
المصطفى الجوي – موطني نيوز
باتت الفوضى هي العنوان الأبرز لعدد من القطاعات بمدينة “السيبة” بنسليمان، على مرأى ومسمع من الجميع، وكأن لسان حال هذه المدينة الهادئة سابقاً يقول : “افعلوا ما يحلوا لكم، فلا قانون يسود ولا رقابة تردع”. ولعل أبرز تجليات هذا الوضع هو “التفريخ” غير المسبوق لمراكز تعليم اللغات، وحصص الدعم المدرسي، وما يسمى بـ “الدورات التكوينية” التي تنبت كالفطر في كل زاوية.
فلم يعد تأسيس “مركز” يتطلب أكثر من استئجار شقة أو مرآب، أو كما يُقال بالعامية، “جي، كري بيت، وهانت عندك مركز اللغات والتكوين”. لكن ما أثار انتباهنا في “موطني نيوز” ونحن نتصفح العالم الأزرق، هو إعلان يمثل قمة جبل الجليد لهذه الفوضى.

يُعلن القائمون على صفحة ما “بشرى” لسكان المدينة، عن انطلاق “دورة تكوين الأساتذة والمربيات (روض وابتدائي)”، وأن التكوين سيكون حضورياً بمدينة بنسليمان. ويَعِدُ الإعلان بأن هذا التكوين سيمكن المستفيدين من “العمل في المدارس الخاصة والاستعداد الجيد لمباريات تعليم الأولي والابتدائي”، مع دعوة صريحة لـ “حجز المقعد”.
لكن الكارثة الحقيقية والطامة الكبرى التي يختم بها الإعلان، هي الوعد بـ “الحصول على دبلوم معتمد دولياً”.
إن هذا الإعلان لا يثير الاستغراب فقط، بل يضعنا أمام أسئلة جوهرية ومقلقة :

أولاً، إذا كانت غرفة أو غرفتين في شقة بمدينة “السيبة” بنسليمان قادرة على تكوين “أساتذة ومربين”، فما هو دور المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين (CRMEF) صاحبة الاختصاص الحصري في تكوين الأطر التربوية؟
ثانياً، هل يتوفر هذا “المركز” المزعوم، أو من يدعي تنظيم هذا التكوين، على ترخيص من الوزارة الوصية؟
وثالثاً، ما هو رأي وموقف المديرية الإقليمية للتربية والتعليم في بنسليمان، وهي الممثل المحلي للوزارة، من هذه الإعلانات التي تمس جوهر العملية التربوية؟
إن الأخطر في هذا الإعلان ليس هو التكوين بحد ذاته، والذي يظل محتواه ومستواه مجهولاً، بل هو الجرأة غير المسبوقة في الوعد بـ “دبلوم معتمد دولياً”. نحن هنا نتحدث عن مركز غير معتمد وغير مرخص، وربما غير موجود قانوناً أصلاً، يزعم أنه يسلم دبلومات “معتمدة” وفوق ذلك “دولية”! هذا الأمر يدخل بشكل صريح في باب النصب والاحتيال، وهو ممارسة منافية للقانون تهدف إلى استغلال حاجة الشباب للعمل والشواهد لإغناء سيرتهم الذاتية. ليبقى السؤال الجوهري : هل المكونين ذوي خبرة طويلة وحاملي شواهد عليا معتمدة؟ أم مجرد هواة؟!

لكن للأسف يبدو أن مدينة “السيبة” بنسليمان باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، حتى ولو كانت هذه الاحتمالات هي النصب والاحتيال الصريح. لهذا، فإننا في “موطني نيوز” نحمل المسؤولية كاملة لكل الجهات المعنية ونعني المديرية الإقليمية للتربية والتعليم والسلطات المحلية والجماعة، التي تسمح باستمرار هذه الفوضى وتقف موقف المتفرج ان لم تكن المساند بتغافلها، وهي على علم تام بأن أغلب هذه “المراكز” تعمل خارج أي إطار قانوني أو رقابي. فمتى تتحرك الجهات المسؤولة لوضع حد لهذا العبث بمستقبل شباب المدينة؟