المصطفى الجوي – موطني نيوز
عيد مبارك وربما سعيد..وهو اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من مايو من كل عام، والذي تعمدت ألا أتحدث عنه في حينه، وهو مناسبة للاحتفال بأهمية الصحافة في تعزيز الحريات العامة والديمقراطية في العالم. إن حرية الصحافة هي حق أساسي للإنسان، وتعد من أهم الحقوق التي تساعد على تحقيق المساءلة والشفافية في المجتمعات.
ومع ذلك، فإن حرية الصحافة تواجه اليوم تحديات كبيرة في العديد من البلدان حول العالم. وتشمل هذه التحديات القيود على حرية التعبير والصحافة والمضايقات والاعتقالات التعسفية للصحفيين والتهديدات بالعنف والتحريض ضدهم.
ويعتبر العام الماضي كان من بين الأكثر صعوبة لحرية الصحافة حول العالم، حيث أدت الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا إلى زيادة التحديات التي يواجهها الصحفيون في ممارسة عملهم بشكل آمن وفعال. وتضمنت هذه التحديات ضغوطًا على حرية الصحافة، بما في ذلك تعرض الصحفيين للعنف والتهديدات بالاعتداء من قبل السلطات الحكومية أو من الأفراد المتطرفين.
ومع ذلك، فإن هناك جهوداً دولية كبيرة تبذل حول العالم للحفاظ على حرية الصحافة ودعم الصحفيين في ممارسة عملهم بشكل آمن وفعال. وتعمل المنظمات الحقوقية والصحفية المعنية على رصد وتوثيق الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الصحافة، وضغط الحكومات لإطلاق الصحفيين المعتقلين بشكل تعسفي، والمطالبة بتعزيز قوانين حرية الصحافة وحماية الصحفيين في القانون.
وفي هذا السياق، يلعب المجتمع المدني دورًا هامًا في دعم حرية الصحافة والصحفيين في جميع أنحاء العالم. فالمدافعون عن حرية الصحافة والحقوقيون والصحفيون المستقلون يستطيعون الضغط على الحكومات لتطبيق المعايير الدولية لحرية الصحافة، وتعزيز الوعي حول أهمية حرية الصحافة وأضرار القيود عليها.
وتعتبر الصحافة الحرة والمستقلة أساسية لتعزيز الحريات العامة ودعم الديمقراطية والتنمية المستدامة. فهي تساعد في نشر المعرفة والوعي وتعزيز النقاش العام حول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وتعد الصحافة أيضًا وسيلة للكشف عن الفساد والانتهاكات والاضطهاد والظلم والتمييز، وتعزيز المساءلة والشفافية في المجتمعات.
وفي الختام، يجب على المجتمع الدولي العمل بجدية أكبر للحفاظ على حرية الصحافة وحماية حقوق الصحفيين في جميع أنحاء العالم. وعلينا جميعًا أن ندعم الصحافة الحرة والمستقلة، ونقف بجانب الصحفيين في ممارسة عملهم بشكل آمن وفعال، ونعمل معًا لتعزيز الحقوق والحريات في مجتمعاتنا.
يمكن القول بأن هناك بعض التقدم في مجال حرية الصحافة في المغرب خلال السنوات الأخيرة، لكن لا يزال هناك الكثير من التحديات والقيود التي تواجه الصحافة في المملكة.
فعلى الرغم من تحسين المرتبة التي حصلت عليها المغرب في تصنيف حرية الصحافة العالمي الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، إذ صعد من المرتبة 135 في عام 2012 إلى المرتبة 80 في عام 2021، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن حرية الصحافة تمتلك المستوى المطلوب. لاننا في عام 2023 نزلنا الى أسفل السافلين بالرتبة 144.
ومن بين القيود التي تواجه الصحافة في المغرب، هي التعرض للتشهير والملاحقة القضائية، والتدخل السياسي والاقتصادي في عمل الصحافيين، وتراجع الحريات في بعض الأحيان عندما يتعلق الأمر بتغطية قضايا حساسة مثل الصراعات الداخلية أو الحراك الاجتماعي.
كما يشير بعض الناشطين والمنظمات الحقوقية إلى وجود بعض القيود الجديدة على الحرية الصحافية، مثل تشديد الرقابة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنع النشر في بعض الحالات بدعوى حماية المصالح الوطنية.
ومن الجدير بالذكر أن الصحافة المغربية تمتلك قدرات ومؤهلات عالية، وتحتوي على صحفيين موهوبين ومنظمات إعلامية متعددة الأصوات. ومع ذلك، يحتاج الصحفيون إلى مزيد من الحماية والدعم لتمكينهم من ممارسة عملهم بشكل آمن وفعال، وتعزيز حرية الصحافة في المملكة.
وكما هو متعارف عليه، يشكل الصحفيون والإعلاميون دورًا هامًا في المجتمعات الديمقراطية، إذ يمثلون ركيزة أساسية لحرية التعبير وحق الجمهور في الحصول على المعلومات. ومع ذلك، يشهد المغرب في السنوات الأخيرة تراجعًا كبيرًا في حرية الصحافة، وزيادة في عدد الصحفيين المسجونين، مما يثير الكثير من القلق بشأن مدى التزام الحكومة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
حيث تعاني الصحافة المغربية من العديد من المشاكل، بما في ذلك التضييق الحكومي والتحديات المالية، ولكن يبدو أن التراجع الحالي في حرية الصحافة يمكن تتبعه إلى عدة أسباب رئيسية.
أولاً، يتعلق الأمر بتشديد القيود على حرية التعبير بموجب القوانين المغربية. ففي عام 2016، تم تشديد قوانين النشر على الإنترنت، مما يعني أنه من الممكن محاكمة الصحفيين والمدونين والنشطاء على الأنشطة الرقمية التي تمارس خارج إطار الإعلام التقليدي. كما أن قانون الصحافة الجديد الذي تم إصداره في عام 2016 يمنح الحكومة سلطات واسعة للتحكم في المحتوى الإعلامي، بما في ذلك إغلاق الصحف وتقييد حرية الصحفيين، وليس هذا فحسب فحتى الإطار القانوني الذي يسمى بالمجلس الوطني للصحافة تم إغتياله وذبحه وتعويضه بلجنة مؤقتة غير منتخبة بل تم تعيينها وهو ما إعبره العديد من المهنيين بخرق الدستور.
ثانياً، يتعلق الأمر بالقمع الذي يمارسه النظام على الحرية الصحافية. فالصحافيون الذين ينتقدون الحكومة أو يكشفون عن الفساد أو الانتهاكات الحقوقية يتعرضون للملاحقة القضائية والتشهير الإعلامي، بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز الإداري والمحاكمات الجائرة. ومن بين الصحفيين المعتقلين في المغرب في السنوات الأخيرة هم حميد المهداوي الذي أطلق سراحه سنة 2020 وعمر الراضي وسليمان الريسوني، بالإضافة إلى توفيق بوعشرين دون الحديث عن معتقلي الرأي الذين تعرضوا للاعتقال والمحاكمات الجائرة بسبب ممارستهم لحريتهم الصحفية أو على خلفية حرية التعبير.
ثالثًا، يتعلق الأمر بتنامي استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي للمراقبة والرقابة على الصحفيين والنشطاء. ففي السنوات الأخيرة، تزايدت استخدام التكنولوجيا في تعقب ورصد ومراقبة الصحفيين والناشطين، ومنعهم من نشر المعلومات والتواصل مع المجتمع المدني والإعلام الدولي، بدليل سجن مدونة بثلاثة سنوات سجنا لكتابتها لتدوينة، هذه الإجراءات التي لم يسلم منها حتى المحامون فمنهم من تم توقيفه عن العمل ومنهم من حكم لمجرد تدوينة قال فيها رأيه، علما أن الدستور يكفل للمغاربة حرية التعبير.
يجب على الحكومة المغربية الالتزام بحماية حرية الصحافة وحقوق الإنسان، والتحرك لإصلاح القوانين القديمة والتأكد من أن القوانين الجديدة لا تقيد الحريات الصحفية. كما يجب أن تعمل الحكومة على إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين بسبب ممارستهم لحريتهم الصحفية، وضمان إجراءات قضائية عادلة وشفافة للجميع. ويتعين على المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية دعم حرية الصحافة وحقوق الإنسان في المغرب والعمل على إنهاء التضييق على الصحافة والنشطاء.
وكل عام ونحن لسنا بخير حتى نحتفل فعلا باليوم العالمي بحرية الصحافة.