عاجل : انتصار الباعة الجائلين على السلطة المحلية في مدينة “السيبة” بنسليمان

انطلاق تعبئة السوق العشوائي بشارع الحسن الثاني

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

ما حدث في مدينة “السيبة” بنسليمان ليس مجرد تراجع عادي للسلطة المحلية، بل هو استسلام مهين. استسلام يُسجّل في سجل العار لمدينة يُراد لها أن تظل غارقة في فوضى متعمدة، وكأنها عقاب جماعي لساكنة طالما استحقت الأفضل. حملة التحرير الخجولة للملك العام كانت مجرد مسرحية هزلية قصيرة، نفّذها ممثلون مرتجلون، لتنتهي بضحكة مريرة على ذقون المواطنين الذين صدقوا ولو للحظة أن “النوارة” – كما يسمونها في شعاراتهم الاستفزازية – قد فتحت عينيها.

لقد قدمت السلطة المحلية درساً خطيراً في كيف تكون الهزيمة من داخل ما يُفترض أنه معقل القرار. لقد أعلنت الحرب على الفوضى ثم رفعت الراية البياء بعد أربعة وعشرين ساعة فقط. أربعة وعشرون ساعة لم تكفِ حتى لالتئام جراح الباعة الجائلين “المظلومين” في قاموس المخربين والعدميين! لقد خرج الباعة محتجين بشعاراتهم التي اخترقت حاجز الأدب والاحترام، “بنسليمان يا نوارة خرجو عليك الشفارة”، وهو شعار يقول بكل وقاحة : نحن من يحكم هنا، ونحن من يفرض شروطنا. والغريب، بل المُريب، أن السلطة لم تكتفِ بالاستماع لهذا الشعار، بل استجابت له استجابة سريعة! لم تنتظر حتى تهدأ النفوس، بل سارعت إلى فك الحصار عن زنقة أمكالة، تلك الوصمة التي لا تزال تشوه وجه المدينة، وسمحت بغزو شارع الحسن الثاني من جديد، وبوتيرة أكثر شراسة، وكأنها مكافأة للباعة على “نجاح” احتجاجهم.

هذا الاستسلام السريع والمذل يطرح أسئلة محرجة تبحث عن إجابات شجاعة، هل كانت الحملة أصلاً مجرد ديكور لإرضاء صوت الغضب العابر لدى الساكنة؟ أم أن هناك “جهات” معينة – تُخفيها السلطة خلف ستار الباعة الجائلين – هي من تضغط وتقرر وتوجه المشهد من خلف الكواليس؟ من المستفيد من بقاء مدينة “السيبة” بنسليمان، عاصمة الإقليم، على حالها كقرية نائية تعج بالفوضى والاستباحة؟ لماذا يُراد لهذه المدينة أن تظل متخلفة، وأن يكون شارعها الرئيسي الوحيد سوقاً عشوائياً يقطع الأنفاس؟

الرسالة التي أرسلتها السلطة المحلية واضحة، قوتكم، أيها الباعة، تفوق قوتنا. تحركاتكم، أيها المنظمون الخفيون، أقوى من قراراتنا الرسمية. لقد انتصرتم في الشوط الأول، وها هي الملكية العامة تُقدم لكم على طبق من ذهب. أما المواطن البسيط، فمكانه الطبيعي هو المراقبة من بعيد، واحتساء كأس الإحباط اليومي، والانتظار في زحام لا ينتهي لأن “جهات خفية” هي من تحدد مسار حياته.

فتهانينا للباعة الجائلين على انتصارهم المدوي. انتصار كشف أن السلطة المحلية هناك من يعرقل تحركها خاصة وان الانتخابات قريبة، وأن الفوضى هي الحاكم الفعلي. ولهذا نقول وفي قلوبنا غصة : إذا كنا لا نقدر على تنظيم شارع، فكيف لنا أن ننظم مدينة؟ استمتعوا بمشهد الانتصار المؤقت، فالشوط الثاني قادم، والساكنة تراقب، والتاريخ سيحكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!