
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في مشهدٍ يبدو كأنه كُتب خصيصاً لمسرح العبث، تستمر فصول التدبير المفوض لقطاع النظافة بمدينة بنسليمان في إدهاشنا. فبعد طول انتظار وترقب، ودّعت المدينة الشركة السابقة “أوزون الشاوية”، لتستقبل بكل تفاؤل شركة جديدة يُفترض بها أن تفتح صفحة ناصعة البياض. لكن التفاؤل، كما يبدو، سلعة لا تعمّر طويلاً في هذه الأنحاء. فها هي الصفقة “التفاوضية” الجديدة، التي رصدت لها ميزانية تقارب 900 مليون سنتيم لستة أشهر فقط، تبدأ بإنتاج مفارقاتها الخاصة.
المواطن الذي كان ينتظر أسطولاً جديداً يلمع تحت الشمس، وجد نفسه يتأمل أسطولاً لا يختلف كثيراً عن سابقه، بل إن المشهد ازداد سريالية حين بقيت حاويات جمع الأزبال في أماكنها، شامخة تحمل اسم الشركة الراحلة “أوزون”. فيا له من تغيير جذري يقتصر على تغيير الاسم في العقود، بينما تبقى الأدوات شاهدة على زمنٍ مضى!
والغرابة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتعمق القصة لتصل إلى كواليس الإدارة، حيث يتردد همساً ثم جهراً عن “دفتر تحملات” رسمي، قيل إنه سافر إلى مصالح وزارة الداخلية، وحظي بالموافقة الوزارية بعد تعديل قيمته السنوية لتستقر عند مليار و 200 مليون سنتيم. لكن يبدو أن هذا الدفتر، في رحلة عودته، قد ضل الطريق في مكان ما بين مكاتب العمالة، ولم يصل أبداً إلى وجهته النهائية ليتحول إلى صفقة عمومية مفتوحة.
هذا الاختفاء الغامض يطرح سؤالاً بسيطاً، لماذا نلجأ إلى الحلول التفاوضية المؤقتة والمكلفة، بينما الحل الدائم والقانوني ينتظر في درج مكتب مجهول؟ فلمصلحة من يستمر هذا الوضع؟ ومن المستفيد الأكبر من بقاء دفتر التحملات الرسمي في “منطقة ضبابية” بعيداً عن أضواء المنافسة الشفافة؟ وهل ستتحول الرقابة إلى ضيف شرف يكتفي بالمشاهدة، بينما تستمر المدينة في دفع ثمن حلولٍ لا تُغير من الواقع شيئاً، سوى اسم الشركة على الفواتير؟