكذبون بشكل متعمد ويقدمون معلومات كاذبة أو يخفون الحقائق التي هم اصلا لا يعلمونها بل تحفظ لهم. يهدفون من خلالها إلى تضليل القضاة والمحكمة وتحقيق مصلحتهم الخاصة على حساب العدالة الحقيقية.
وموازاة مع ذلك، تنتشر ظاهرة سماسرة المحاكم الذين يسعون لبيع خدماتهم للمتهمين أو الأطراف المعنية في القضايا القضائية. يعملون على الاتصال بالشهود المحتملين وتأثيرهم وإقناعهم بتقديم شهادات كاذبة أو تحريف الحقائق. يعتبر هذا سلوكًا فاسدًا ينتهك حقوق الضحايا ويعرض المجتمع للظلم، بل منهم من يفسد القضية وينسفها من جذورها عندما يكون القاضي مرتشيا وهنا مربط الفرس.
بحيت تترتب على هذه الظاهرتين آثار خطيرة على نظام العدالة والمجتمع بشكل عام. فعندما يتم قبول شهادات زائفة أو مضللة والرشوة، يتعرض المتهمون للظلم والحكم بالبراءة لأشخاص غير مذنبين. وفي الوقت نفسه، يعاني الضحايا والمجتمع بشكل عام من فقدان الثقة في نظام العدالة وهو ما نعيشه اليوم في المحاكم المغربية. فالمواطن ولو أنها مظلوم وله من الحجج الكثير فإنه يدخل المحكمة غير مرتاح ومرعوب لأنه على يقين أن العدالة الفاسدة تحول الظالم مظلوما والعكس. عندما يعرف الناس أن هناك انتشار لشهود الزور وسماسرة المحاكم، يصبحون مترددين في التعاون مع السلطات القضائية وتقديم الشهادات الحقيقية. هذا يعرقل سير العدالة ويعطل التقدم في إجراءات التحقيق والمحاكمة.
وللتصدي لهذه الظاهرة المقلقة، هناك حاجة إلى إصلاحات جذرية في النظام القانوني والإداري في المغرب. أولاً وقبل كل شيء، يجب إقتلاع كل فاسد كيفما كان منصبه لأن العدل أساس الملك. مع تعزيز الشفافية والمساءلة في العمل القضائي. وتوفير آليات مستقلة لرصد ومراقبة سلوك الشهود والمحامين والسماسرة و القضاة وتقييم صحة الشهادات المقدمة.
علاوة على ذلك، ينبغي تشديد العقوبات على شهود الزور وسماسرة المحاكم وكل من يتعامل معهم. بل يجب أن يواجهوا عقوبات رادعة تنعش روح العدالة وتحد من نشاطهم الضار. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز الوعي القانوني للمجتمع وتثقيفهم حول خطورة هذه الظاهرة والتبليغ عن أي حالة اشتباه.
أيضًا، يجب تعزيز دور القضاء في توجيه الأطراف ذات العلاقة والمحامين بضرورة احترام الأخلاقيات المهنية وتقديم الشهادات الصادقة والموثوقة. يجب أن يكون هناك ضمانات لحماية الشهود الحقيقيين والتحقيق في أي تهديدات أو ترهيب يتعرضون له، مع الاخلاء التام لمحيط المحاكم، فحتى بائع “الزريعة” بات يمتهن السمسرة والاخطر ان المحام والقاضي يتعاملان معه ويعتمدان عليه في تسهيل العمليات المالية. ففي المغرب ى تستغرب عندما تسمع أن الحكام تصدر قبل أن ينطق بها القاضي “والفاهم يفهم”.
وبالاعتماد على هذه الإصلاحات، يمكن أن يتم تقليص انتشار شهود الزور وسماسرة المحاكم في المغرب واستعادة الثقة في نظام العدالة. بالتأكيد، يتطلب ذلك جهودًا متعددة وتعاونًا فعّالًا بين السلطات القضائية والقانونية والمجتمع المدني والاعلام الذي لا يعتبرونه شريكا بل عدو لهم.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز الوعي القانوني للمواطنين وتثقيفهم حول حقوقهم وواجباتهم في نظام العدالة. يجب أن يتم توفير الإرشاد القانوني والمعلومات اللازمة للمجتمع لكي يكونوا قادرين على التعرف على الظواهر السلبية مثل شهود الزور وسماسرة المحاكم والإبلاغ عنها.
زد على ذلك، يجب على السلطات المعنية توفير حماية ودعم للشهود الحقيقيين الذين يقدمون شهادات صادقة وموثوقة، وليس كشفهم أو التنمر عليهم كما يحدث ببلانا حتى بات المواطن الصالح يخشى الشهادة. يجب توفير آليات لحمايتهم وأسرهم من التهديدات والترهيب، وينبغي توفير بيئة آمنة تشجعهم على التعاون مع السلطات القضائية والامنية.
وبالتالي فإن عملية مكافحة انتشار شهود الزور وسماسرة المحاكم في المغرب تتطلب أيضًا توفير التدريب والتأهيل المهني للقضاة والمحامين والعاملين في النظام القضائي الغير الفاسدين. ويجب تعزيز الأخلاقيات المهنية وتوفير المعرفة والمهارات اللازمة للتعامل مع حالات شهود الزور ومكافحتها بفعالية.
في النهاية، يجب أن يكون التركيز على تعزيز العدالة وحماية حقوق الأفراد وضمان سلامة نظام العدالة. يتطلب ذلك إصلاحات هيكلية وتشريعية قوية، والتعاون بين السلطات المختلفة والمجتمع المدني، والوعي العام بخطورة هذه الظاهرة. إن مكافحة انتشار شهود الزور وسماسرة المحاكم في المغرب يتطلب إجراءات متعددة وشاملة. يجب أن تشمل هذه الإجراءات:
- تشديد التشريعات : يجب أن تكون هناك قوانين صارمة تجرم شهود الزور وسماسرة المحاكم، وتحدد عقوبات رادعة لهذه الأفعال. يجب أن تتضمن هذه التشريعات أيضًا آليات لحماية الشهود الحقيقيين وتشجيعهم على التعاون مع السلطات القضائية.
- تعزيز الرقابة والمراقبة : يجب أن تقوم السلطات القضائية والمؤسسات ذات الصلة بمراقبة سلوك الشهود والمحامين وكذلك التحقيق في أي تقارير مشتبهة أو تلميحات تشير إلى وجود شهود زور أو سماسرة محتملين.
- تعزيز الوعي القانوني : يجب توجيه حملات توعية وتثقيف مكثفة للمجتمع بشأن خطورة شهود الزور وسماسرة المحاكم. يجب أن يتم توضيح العواقب القانونية لهذه الأفعال وضرورة التبليغ عن أي حالة اشتباه، وهذا طبعا دور الاعلام بتأطير من القضاء جنبا الى جنب.
- تعزيز النزاهة والأخلاقيات المهنية : يجب أن تضع السلطات القضائية والمحامين والعاملين في النظام القضائي قواعد أخلاقية صارمة وآليات رقابة فعالة لضمان التزام الجميع بمعايير النزاهة والمهنية العالية.
- تطوير التقنية القضائية : يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة في تسهيل عمليات المراقبة والتحقيق وتسجيل الشهادات وتحليلها بطرق علمية. يمكن أن تساهم التقنية القضائية في زيادة شفافية العمل القضائي وتقليل الفرص لانتشار شهود الزور وسماسرة المحاكم. فمن خلال استخدام التكنولوجيا، يمكن توفير نظام قضائي أكثر فعالية وأمانًا، حيث يتم توثيق الشهادات بشكل إلكتروني ويتم تحليلها بدقة عالية لكشف أي تحريف أو تضليل.
فلا يختلف عاقلان، أن مكافحة انتشار شهود الزور وسماسرة المحاكم في المغرب تعد تحديًا كبيرًا يتطلب تعاونًا وجهودًا مشتركة من قبل المجتمع والسلطات القضائية والمؤسسات المعنية. يجب أن يكون الهدف النهائي هو إقامة نظام قضائي يتسم بالنزاهة والعدل والثقة العامة. من خلال تبني الإصلاحات اللازمة وتعزيز التوعية وتطوير الآليات والتقنيات، يمكننا المساهمة في مكافحة هذه الظاهرة السلبية وتعزيز سلامة وشفافية النظام القضائي في المغرب. بدل ما يقع حاليا حتى أصبحنا حديث العالم في الفساد القضائي ومرض العدالة.
كما أنه حان الوقت لإعادة نشر الآية الكريمة بسم الله الرحمان الرحيم “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ” صدق الله العظيم. التي تعلق في قاعة الجلسات خلف القضاة يقرأها المتقاضين والحضور، وهي في الحقيقة وجهها الله سبحانه وتعالى للقضاة وبالتالي يجب ان تعلق أمام أعينهم حتي يقرأوها في كل وقت وحين، ويعلموا حجم الامانة و المسؤولية التي كلفهم الله بها. لكن للاسف ففي المغرب تجد هذه الاية خلف القضاة و لا يرونها اطلاقا.
ختاما أود أن أقول لك من يتحمل مسؤولية عباد الله ورعايا صاحب الجلالة أن يجعل الأية 49 من سورة الكهف نصب عينيه، بسم الله الرحمان الرحيم (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). صدق الله العظيم.